وصف الكاتب الأمريكي دويل مكمانوس مَن يحاولون الاستعانة بالتعديل الـ25 من الدستور الأمريكي للتخلص من الرئيس دونالد ترامب قبل انتهاء فترته الأولى - بـ"الحالمين".
ورصد مكمانوس -في مقاله بصحيفة (لوس انجلوس تايمز)- تحذيرات أطلقها منتقدو ترامب قائلين بعدم أهليته للاضطلاع بمهام منصبه، وربما بخطورته في ذلك المنصب؛ ورأى مكمانوس أن ذلك وإنْ كان حُكمًا قاسيًا من منتقدي ترامب،إلا أنه لم يعد يصدر عن هؤلاء المعارضين فقط وإنما بات يصدر كذلك عن أعضاء بارزين في حزبه الجمهوري.
ونقل عن بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ، القول مؤخرا: "قد نكون في طريقنا لحرب عالمية ثالثة بفضل نوعية التعليقات التي يصدرها ترامب"؛ علما بأن كوركر كان من المؤيدين لترامب في حملته الانتخابية؛ ورأى مكمانوس أن السيناتور كوركر بقوله هذا، إنما هو يُجاهر بما تُخافِت به شخصيات أخرى في صفوف الحزب الجمهوري؛ وقد وصف وزير الخارجية ريكس تلرسون رئيسه بـ"الأحمق"؛ فيما استخدم آخرون في وصْف ترامب ألفاظا لا يسمح بها الرقيب.
ومن ثمّ، رأى كاتب المقال، أنه ليس مدهشا إذن أن تتجدد التكهنات بشأن إحتمال إقدام الكونجرس على الإطاحة بترامب من منصبه قبل انتهاء فترته الرئاسية الأولى؛ وبحسب أحد التقارير، فإن المستشار السابق بالبيت الأبيض ستيف بانون، حذر ترامب من أنه يغامر بالتعرض للإطاحة به بموجب التعديل الـ 25 من الدستور الأمريكي.
ونوّه مكمانوس عن قانون "العزل" الذي بمقتضاه يمكن للكونجرس أن يطيح بالرئيس -بعد بحث طويل ومحاكمة رسمية- على خلفية ارتكابه جرائم ومخالفات خطيرة؛ ويبدو التعديل الـ 25 للدستور واعِدًا لدى البعض، لكن هذا يأتي من قبيل التمني. ونقل الكاتب عن جيفري روزين، رئيس مركز الدستور الوطني، القول إن "استدعاء التعديل الـ 25 من الدستور الأمريكي ليس بالأمر اليسير بل هو أصعب من العزل"؛ وهذا يفسر عدم محاولة أي من خصوم الرئيس الإقبال على اتخاذ مثل هذا التدبير من قبل.
وقد تمّ اعتماد هذا التعديل عام 1967، ليقدّم حلا دستوريا حال فقدان الرئيس الأهلية بتعرضه للإصابة أو المرض؛ وقد تمت صياغته غداة اغتيال الرئيس كينيدي عام 1963، عندما رأى أعضاء من الكونجرس أن رئيسا مصابا ويعيش في غيبوبة قد يظل هو المسؤول الوحيد المتحكم في الترسانة النووية للبلاد.
وتقول المادة الرابعة من التعديل إنه في حال قرّر نائب الرئيس وأغلبية الحكومة أن الرئيس "غير قادر على الاضطلاع بصلاحيات ومهام منصبه"، فإنه يكون بإمكانهم إخطار الكونجرس أن يتولى نائب الرئيس المسؤولية؛ وإذا ما اعترض الرئيس على القرار، عندئذ يمكن للكونجرس أن يصوّت على الأمر؛ وفي تلك الحال فإن أغلبية الثلثين في كلا مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ) تكون متطلَبة للإطاحة بالرئيس من منصبه.
ورأى مكمانوس أن ثمة سببين يجعلان تلك الآلية مستبعدة في الاستخدام ضد ترامب: أحدهما، وهو الأهم، أن التعديل الـ 25 من الدستور كان قد صِيغ بناء على تصوّر أنْ يكون عدم الأهلية سببه مرض طبي وليس عدم أهلية للمنصب بشكل عام.
وفي هذا الصدد، يقول جون فيريك، الأستاذ بكلية فيردهام للحقوق وهو أيضا قد أسهم في صياغة هذا التعديل: "عند قراءة المداولات، لن تجدها تتضمن (عدم الشعبية) أو (ضعف التمييز) أو (عدم الكفاءة) أو (الكسل) أو (السلوك الإجرامي) - إن أيا من ذلك لم تتضمنه المداولات" الخاصة بالتعديل الـ 25 من الدستور.
إذن، بحسب الكاتب، سيؤول الأمر إلى نائب الرئيس والحكومة والكونجرس لتقرير ما إذا كان الرئيس "غير قادر" على القيام بمهام منصبه، ولكن إذا لم تكن عدم القدرة هذه واضحة وضوح الشمس، فإن هؤلاء لن يفكروا في إثارة الأمر والمخاطرة بمستقبلهم السياسي وهم المدينون للرئيس بالإتيان بهم وتعيينهم في تلك المناصب.
وخلص الكاتب إلى أن أفضل الطرق العملية التي يمكن أن يسلكها خصوم ترامب للإطاحة به تظل هي الطريقة التقليدية: بالتصويت ضده في انتخابات 2020، سواء في انتخابات الجمهوريين التمهيدية أو في الانتخابات العامة؛ أما سلوك طريق التعديل الـ 25 من الدستور للوصول لتلك الغاية فإنه الأصعب على الإطلاق.