"طعام بطعم الدم".. مأكولات أدعت إسرائيل أنها تعود لها.. الدعاية "الصهيونية" تسرق التراث الفلسطيني

كتب : سها صلاح

تخيل أن تجد نفسك فجأة على أرضٍ لم تسكنها يومًا، جئت الآن وهنا بدأت البحث عن هوية جديدة، أنت قادم من روسيا، ومعك آخرون من أنحاء أمريكا وأوروبا وإفريقيا وبولندا، وأثناء بحثكم جميعًا عن هوية تجمعكم تصطدمون بكتلةٍ كبيرة وصُلبة تُسمى "الشعب الفلسطيني"، هكذا بدأ تقرير التايمز البريطانية.

-فلسطيني يزرع ليأكل إسرائيلي

تصطدمُ كتلتك القادمة من كل ناحية في العالم بشعب كالشعب الفلسطيني، شعب في كل بلدة من بلداته زي شعبي يختلف عن زي البلدة الأخرى، وكل بيت فيه يعرف "المسخن" ويحفظُ طعمه ومكوناته ؛ فهو يُعايشها بفصولها ومواسمها يومًا بيوم، ثم يحصدها ويُعدها بيده، و"المكلوبة" و"الحمص والفلافل"،و"الشكشوكة".

لم تكن الرواية الإسرائيلية صحيحة بالطبع، فادعت أنها مأكولات إسرائيلية، قالت الصحيفة بأن هذه الحملة الإسرائيلية لحيازة هذه الأكلات بدأت منذ 30 عامًا تقريبًا، ولم تتوقف حتى اليوم.

الدعاية الإسرائيلية

لإسرائيل طرقها في نشر روايتها عن طعامها وأصله، ومن أكثر طرقها رواجًا الطبق الوطني في إسرائيل، أعلنت إسرائيل أن "الحمص" طبقها الوطني، أي أنه طبق إسرائيلي أساسي في الثقافة الإسرائيلية ومطبخها، وأثارت بذلك جدلًا واسعًا حول أصل الحمص.

من الواضح أن المعركة ليست معركة على طبقٍ من طعام، ولكنها معركة أوسع وأعمق بكثير، على الأقل هذا ما يُعبر عنه السلوك الإسرائيلي في ترويجه للأطباق الفلسطينية والعربية على أنها أطباق إسرائيلية، تأتي من بلد تأكل الحمص، وتمارس في نفس الوقت فصلًا عنصريًا واستهدافًا للأطفال.

في وقت لاحق أطلقت جهات إسرائيلية «يوم الحمص العالمي»، الذي يوافق تاريخ 13 مايو من كل عام، وفي خريطة الحمص تظهر إسرائيل كراعية عالمية للحمص بـ69 نقطة لبيع وإنتاج الحمص، و3 نقاط فحسب في العالم العربي، عالم الحمص والفلافل.

-شكشوكة بطعم الدم

"الشكشوكة" مساحة صراعٍ آخر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، حيث اختارت إسرائيل الشكشوكة كطبق وطني لها، وروجت له حول العالم على أنه طبق إسرائيلي أصيل.

وتقول الصحيفة أن الشكشوكة أصلها عربي من شمال إفريقيا والشرق الأوسط، وتُضيف مصادر أخرى بأن يهود ليبيا والمغرب تحديدًا هم من جلبوها معهم إلى إسرائيل.

وفي موقف غريب يقول الصحافي الإسرائيلي ليل ليبوفيتز إنه لا يحق للمغرب أن تنسب الشكشوكة لنفسها، ويقر في نفس الوقت بأن الشكشوكة أتت من المغرب، مُتناسيًا أن اليهود العرب كانوا عربًا قبل إسرائيل.

لكن أي ملامح يُمكن لمطبخ كالمطبخ الإسرائيلي أن يحويها، إلا أن تكون ملامح عربية؟ رونيت فيريد، كاتبة طعام إسرائيلية في صحيفة "هآرتس"، كتبت مقالًا بعنوان "هل يمكن أن تُسمى الحمص والفلافل بأطباق إسرائيلية؟" هاجمت في مقالها كتابًا إسرائيليًا نُشر في 2015 يتحدث عن وصفات المطبخ الإسرائيلي المُعاصر.

على سبيل المثال؛ في وارسو، عاصمة بولندا، تُوجد سلسلة مطاعم باسم "طعام تل أبيب المدني tel aviv urban food".

وفي لندن وحدها ما يزيد عن 15 مطعمًا يُقدم طعامًا عربيًا وفلسطينيًا على أنه طعام إسرائيلي، أما باريس فتحوي مطاعم عديدة للطعام الإسرائيلي، يُقدم بعضها "الفتوش" وحتى "الزعتر"، وتُقدم هذه الوجبات في المطعم الذي يُعلن أنه مُخصص للـ"مأكولات الإسرائيلية".

هذه قصة تروي استيلاء الدولة الإسرائيلية على أرض طفل فلسطيني، ثم لباسه، ثم طعامه؛ في محاولة لسحب الأرض والهويّة من تحت هذا الطفل الذي لم يُعلّمه جده أن كل ما يراه ليس إسرائيليًا.

هل كان صحن الحمص نزاعًا بين شعبين على طبق طعام؟ وهل انزعج الفلسطينيون حقًا من انتشار طعامهم حول العالم؟ أم انزعجوا من الرواية الإسرائيلية، التي لم تفتأ تروّج في العالم لفكرة السلام وهي تخوض حروبًا دمويّة مع الفلسطينيين.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً