فعّلت حكومة إسبانيا، السبت، المادة 155 من الدستور، التي تقيد الحكم الذاتي لإقليم كتالونيا. وينتظر أن يوافق مجلس الشيوخ لاحقا على هذا التفعيل الذي يفاقم الأزمة بين مدريد والإقليم.
وأفاد مراسلنا أن مجلس الوزراء الإسباني الذي انعقد اليوم السبت، قرر تفعيل المادة 155 من دستور البلاد، التي تسمح بتقييد الحكم الذاتي لجميع المناطق الإسبانية التي تتمتع بنوع من الإدارة الذاتية.
ويبدو أن الود المفقود بين رئيس الوزراء الإسباني، ماريانو راخوي، ورئيس الحكومة الوطنية في كتالونيا، كارليس بوتشديمون، ورفض الأول للحوار بعد تصويت الإقليم على الاستقلال، فاقم الأزمة ودفع بها نحو مزيد من التصعيد، خصوصا أن تفعيل المادة 155 من الدستور الإسباني يعيد الأزمة إلى المربع الأول.
ويعتبر تفعيل هذه المادة الدستورية سابقة في إسبانيا، كونها لم تطبق أبدا منذ اعتماد الدستور في العام 1978. ولذلك، ليس هناك في إسبانيا اليوم من يمكن أن يقول بدقة كيف يمكن استخدام هذه المادة الدستورية في الممارسة العملية، وما هي المفاعيل القانونية المترتبة على تفعيلها.
على ماذا تنص المادة 155؟
تنص هذه المادة على أنه يجوز للحكومة، بموافقة الأغلبية المطلقة لمجلس الشيوخ، أن تتخذ التدابير اللازمة لإجبار المجتمع المتمتع بالحكم الذاتي على الوفاء بالالتزامات المذكورة في الدستور أو القوانين الأخرى، إذا كان المجتمع المستقل لا يفي بهذه الالتزامات، أو أفعاله تسبب ضررا خطيرا للمصالح الوطنية لإسبانيا.
كما يجوز للحكومة، لدى تنفيذ التدابير المنصوص عليها في الفقرة السابقة، إصدار أوامر مناسبة إلى أي سلطات تابعة للمجتمعات المحلية المتمتعة بالحكم الذاتي.
وقال رئيس الوزراء الإسباني، في مؤتمر صحفي عقده في بروكسل، أمس الجمعة:إن الهدف هو "استعادة حكم القانون في كتالونيا".
وأكد راخوي أن هناك إجماعا وطنيا على استخدام المادة 155، وقال إن "هذا الأمر لا يدعمه فقط حزب الشعب الذي يقوده، بل أيضا حزب العمال الاشتراكي الإسباني المعارض، والحزب الوسطي (المواطنون) ".
ووفقا للخبراء، فإن تطبيق هذه المادة قد يعني حرمان أعضاء الحكومة الكتالونية من جزء من سلطاتهم أو استبدال بعضهم أو جميعهم بممثلين عن السلطات المركزية في مدريد.
وبالإضافة إلى ذلك، يدعي الحزب الاشتراكي أن تفعيل هذه المادة الدستورية، قد يطال شبكة الإذاعة والتلفزة المحلية في الإقليم TV3، التي تدعم الانفصاليين علنا، وكذلك جهاز الشرطة المحلية "موسوس دي أيسكادرا" Mossos d'Esquadra، بعد اتهامه بعدم تنفيذ أوامر المحاكم ومكتب المدعي العام لمنع التصويت في الاستفتاء حول الاستقلال قبل نحو أسبوعين.
الملك يؤيد المادة 155
وكان الملك فيليب السادس قد أيّد في الواقع تفعيل المادة 155 من الدستور. وقال مساء الخميس في حفل توزيع جوائز "جائزة أميرة أستورياس". إن على "إسبانيا مواجهة محاولة غير مقبولة لفصل جزء من أراضيها الوطنية، وعليها أن تقرر استخدام المؤسسات الديمقراطية المشروعة، واحترام دستورنا وفقا للقيم والمبادئ الديمقراطية البرلمانية التي نعيش في ظلها منذ 39 عاما".
وأكد أن كتالونيا ستظل جزءا لا يتجزأ من إسبانيا.
وبعدما قررت الحكومة المحافظة في إسبانيا تفعيل المادة 155 من الدستور، فإنها لن تواجه أي عقبات برلمانية، إذ أن حزب الشعب الحاكم يملك أغلبية مطلقة داخل مجلس الشيوخ الذي عليه أن يشكل لجنة من 27 عضوا، يمكن أن تعقد اجتماعها الأول على الأرجح يوم الاثنين، لتقوم بعد ذلك باستدعاء الزعيم الكتالوني، كارليس بوتشديمون، لتقديم حججه لعدم تطبيق المادة 155 من الدستور، وكذلك التحدث شخصيا أمام مجلس الشيوخ.