توازي أرباحها الأرباح الواردة من تجارة السلاح والمخدرات، فهي التجارة الأكثر رواجًا وإدرارًا للربح بعدهما.. إنها تجارة الأدوية، والتي يتحكم بها نظام ما يسمى بـ "البوكسات" في خط سيرها داخل سوق الدواء المصري.
وتخصص وزارة الصحة والسكان، فيما يسمى بنظام "البوكسات"، صناعة 12 مثيلًا من كل دواء لبعض الشركات عن طريق مزاد علني، ما يؤدي إلى احتكار صناعة الدواء لصالح شركات بعينها، وحرمان غالبية الشركات الأخرى من المنافسة، ما يصب في صالح كبار التجار وشركات الأدوية.
وكان النائب محمد السويدي، قد فتح أمس النار على وزير الصحة، وذلك فى الجلسة العامة لمجلس النواب، لافتا إلى أن الوزارة بها إجراءات تعسفية، أبرزها احتكار الأدوية لشركات بعينها، وهى التي تتحكم في تحريك أسعار الدواء حسب رغبتها، مطالبًا باتخاذ موقف واضح، بإلغاء نظام "البوكسات" والذى بموجبه يتم احتكار صناعة الأدوية.
وفي تصريحات له أمس، قال الدكتور خالد مجاهد، المتحدث باسم وزارة الصحة، إن الوزير الدكتور أحمد عماد الدين، ألغى نظام البوكسات، والذي كان يشغل أماكن داخل إدارات الصيدلة دون جدوى، ويحرم المواطنين من الاستفادة من المستحضرات الجديدة، مؤكدًا أن الوزير يعمل على إعادة ميكنة نظام الصيدلة، لمنع أي تلاعب، ولتقديم الخدمة الجيدة إلى المواطن، وأن الشركات الجديدة التي ستتقدم للحصول على مستحضر جديد، سيجدولها "السيستم" الجديد ويظهرها على الفور.
وأكد، أن هناك مشروع قرار لهيئة دواء وتم عرضه على مجلس الوزراء، ومن بعده سيتم عرضه على مجلس النواب، وقرار إنشاء الهيئة سيساهم في إنهاء العديد التي نواجهها في موضوع الأدوية".
وفي هذا السياق، علق محمود فؤاد، مدير المركز المصري "للحق في الدواء"، على الاتجاهات التى ظهرت أمس في مجلس النواب المصري، المؤيدة لإلغاء القرار الوزاري ٢٩٦ لعام ٢٠٠٩، الخاص بتأسيس نظام لصناديق الدواء لكل صنف "البوكسات"، قائلا إن القرار تأخر كثيرا، مؤكدا أن المركز نادى بتنفيذه أثناء لجنة استماع بمجلس النواب حدثت من ٨ شهور.
وأضاف "فؤاد" في تصريح لـ "أهل مصر" أن القرار الوزاري حدد لكل صنف ١٠ مستحضرات محلية وهو نظام لم يكن معمولا به في دول العالم، مؤكدا أن نظام "البوكسات" هو السبب الأكبر في 75% من مشاكل الأدوية في مصر، مشيرا إلى أن القرار تسبب في وجود أزمة فعلية بملف الدواء المصري، ما أدى للإخلال بمبدأ إتاحة الأدوية كحق دستوري لكل مواطن.
وتابع: "أدت أزمة الأدوية إلى ظهور سوق موازٍ للسوق الرسمي "السوق السوداء"، بفضل الممارسات الاحتكارية التي أظهرتها شركات بعينها، وامتلكت حق تصنيع المستحضر، لتخرج في الأزمات وتهدد بوقف الإنتاج، للضغط على الحكومة لتحريك الأسعار"، مضيفا أن وزارة الصحة عجزت فعليا عن التصدي لمثل تلك الأفعال، ليستغل تجار السوق السوداء الموقف ويرفعون أسعار المستحضرات المختلفة.
وأشار مدير المركز المصري "للحق في الدواء"، إلى أن المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء السابق، اتخذ قرارًا تاريخيًا بإنتاج مصر لأدوية الفيروسات الكبدية، واستثنائها من نظام "البوكسات"، نظرًا لأهميتها، وبالتالي تم استثناء زيادة أسعارها، مضيفا أنه وحسب القانون 296، فقد كان من المقرر أن يكون سعر دواء السوفالدي المصري 8600 جنيه، في قرار كان سيؤدي لهامش ربح كبير للشركات ضد مصلحة المواطن، إلا أن قرار "محلب" أدى لدخول كافة الشركات في خط الإنتاج مع تحديد سعره بـ2600 جنيه، ما أدى لمنافسة قوية بين الشركات وبعضها البعض، ليصل السعر إلى 600 جنيه فقط الآن، وهذا في مصلحة المواطن.
ولفت "فؤاد"، إلى أن قرار إلغاء نظام "البوكسات" في صالح المريض المصري ويجبر الشركات على العمل الجيد، حيث يطبق عقوبات على الشركات التي تتوقف عن تصنيع الأدوية الرخيصة ويخرجها من السوق، مع إضافة شركات جديدة إلى خطوط الإنتاج، مؤكدًا أنه لابد من الإعلان عن آلية تطبيق القرار الجديد، حتى لا تشوبه شائبة الفساد، حيث أنه من الممكن أن تدخل شركة واحدة بأكثر من اسم، لتستحوذ على شرائح أسعار مختلفة، وبالتالي نعود لنفس النقطة وهى احتكار شركة واحدة للمنتج، مطالبا بميكنة كافة أعمال إدارة الصيدلة لحفظ حقوق الشركات وإيجاد فرص متساوية بينهم.
فيما قال الدكتور صبري الطويلة، رئيس لجنة الحق في الدواء بنقابة الصيادلة، وعضو اتحاد الصيادلة العرب، إن الشركة المصرية لتجارة الأدوية كانت تستورد كل الأدوية الحيوية التي تحتاجها الدولة، لكنها تراجعت وفقدت دورها، وخسرت الكثير، غير أن لها ما يزيد عن مليار و600 آلاف جنيه مديونيات عند وزارة الصحة، مؤكدًا أن سياسة الوزارة كانت تخسير شركات قطاع الأعمال لصالح أصحاب الأعمال، المنتفعين من نظام "البوكسات"، وأن ما يقوم به وزير الصحة، لا يصب في مصلحة القطاع الطبي والدوائي المصري، وإنما يصب في مصلحة أصحاب "البوكسات" ورجال الأعمال، وأعضاء غرفة صناعة الدواء.
وفيما يخص اقتراح إلغاء العمل بنظام البوكسات، شكك "الطويلة" في تصريحات لـ "أهل مصر" في الهدف من إصداره، مشيرا إلى أن قد يكون لصالح فئة بعينها، مشددًا على ضرورة عرض المقترح أولا على نقابة الصيادلة، تطبيقا للقانون الذي يكفل الحق لها في المشاركة بالقرارت التي تخص قطاع الدواء.
وطالب رئيس لجنة الحق في الدواء بنقابة الصيادلة، بمشاركة كافة أطراف صناعة الأدوية، في عملية المناقشة والدراسة قبل التطبيق، مضيفا أن فرق السعر ليس هو السبب وراء توفير الصنف من عدمه، بقدر ما يحتاجه ذلك من احترام للقوانين الوزارية، التى لا يلتزم بها أغلب الأطراف.