أكد إيهاب سمرة رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "المصريين الأحرار"، أن قانون الخدمة المدنية يُعد أول خدش في جبل ضعف الإنتاجية المصرية، مشيرًا إلى أن قوانين العمل التي وضعتها البرلمانات السابقة كانت وفقًا لمذهب الحاكم الذي كان يعطي رشوة للجمهور من أجل حصد أصواته.
وأوضح سمرة أن أقرب دليل على قوانين العمل هو ما يعرف بـ "حجز الوظيفة " والتي كانت عبارة عن استفادة الموظفات بإجازة رعاية طفل لمدة سنتين، وفي حالة ذهاب زوجها للعمل في الخليج تأخذ إجازة مرافقة زوج كانت مدتها 12 عاما أيضًا، فضلا عن رعاية أم عجوزة لمدة سنة، فنجد أنها إذا تم تعيينها اليوم وحصلت على 15 سنة إجازة، تعود لتأخذ نفس الدرجة الوظيفية التي عليها إحدى زميلاتها التي تم تعيينها في نفس الوقت، وهنا واحدة تغيبت عن العمل لمدة 15 عامًا ورجعت مديرة وهي لم تخدم في العمل.
وأضاف رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "المصريين الأحرار"، أن تلك الطريقة التي أدت إلى تدهور "ماسبيرو"، والقطاع العام، مشيرًا إلى أن علاقة العامل بالعمل كانت متحيزة وتقوم على رشوة العامل والموظف.
وذكر أن قانون الخدمة المدنية هدفه إصلاح ذلك الخلل في مبدأ علاقة العامل بالعمل، ويُعد الجيل الأول من قوانين الإصلاح، مؤكدًا على ضرورة تغيير حضارة العمل وقوانين العمل، لأنه يتم إصدار قوانين مُنذ 50 عامًا تحكم علاقة العامل بالعمل بالرشوة.
وأكد سمرة على أن الأمر الأخر في ضعف الإنتاجية المصرية، هو حدوث قطيعة في نقل المعرفة وهو ما تم خلال فترة الخصخصة، موضحًا بأنه كان دائما يكون هناك "صنايعي" على الماكينة يعمل تحت يده عدد من العمال، فهؤلاء العمال كانوا سيصلون في مرحلة من المراحل إلى درجة "صنايعية"، وبالتالي كل واحد منهم سيأخد عددًا من العمال سيصبحون "صنايعية" أيضًا، ولكن فترة الخصخصة قطعت هذا التواصل المعرفي في حضارة العمال، فالعامل الذي يدخل مصنعًا اليوم لا يجد من يعلمه، ولكن تغلب على ذلك الأمر وزارة الإنتاج الحربي لأنها انشأت معاهد وكلية هندسة في المصانع وهتخرج أول دفعة العام المقبل، لأنه لابد أن يتعلم العامل كيفية العمل، لكي يتم إفراز "صنايعية" وبالتالي يتم نشر ثقافة المعرفة.
وأردف: "القطاع العام معمول في الأصل لكي يكون إيراد غير ضريبي يدخل للدولة يغنيها، ولكن أصبح بيخسر وبيفقر الدولة وبيستنزفها لأن علاقة العامل بالعمل غير إنتاجية، بل أنه يأخذ مقابل على ذلك، فضلًا عن لجوء بعض العاملين إلى المظاهرات حين عدم حصولهم على أموال أو مطالبتهم بزيادة الرواتب".
وتابع سمرة: "لدينا أيضا مشكلة في ضعف الاستثمار الإنتاجي، والدليل على ذلك ما تم إعلانه في إحصائية تعداد سكان مصر، بوجود 10 ملايين شقة مغلقة، في الواقع هي ليست عقارات مُغلقة فقط بل أنها مخازن قيمة؛ لأن المواطن المصري تعود على شراء شقق وإغلاقها بدلًا من استثمار أمواله في مصنع، لافتًا إلى أن الحاكم المصري منذ أواخر السبعينيات كان يفكر بنفس الطريقة، وهي غلق المصانع، وعدم تنمية القطاع العام، وعدم تجديد الماكينات، بل تركها للقطاع الخاص، على الرغم من أن القطاع الخاص كان يقوم بتقسيم الأراضي، ويتسبب في العشوائيات، وتلك الطريقة أدت إلى تشوه الفكر الاقتصادي المصري بالدخل الريعي، لذلك نحن اليوم نريد أن نخرج من الدخل الريعي إلى عائد الإنتاج بحيث نجعل الاستثمار في الانتاج مغري جدًا عوضًا عن شراء أراضي أو شقق وغلقها، فحينما تم عمل شهادات بفوائد 20% لجأ المواطنين إليها ما أدى إلى هبوط في سوق العقارات ولكن بمجرد انخفاض تلك الفائدة سيلجأ المواطنين إلى تخزين أموالهم في عقارات مرة اخرى".
وشدد رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب "المصريين الأحرار"، على ضرورة تغيير فكر المصريين من استثمار أموالهم في أراضي، وعقارات، وضرورة مساهمتم في مصنع، وشراء أسهم في البورصة، والدخول كمساهمين في شركة استصلاح أراضي، أو الدخول في شركات القطاع العام حين يتم طلب زيادة في رؤس الأموال، قائلا: "هذا هو الاستثمار الحقيقي لأن المواطن سيضع أمواله في شركة تنتج بالفعل".
ولفت إلى أن الدولة تركت التنمية للقطاع الخاص بدون تدخل منها، مؤكدًا على أن حزب "المصريين الأحرار" حزب ليبرالي يؤمن بالحرية الاقتصادية شريطة السوق الحر المُنضبط، مؤكدًا على أن انضباط السوق يتحقق بتدخل الدولة، أما عدم تدخل الدولة أدى إلى الشعور بعدم الأمان، والتفاوت الطبقي، بالإضافة إلى شعور المواطن بأنه لايوجد مخزن قيمة حقيقي غير الأراضي، والشقق، بل أنه أصبح مغريًا في هذه الأيام أن يقوم المواطنين بوضع أيديهم على أراضي للاحتفاظ بها، متابعًا أن هذا السمت الاجتماعي، سببه انسحاب يد الدولة من التنمية، لأن من مهام الدولة، وعدم توجيه فكر المجتمع نحو الاستثمار الإنتاجي.
وشدد على أن أراضي الصعيد في حاجة للاستثمار ولكن القطاع الخاص متخوف من ذلك الاستثمار، لذلك يجب على القطاع العام أن يقتحم الصعيد، مثلما حدث من إنشاء لمصانع السكر والألومنيوم والغزل والاسمنت، متابعًا، القطاع العام لابد أن يشجع القطاع الخاص، وان الحكومة لم تقم بدورها تجاه واجباتها الاقتصادية، لذلك لابد من دور هجومي للقطاع العام والدولة، مثلما رأينا ما حدث في قطاعي المقاولات والأراضي.
وأكمل: "وجهة نظرنا للعامل المنتج، تعد أحد أسباب ضعف الإنتاجية، والدليل على ذلك أن ماكينات مصانع الغزل والنسيج من المفترض أن يعمل عليها 9 منتجين وشخص واحد للخدمات، ولكن اليوم أصبح الامر11 شخصًا يعملون كخدمات وشخص واحد فقط هو المنتج، كل ذلك حدث جراء التعيينات بالوساطة وما إلى ذلك فتم ملىء تلك المصانع بعمالة غير منتجة".