لطالما أثار "إسلام البحيري" الجدل، بتحليله للتراث وتفسيراته الشاذة، التى زجت به خلف القضبان عامًا كاملًا، لاتهامه بازدراء الأديان، حتى خرج بعفو رئاسي، إثر الدعوى القضائية، التى رفعها ضده الدكتور "أحمد الطيب" شيخ الأزهر، والتى طالب فيها بوقف برنامجه "مع إسلام" على فضائية القاهرة والناس، وحظر ظهوره على القنوات مرة أخرى.
اليوم، أصدرت محكمة القضاء الإدراي، حكمها، بمنع ظهور "إسلام بحيري" ووقف برنامجه، على الفضائيات.
وقالت المحكمة في حيثيات الحكم، إن بحيري، خلط نقده للتراث والكتب التاريخية، بعبارات تثير العامة، وتؤذي مشاعرهم، وتستفز وجدانهم، من التراث بدلا من نقده بالمنهج العلمي وهو ما يخالف منهج المصلحين والمفكرين، لما حواه البرنامج من سب وقذف وطلب هدم التراث الإسلامي ووصف بعض المجتهدين في زمانهم بالقتلة إلى آخر المخالفات التى حفلت بها حلقات البرنامج التي لفظته قناة " القاهرة والناس" الذي كان محلا لحكم جنائي بات ثبت فيه أنه مما احتواه البرنامج يعد ازدراء للأديان، مما مفر معه من حجبها عن المشاهدين وعرضها على المهتمين بها أو الدارسين لصنوفها أو المعنيين بإصلاحها دون غيرهم، وأنه درء للفتنة وعدم تدني لغة الخطاب الإعلامي، فإنه يتعين حظر إعادة بث هذه الحلقات.
وتابعت المحكمة، أنها إذا تقضي بحظر نشر الحلقات فإنها تنتصر لحرية الفكر والتعبير، ذلك الفكر الذي يهب النفوس ولا يثير الفتن، والتعبير الذي يرتقي بالأفهام ولا يعادي الناس فيما يقدسونه، ينقد الخطأ ليقيم الصواب، لا يسب المخطئ، يعالج المشكلات التاريخية بالرأفة والعقل والتروي لا بالتقريع والتوبيخ والاستقطاب، يعالجها بالتنوير لا بالتعميم والإزراء، فإن لم تعالج الأمور وتعرض على عامة الناس بذلك كان الضرر أكثر من النفع، وأضحت ذريعة للمتطرفين في الجانب الآخر للتوتر والاضطراب.
وفي الأخير، أكدت المحكمة أنه لا مساس بحرية الفكر والتعبير الذي تواترت عليه دساتير العالم المتحضر اليوم، مشددة على أنه ليس من حق السلطات التدخل في وسائل الإعلام المقروءة أو المشاهدة أو الرقمية، إلا في الحالات التي تمس كيان المجتمع بأثره وحسب كل حالة على حدة وفقًا لظروفها وملابساتها وتأثيرها على سكينة المجتمع وأمنه.
من جانبه، قال المستشار "محمد حامد الجمل"، رئيس مجلس الدولة الأسبق، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، إن الحكم الصادر بحق "إسلام بحيري" واجب التنفيذ بشكل نهائي، حتى يتم الطعن عليه، أمام المحكمة الإدارية العليا، وهى من تقرر.
وفي ذات السياق، أكد الدكتور "شوقي السيد" الفقيه الدستور، أن حكم الصادر في حق "إسلام بحيري" من محكمة القضاء الإداري، هو حكم نهائي، واجب النفاذ.
وأوضح الفقيه الدستوري في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، من حق "بحيري، الطعن على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا، التى بدورها ترفض أو تقبل الطعن، وحتى ذلك الحين، فإنه ممنوع نهائيًا من الظهور على القنوات الفضائية، مع حظر نشر حلقاته.
كانت أشارت المحكمة في حكمها، بإلزام المجلس الأعلى للإعلام وهيئة الاستثمار ووزارة الاتصالات بعدم بث أو نشر برنامج "مع إسلام" الذي كان يذاع على قناة القاهرة والناس، تأسيسًا على أن محتوى حلقات البرنامج كانت محلًا لحكم جنائي بات تناول منهج مقدم البرنامج في نقد التراث والعبارات التي تدعو لهدمه باعتباره عفنًا حقيقيًا إلى آخر العبارات التي أشار إليها الحكم الجنائي، الذي انتهى بثبوت تهمة ازدراء الأديان في حق "بحيري" ومن ثم أصبح ما أثبته الحكم الجنائي حقيقية ثابتة بما لا يدع مجالا لإعادة بحثه.