قالت شبكة «سي بي إس» الأمريكية، إن تميم بن حمد آل ثاني، أمير قطر، يتحدى دول المقاطعة ويصر أنه لن ينحنى للضغوط ولن ينفذ أيًا من المطالب.
وأضافت أن هناك معركة مريرة بين الحلفاء الأميركيين في الشرق الأوسط، الذين لديهم القدرة على كشف التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يقاتل داعش ويحاول احتواء إيران.
وفي قلب هذا النزاع دولة قطر الصغيرة، التي تعد موطنا لأكثر القواعد الجوية الأمريكية ازدحاما وأكثرها حيوية في المنطقة.
وفي الخامس من يونيو، أطلقت السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر والبحرين مقاطعة اقتصادية وسياسية لقطر بسبب تمويلها للارهاب والعلاقات مع إيران.
وزعم «تميم» في حوار، مع تشارلي روز في برنامج «60 دقيقة»، الذي عرض مساء الأحد، على قناة «سي بي إس» الأمريكية، أن دول المقاطعة «طردت الطلاب القطريين، والمرضى من المستشفيات»، مضيفًا: «أكثر من 90 في المئة من بضائعنا، الغذاء والدواء كانت تأتي عبر دول الجوار، وتم حظر هذا».
وتابع، في المقابلة التي أجريت في مكتبه في الدوحة، إنه «لم يكن يتوقع هذه المقاطعة»، مضيفًا: «لقد كانت صدمة لي، لأننا قبل بضعة أسابيع، كنا نجتمع معًا، في غرفة واحدة، بما في ذلك الرئيس ترامب، ونناقش مكافحة الإرهاب وكيفية وقف تمويل الإرهاب، ولم يبد أحدًا أي قلق من قطر. لا أحد قال لي أي شيء، وناقشنا، كما تعلمون، كيفية حل مشكلة الإرهاب الذي يشكل تهديدا لبقية العالم».
وفي محاولة للهروب من الأسباب الحقيقية التي أدت إلى المقاطعة مثل «دعم الإرهاب»، ادعى «تميم» أن دول المقاطعة قامت بهذا الإجراء «لأنهم لا يحبون استقلالنا، والطريقة التي نفكر بها، ورؤيتنا للمنطقة، وإننا نريد حرية التعبير لشعوب المنطقة، وهم غير راضين عن ذلك. وهكذا يعتقدون أن هذا يشكل تهديدا لهم»، بحسب زعمه.
وتحدى تميم الجميع قائلا: «إن سيادتنا خط أحمر، ولا نقبل أي شخص يتدخل في سيادتنا».
وتصف «سي بي إس» قطر بأنها دولة لا تنصاع للمنطقة، وترفض بغرور في كثير من الأحيان الانحياز جانب السعودية والإمارات العربية المتحدة، وفي منتصف التسعينيات، بدأت قطر قناة الجزيرة الفضائية، ولكن قائمة الشكاوى تزداد عمقا.
وقال شارلي روز: «إليك ما يقولونه: إنك تدعم الإرهاب. وتدعم الإخوان المسلمين، وعلاقاتك ودية للغاية مع إيران، وأن قناة الجزيرة، التي تملكها، تثير المتاعب في المنطقة. كما أنك تمول الجماعات الإسلامية في سوريا. وتسمح لطالبان وحماس بالعمل خارج الدوحة، كما أنك تلعب العديد من الجوانب. وأن الوقت قد حان لوقف كل هذا».
وبرر تميم علاقته مع إيران قائلا: «إيران هي جارتنا. وبالمناسبة، نحن كبلد، لدينا الكثير من الخلافات والسياسات الخارجية مع إيران- بحسب زعمه- لكنها هي الطريق الوحيد بالنسبة لنا لتوفير الغذاء والدواء لشعبنا.. وعندما يتحدثون عن الإرهاب، لا. نحن لا نؤيد الإرهاب».
ووجه له شارلي روز سؤالا لـ«تميم» حول «إنهم يطالبون بغلق قناة الجزيرة، وأن تعطيهم كلمتك بألا تدعم أي جماعات إسلامية، هل ستلبي هذه المطالب؟».
واعتبر «تميم» أن غلق قناة الجزيرة -التي تبث الفتن والتحريض وتدعم الجماعات الإرهابية وتنشر أفكارها ووقف دعمه للجماعات الإرهابية يدخل في أعمال السيادة،
وقال: «سيادتنا خط أحمر. ونحن لا نقبل أي شخص يعرقل سيادتنا. عندما تخبرني بإغلاق قناة مثل قناة الجزيرة، يكتب التاريخ يوما ما خلال 50 أو 60 أو 70 سنة كيف غيرت فكرة حرية التعبير في المنطقة بأكملها»، وأضاف مستفزا الجميع «لن نغلق قناة الجزيرة».
وحول ما يفعله «النظام القطري» بـ«اللعب على جميع الأطراف من دعم الإرهاب والتظاهر بمحاربته والعمل على زعزعة استقرار الدول المحيطة والتظاهر بالدعوة للوحدة العربية الخليجية»، قال «إنههم يريدون أن نتخلي عن استقلاليتنا».
وبعد أن اعتبر ما سبق تدخلا في «سيادة قطر»، فقد برر «تميم» استضافته لحركة «طالبان» الإرهابية في الدوحة وفتح مكتب لهم، بـ«أنهم جاءوا هنا، لأن الولايات المتحدة طلبت ذلك لأنهم أرادوا إجراء حوار»، وهو «انصياع للأوامر الأمريكية لم يعده تميم كتدخل في شؤون الدوحة».
واعترف «تميم» بدعم قطر لـ«الثورات والاضطرابات» التي أطاحت بعدد من الأنظمة في ما سمي بـ«الربيع العربي»، قائلا: «وقفنا بجوار الشعوب».
واعتبرت الشبكة الأمريكية أن «استضافة قطر كأس العالم في عام في قرار مثير للدهشة ومثيرة للجدل».
وحول وجود أكثر من 10 آلاف من الجيش الأمريكي في قطر في قاعدة العديد وهي أكبر قاعدة عسكرية في العالم- والتي بنتها قطر على نفقتها الخاصة وتكفلت بجميع تكاليفها- قال «تميم»: «قلنا للجيش الأمريكي مرحبا بكم في الدوحة. لدينا شراكة استراتيجية معكم. ونحن نريد أن نقوي هذه الشراكة لتكون صلبة جدا».
وأضاف تميم: «إنني خائف من أن يحدث أي عمل عسكري في هذه المنطقة».
وأشارت «سي بي إس» إلى أن «السبب الوحيد الذي يمكن أن يدفع الرئيس ترامب للعمل على حل أزمة قطر هو هذه القاعدة العسكرية، رغد دعمه الحصار على قطر لوقف دعمها للإرهاب».
وحول الزعم باحتمالية وجود تدخل عسكري من دول المقاطعة تجاه قطر قال تميم «إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قال لي إن هذا لا يمكن أن يحدث، وهذا لا يمكن أن يستمر. ويجب أن ينتهي هذا الصراع، ولا يمكننا أن نتسامح مع غزو أحد من أصدقائنا لصديق آخر»، بحسب قوله.
الشيخ تميم: قال لي بوضوح تام: «لن أقبل أصدقائي الذين يقاتلون فيما بينهم».
وحول خوفه ما أن يحدث أي تدخل عسكري قال: «أخشى أن يحدث أي عمل عسكري، وإذا حدث أي عمل عسكري، فإن هذه المنطقة ستكون في حالة من الفوضى».
وقال أمير قطر إن «الرئيس الأمريكي، عندما التقيته في نيويورك قبل بضعة أسابيع، بالأمم المتحدة، أظهر أنه ملتزم بإيجاد نهاية لهذه الأزمة. وطلب مني أن آتي إلى كامب ديفيد، وقلت له على الفور: (سيدي الرئيس، نحن على استعداد تام)».
وتابع: «كان من المفترض أن يكون قريبا جدا هذا الاجتماع. ولكن ليس لدي أي رد من دول المقاطعة».
واصطحب «تميم» مراسل «سي بي إس»، شارلي روز، في زيارة إلى مدرسته الناطقة باللغة الإنجليزية السابقة، وهناك كشف له كواليس حصوله على الحكم في قطر رغم أن أخوه «جاسم» كان ولي العهد و«الوريث الظاهر» لأبيه حمد بن خليفة.
و«جاسم» هو ولي عهد دولة قطر الأسبق، والممثل الشخصي لأمير قطر، وهو الابن الثالث لأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والأول من زوجته موزة بنت ناصر المسند، وكان تولى ولاية العهد من 22 أكتوبر 1996 حتى تنازل عنها لأخيه تميم في 5 أغسطس 2003.
وقال «تميم»: «إنه لم يتوقع أبدا أن يكون أميرًا، ولم يكن في خط الخلافة، وأنه عندما كان مراهقا، كان طموحه هو أن يصبح بوريس بيكر العربي- وبورس بيكر هو لاعب تنس ألماني الجنسية والمصنف السابق رقم 1 وهو حائز على 6 بطولات جراند سلام- وبمجرد أن تحطمت أحلامه التنس، كان مجرد عضو ثري آخر من العائلة المالكة».
وروى «تميم» تفاصيل ليلة اتفاقه مع أخيه على تولي الحكم بعد تنحي «حمد» أو كما يسمى حاليا بـ«الأمير الوالد»، قائلا: «في ذات ليلة طلب شقيقي الأكبر جاسم- الوريث الظاهر- رؤيتي، وقال: أنت أنت الخيار الأفضل. وأنت أفضل بكثير مني.. هو قال ذلك.. أتذكر».
وتابع: «لقد صدمت.. وقلت، له جاسم، ماذا تقول».
وسأله «روز»: هذه هي المرة الأولى التي فكرت فيها أنك قد تكون «أميرا جيدا»، قال «تميم: نعم، سأكون وريثا واضحا».
وأدعى «تميم» أن دول المقاطعة «يريدون تغيير النظام»، قائلا: «نعم. يريدون تغيير النظام. من الواضح جدا. والتاريخ يخبرنا، أنهم حاولوا القيام بذلك من قبل».
وتابع «تميم» «في الأسبوعين الماضيين كانوا يتحدثون في وسائل الإعلام أن هذا النظام يجب أن يكون أكثر ملاءمة مع جيرانه. وهي تعني لنا أن نكون تابعين، هذا ما يعنيه وهذا هو ما يريدون».
وادعى تميم أن «دول المقاطعة قللت من شأن الشعب القطري»، قائلا: «أعتقد أنهم قللوا من شأن الشعب القطري. وأنا فخور جدا بالناس».
وحول سؤال عن النهاية المتوقعة لهذه الأزمة قال «تميم»: «نريد أن تنتهي. صدقوني، نريد أن تنتهي. ولكن لا شيء سيكون فوق كرامتنا، أو سيادتنا. لكننا نريد أن تنتهي. أنا دائما أقول ذلك. وإذا ساروا نحونا مترًا واحدًا، فأنا على استعداد للمشي 10000 ميل نحوهم»، بحسب قوله.
وعرضت الشبكة الأمريكية آثار المقاطعة الشديدة على قطر، وأكدت أن الدوحة كانت تعاني من نقص في منتجات الألبان. وأن قطر تستورد أكثر من ألف بقرة شهريا بالطائرة من ولاية كاليفورنيا، وولاية ويسكونسن الأمريكية.
وأضافت «سي بي إس» أن «المقاطعة اضطرت قطر للسحب من احتياطياتها من خزنتها الوفيرة، ولكن التوسع مستمر دون هوادة، بسبب هذا الأفق الضبابي (أي النهاية غير الواضحة للأزمة)».
كما عرضت الشبكة الأجواء السيئة التي يعمل فيها العمال في قطر، مؤكدة أن «العمل على ملاعب كأس العالم، مستمر على مدار الساعة، على ظهور العمال المهاجرين الذين يعانون من درجات الحرارة الخانقة في جميع أنحاء قطر».