حرب 56 والدروس المستفادة

نحن جيل عاصر هذا العدوان الغاشم على مصر وتحديدًا مدن القناة الثلاث، وتم تدميرها بنسبة 80% من قبل طائرات العدو بأسطول (إنجلترا وفرنسا وإسرائيل).

بدأ العدوان في أول نوفمبر 1956 واستمرت عمليات قتال هجوم بري، وبحري، وجوي حتى مارس 1957_ وقدرت خسائرنا آنذاك بحوالي 15000 شهيد ومصاب ومفقود+ خسائر مادية في المنشآت والموانيء والمطارات والمدن السكانية بحوالي 50 مليون جنيه مصري.

لقد عاصرت العدوان على ضاحية سكننا ومسقط رأسي (مصر الجديدة) حيث تم ضرب معسكرات ألماظة والهايكستب وطريق السويس+محاولة تدمير فيلا سكن الزعيم عبد الناصر وغيرها من منشآت محيطة بالضاحية العريقة، وتصدى لها الجيش والبوليس والأهاليو، وانتشرت الدبابات، والمجنزرات، ووحدات الجيش والدفاع المدني وسرايا المتطوعون ومعهم الفدائيون الثوريون الأحرار( وحدات قتالية مدربة منذ حرب 1948 وصل عددهم لحوالي 5000 مقاتل مدني.

وتم توزيع السلاح على الأهالي، وإعلان حالة الطواريء، وقيدت التحركات، ومازلت أتذكر البنادق الروسية الجديدة(نصف أليه عيار، والرشاشات السويدية ماركة كارل جوشاف، رشاشات برين،شمايزر).

أما عن الدروس المستفادة من هذا الحدث التاريخي الدموي على مصر المحروسة، أذكر منها:

1- التلاحم والترابط الوثيق بين الشعب بجميع فئاته وطوابقه وطوائفه على جيشه ورجال البوليس بشكل عفوي وروح معنوية قتالية عالية والاستعداد للموت من أجل الوطن.

2- التبرع والتطوع التلقائي لصالح حماية الوطن والدفاع عن أرضه وعرضه بكل ما تملكه العائلات من مال، مجوهرات،سندات،ممتلكات شخصية.

3- زيادة أعداد الفدائيين الثوريين الأبطال والذين يمثلون جميع فئات شعب مصر من عمال مصانع، موظفون، طلاب جامعيون، ورجال أعمال، أذكر منهم بكل ثقة:

-القبطان حسين مكرم - طيار سالم البسيوني

- طيار جميل أدهم

-طيار جلال أدهم-القبطان إسماعيل الروبي -طيار عزيز عزت

-القبطان عادل عبد الرحمن - السيد على لملوم، محمد لملوم، عبد الرحمن لملوم

-القبطان عادل السيد جودت -السيد سري عبد المقصود

-القبطان معين زيد -السيد عادل الذوق،حسن أمين، صلاح أمين

-القبطان-وفيق طلعت -أ.د علاء جبارى، نبيل جبارة

-القبطان سعد عطية، شريف ذو الفقار -أ.د عبد الحميد عمرو(مدير مستشفيات حميات العباسية)

4- تم عمل خنادق بمجمع حدائق الضاحية بالتعاون مع شباب العائلات، بناء خط حائط طوبي أمام مدخل العمارات بارتفاع 2م وعرض 6م.

5- توزيع الخبز والمواد التموينية على الأهالي ثم إلزام الجميع بالطابور وتوزيع الصرف صاحبًا.

6- دهان جميع جميع المنازل بالبوية الزرقاء، بجانب فوانيس السيارات، وفرض حظر التجوال من 6م حتى 6 صباحًا.

7- التدريبات المكثفة على ضرب النار، القتال بالسونكي،الاشتباك بالأيدي ضد الهابطين بالمظلات وجواسيس العدو من أبناء الجاليات الأجنلية والإبلاغ عنهم فورًا (خاصة اليهود).

8- كانت الأهالي والعائلات مسئولة عن إمداد وحدات الجيش المتشرة في الشوارع، والميادين العامة، الحدائق الكبرى، وصحراء ألماظة، بكل ما يتاجونه من مواد غذائية وماء ومستلزمات المعيشة بكل يسر وترحاب.

9- ألقى العدو من طائراته المغيرة ما يسمى بـ ( الأشراك الخداعية) على شكل لعب أطفال، أقلام، ولاعات سجائر، علب هدايا، وتسببت هذه الأشراك في إحداث عاهات مستديمة للمئات من أطفال مصر آنذاك، وهو أسلوب محرم دوليًا.

10- تحولت النوادي والمساد والكنائس لمقرات تدريبات لكتائب الدفاع الشعبي والفدائيون على أسلوب القتال ومراقبة العدو واستخدام السلاح والأجهزة اللاسلكية الحديثة الواردة من روسيا، وتشيكوسلوفاكيا، وبولندا، والمجر، وتدريب الإناث على التمريض وعلاج الجرحى والمصابين قبل نقلهم للمستشفيات العشكرية أو المدنية.

ملحمة تاريخية عاشها شعب مصر في تلك الفترة ولها ذكريات أليمة في النفوس، ولكنها أظهرت معدن الشعب المصري الأصيل ذو حضارة الـ 7000 سنة ق.م، شعب مقاتل، وطني مغامر، مضحي، محب لجميع أطيافه، مطيع للقائد، ملبي لنداء الوطن.

ومع كل الاحترام لجمليع الأفلام السينمائية القديمة، التي صورت هذا الحدث العظيم، منها (بورسعيد 87، الله أكبر 57، صراع الجبابرة 59، عمالة البحار 60، في بيتنا رجل 59، وطني وحبي 58) إلا أنها أفلام درامية تتخللها مشاهد قتالية.

كل التحية والتقدير والاحترام لكل من حمل السلاح للدفاع عن وطنه-تحيا مصر حرة أبية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً