فى أحد الأحياء فى مركز قوص فى محافظة قنا، يعيش "عم سيد النحاس"، صاحب الوجه البشوش المبتسم، صانع السعادة من المخلفات، يبلغ من العمر 75 عامًا، شارك في حرب اليمن، وكتبت له النجاة منها.
بعد أن كان يركض بين السيارات وسط الطرق المزدحمة، ويسيقظ مبكرًا سعيًا وراء لقمة العيش، فكان يعمل سائقًا لمدة خمسين عامًا، وقضى عمره منشغلًا بعمله وتربية أبنائه السبعة، فقد أحسن تربيتهم على أكمل وجه، فأصبح كل منهم رجلًا مسؤولًا عن عمله، وزوج بناته الثلاث، فلم يقصر في حق أحد من أبنائه، بل قصر في حق نفسه ودفن موهبته طوال الـ 50 عامًا.
فلم تكن مقولة لكل شخص من اسمه نصيب مجرد جملة، ولكن كثير من الأحيان يكون الاسم مرتبط بمهنة صاحبه، "عم سيد النحاس" جنى من عمله قصة حب بينه وبين السيارات فأحبها حتى أغرم بها، فلم يكن مجرد "سائق عادى" بل كان موهوبًا، واستطاع كذلك أن يصنع من مخلفات "الكرتون" و"الصفيح" وعبوات الألبان الفارغة، لعب للأطفال وفوانيس ومراكب.
بدأ الأمر بعدما ترك عمله، نظرًا لضعف نظره، وامتهن مهنة أجداده في صنع "صيجان الكحك" و"البسكويت"، ولم يكن الأمر متوقفًا عند هذا الحد، بل صنع سيارات تشبه الحقيقية بكل تفاصيلها من المخلفات.
و بالرغم من عروض البازارات الكبيرة، لشراء هذه السيارات منه لم يوافق، وظل محتفظ بها لنفسه، حتى جاء له طفل يتيم وأعجب بسيارة من هذه السيارات فأعطاها له بدون مقابل.