في درب السعادة المتفرع من شارع الأزهر، وسط ممرات ضيقة تقودنا إلى زقاقات متداخلة مليئة بمحلات الأقمشة والأدوات المنزلية، سامعًا أصوات "الشيالين" الذين يجرون عرباتهم المحملة بالبضائع.
عندما تتجول في هذه الزقاقات التي بالكاد السير فيها، يلفت انتباهك مواطنون يتزاحمون حول عربة فول لتناول وجبتهم المفضلة، تستند هذه العربة على جدار قديم، وعندما تدقق أكثر في المكان ستشاهد أنها مستندة على جدار مسجد أثري يظهر عليه علامات الزمن من تآكل حجارته وشروخ جدرانه.
مسجد "محمد سعيد جقمق" الذي يتوسط المحلات وعربات الباعة الجائلين، تكاد عربة الفول أن تغلق الباب الرئيسي له، تجد الأطباق البلاستيكية والأدوات المنزلية معلقة على جدرانه، ويعتبر أحد جوانب المسجد مخزنًا لمخلفاته.
يرجع تاريخ انشاء مسجد "محمد سعيد جقمق" إلى ما يزيد عن 800 عام حيث انشأه الأمير فخر الدين أبو الفتح عثمان عام 622 هـ، وأعاد بناؤه السلطان محمد سعيد جقمق.
تجولنا بالداخل ووجدنا مساحة المسجد كبيرة، في بدايته ستجد بائع يفترش ببضاعته أرض المسجد، على اليسار يوجد ساتر متهالك على مصلى السيدات، جدرانه متهالكة من الأعلى وسقطت بعضها بالفعل، وبالمضي قدمًا على الجانب الأيمن يوجد مصلى الرجال، وبجواره دورة مياه جدرانها مشروخة، وأرضيتها متكسرة.
أسقف المسجد مصنعة من الخشب والصاج ينسدل منه مراوح ومصابيح، عفا عليها الزمن تكاد أن تقع على رؤوس المصلين، ارتطمت حجارته أرضًا نتيجة تهاوي المسجد.
وبحديث عم فتحي، عامل بالمسجد، الذي يبدو على وجهه الغضب بسبب الحال الذي وصل إليه المسجد، قال أنه استغاث كثيرًا بهيئة الآثار لترميمه ولكن لم يهتم، والأهالي هم من يتبرعون لسد احتياجات المسجد.
وقاطعنا رجل ستيني من قاطني منطقة المسجد ليقول أن هيئة الآثار تعطل اجراءات الأهالي لترميم المسجد على نفقتهم الخاصة.