اعلان

السياسة "اللعبة القذرة".. لاصديق دائم ولاعدو .. 3 مشاهد في السعودية واليمن وفلسطين تؤكد النظرية

كتب : سها صلاح

عام 1988، انتهت حرب الخليج الأولى بتوقيع إيران هُدنة "كأس السم" كما أطلق عليها،لوقف الحرب التي استمرت ثماني سنوات، وخلفت وراءها نحو مليون قتيل، وأكثر من مليار دولار، كان نصيب العراق منها 561 مليون دولار، ونصف مليون من الدماء، لكن تلك النهاية الثقيلة لم تؤثر في المكاسب الشخصية التي حصدها صدّام حُسين وحده.

في تلك الأثناء تظهر فضيحة إيران-كونترا، التي كشفت أ واشنطن خذلت صدّام وباعت سرًّا أسلحةً إلى إيران، ولم يتعلم الرئيس العراقي الدرس، فشنّ حرب الخليج الثانية عام 1990، فدخل الكويت وقصف السعودية وإسرائيل بالصواريخ، لكنّ المفاجأة التي لم يتوقعها أحدٌ هي أنّ روسيا تخلت عن حليفها بصفقة أسلحة سعودية بلغت أربعة مليارات دولار.

- محمد دحلان وحماس.. كراهية تنتهي بالصداقة "المؤقتة"

عندما كان دحلان رئيسًا لجهاز الأمن الوقائي في غزة عام 1996، رفضت الحركات الإسلامية وقف العمليات العسكرية ضد إسرائيل، فغضب دحلان لأصدقائه وأمر قواته بمداهمة المساجد، واعتقال المئات من عناصر حماس الذين تعرضوا للتعذيب، ومنهم محمود الزهار، عضو المكتب السياسي الحالي لحماس، والقيادي الراحل عبد العزيز الرنتيسي، ثم تحولت وظيفته الرئيسية في القطاع إلى "مهمة واحدة" تنتهي بإنهاء وجود الحركة تمامًا من خلال تجميد أموالها.

ربما لن يصدق أحد أن الأعداء سيتصافحون في 2017، فالغريم القديم الهارب والمطلوب على قوائم الحركة السوداء أصبح مطلوبًا للمصالحة وليس القصاص؛ ففي يونيو الماضي التقي الطرفان في لقاءٍ غير مُعلن في القاهرة برعاية المخابرات المصرية من أجل الوصول لتسوية.

ووفقاً للتسريبات تضمنت الصفقة إعادة العلاقات مع الجانبين، والقبول بدحلان رئيسًا للسلطة الفلسطينية، مقابل رفع الحصار عن القطاع، وفتح معبر رفح بشكل دائم، وتعيين عدد من قادتها وزراء في الحكومة؛ وهو الذي يعني أن الحركة قررت التعاون مع دحلان ضد عدوهما المشترك محمود عباس.

بعد طرده من حركة فتح عام 2011، سعى دحلان صديق الإمارات، إلى خلق دوائر نفوذ جديدة من أجل العودة إلى السلطة الفلسطينية، بعد الأوضاع الصعبة التي يشهدها القطاع منذ عام 2007، وهو الذي اضطرها في النهاية إلى توقيع المصالحة الفلسطينية، وتسليم السُلطة عن طريق حل اللجنة الإدارية، كما أن دحلان قد يُعتبر بديلًا في حال ساءت المفاوضات، خاصةً أن الرئيس الفلسطيني يُصمم على نزع حماس من سلاحها، في حين تحدثت وثيقة مُسربة بأن دحلان سيترك لحماس مهمة وزارة الداخلية، ما يعني عدم تجريدها من قوتها.

- علي عبد الله صالح والحوثيون.. الخيانة من طبع الحلفاء

في أي معادلة سياسة يبرز فيها اسم الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح، تتضاعف المخاوف بسبب راعي الأغنام الذي أجاد فن المراوغة؛ فسيرته الذاتية مثيرة للإعجاب، فحتى بعد إقصائه من الحُكم بصعوبة أثناء ثورات الربيع العربي، ظل الرجل محتفظًا بنفوذه حتى الآن، فهو لا يخشى من خسارة الأصدقاء، ما دام قادرًا في كل مرة على استرجاعهم أو استبدالهم، وقصته مع الحوثيين ضرب كبير من التناقضات.

منذ عام 2004 وحتى 2010، شن صالح ست حروب ضد الحوثيين الذين طالبوا بإصلاحات سياسية، وكانت مبررات الحرب التي صدرت هي أن إيران تدعم الجماعة الشيعية التي تتبع المذهب الزيدي، وهو بذلك يجذب السعودية ودول الخليج لتدعمه، كما أنّه زعم أنهم يريدون هدم الجمهورية وإعادة الملكية، وهو بذلك ينادي على الولايات المتحدة التي هرعت لمساعدته في التسعينات، خاصةً عندما أعلن أنه يحارب تمدد تنظيم القاعدة في بلاده، وبحسب قادة عسكريين تابعين له كشفوا أن صالح لم يسع لإنهاء الحروب الست، مبررين أنه عندما كان الجيش يوشك على القضاء على الحوثيين في معاقلهم كانت تصدر الأوامر لهم بالانسحاب فورًا ووقف القتال. الجدير بالذكر أنّ أتباعه الذين ساعدوه في حرب الحوثيين انقلبوا عليه خلال الثورة اليمنية، وأجبروه على تسليم السُلطة، يبدو أنّ صالح فقد كل أصدقائه مثلما حدث لصدّام حُسين، لكنّ السياسة تبقى هي اللعبة الأكثر ذكاءً.

بعد تنصيب الرئيس اليمني الحالي عبد ربه منصور، استغل صالح خلاف الحوثيين مع الرئيس الجديد، فعاد إلى أعدائه القُدامى الذين دعمهم من خلال قوات الحرس الجمهوري السابق، والقوات الخاصة التي تدين له بالولاء، وساعدت الحوثيين في السيطرة على صنعاء، ومحاصرة القصر الرئاسي؛ بل إن الأمور تطورت حد إجبار الرئيس على تقديم استقالته قبل أن يهرب إلى عدن، ويعلن استئناف الحرب من جديد.

ازدادت الأوضاع سوءًا عام 2015، بعدما أعلنت السعودية تشكيل عاصفة الحزم لمحاربة الحوثيين من أجل إعادة الشرعية للرئيس هادي، وبينما كان علي عبد الله صالح يهاجم السعودية ويتهمها بتخريب اليمن، كانت الصفقات السرية قد عقدت برعاية الإمارات والسعودية وصالح من أجل إنهاء الحرب التي أحرجت السعودية أمام المجتمع الدولي، بسبب الانتهاكات، وانتشار الأوبئة.

وتتلخص الصفقة في التخلي عن الحوثيين، والإيقاع بهم في مقابل إعادة صالح إلى الحُكم مرة أخرى، وبالرغم من أنها لم تتحقق حتى الآن، إلا أن الحوثيين قد فطنوا إلى الخُطة؛ فبادروا هم ببدء الخلاف والدخول في مناوشات وقتال محدود مع قوات صالح، والتهديد بإلغاء الشراكة، ويُعتبر الخلاف الحالي هو الأقوى منذ توافقت مصالحهم.

- السودان.. لولا السعودية لكنا أصدقاء إيران

لطالما كان السودان غائبًا عن المشهد العربي، كونه بلدًا ليس له نفوذ إقليمي، زاد من عزلته، انضمامه إلى حلف طهران الاقتصادي سابقًا، قبل قطع العلاقات العام الماضي، وهو ما استدعى غضبًا خليجيًّا جعل القادة العرب يشاركون في العقوبات الاقتصادية التي أقرتها عليه الولايات المتحدة منذ عام 2009، وكانت طبيعة النظام الحاكم في كلتا الدولتين القائم على أسس إسلامية، هي ما جعلت التقارب أكثر سلاسة، فالبشير هو صاحب التصريح الذي فشل في التبرؤ منه ثورة إيران نبراس يضيء الطريق أمام المسلمين في العالم.

لكن هبوط سعر صرف الجنيه السوداني، والذي تزامن مع معاقبة الرياض للخرطوم اقتصاديًّا عام 2014، بإيقاف تحويلات الصرف لأكثر من 500 ألف سوداني مقيم في المملكة، بما يساوي قيمته سبعة مليارات ريال سعودي جعل البشير يعيد سياساته؛ وفجأة يكتشف الرئيس السوداني أن التشيع يهدد بلاده؛ فيقوم بطرد السفير الإيراني، وفي الحال تقوم السعودية بتقديم استثمارات بقيمة 11 مليار دولار، إضافة للقيام بعدة مشروعات لتوفير 370 ألف فرصة عمل، وتحتكر السعودية الآن أكثر من 50% من النشاط الزراعي، كما أن البشير قرر إرسال قواته للمشاركة في عاصفة الحزم؛ أملًا في توسط السعودية لواشنطن كي ترفع العقوبات، تُرى ماذا يمكن أن يحدث لو أن إيران كانت تدفع لحلفائها بسخاء؟

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السيناريو الأقرب لقرار البنك المركزي الثالث في 2024.. ماذا يحدث إذا ارتفعت الفائدة؟