قال المركز المصرى للدراسات الاقتصادية، إن الحكومة حاليا تبذل العديد من الجهود لتحسين بيئة الأعمال وجذب مزيد من الاستثمارات، ويعتبر تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص جزءا من هذا الإطار وليس موضوعا منفصلا عنه.
وأضاف أن مؤتمر المنظمة الإدارية الـ17 يناقش، إدارة الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص، ويتناول المؤتمر أحد الموضوعات الهامة بالنسبة للاقتصاد المصري وهو أنماط جديدة للتنمية في إطار الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص بحيث يكمل من خلالها القطاعان الخاص والحكومي بعضهما البعض ويستهدفان التنمية المنشودة.
وأوضح أن مصر اتخذت خطوات عديدة منذ سنوات لإقامة إطار قوي للمشاركة بين القطاعْين العام والخاص بما في ذلك إصدار التشريعات وتحديدا قانون 67 لسنة 2010، وتأسيس وحدة مركزية للشراكة بوزارة المالية، وأكدت على ذلك مجددا من خلال رؤيتها للتنمية المستدامة 2030، والتي تستهدف التوسع في الشراكة بين القطاعين العام والخاص من أجل تحسين نوعية الخدمات المتاحة وتقليل العبء المالي على الحكومة، خاصة وأنها توجه ما يزيد عن 60% من استثماراتها في البنية التحتية إلى مجالات النقل والإسكان والمرافق العامة والري والكهرباء.
وأكد أنه لايزال هناك تساؤلا مطروحا نتمنى أن يجيب المؤتمر عليه وهو هل نجحت مصر في الاستفادة من الشراكة بين القطاعين الحكومي والخاص على النحو الذي يخدم أهداف التنمية المستدامة ويحسن من جودة حياة المصريين؟ وفي أي قطاعات؟ وان لم تكن نجحت في ذلك، فما هي الآليات والسياسات اللازمة لتعزيز دور الشراكة في التنمية.
وقال إن تفعيل الاستفادة من الشراكة مع القطاع الخاص أصبح أمرا ملحا في ظل الظروف الحالية ويواجه تحديات كبيرة خاصة بعد الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة، ويحتاج بذل مزيد من الجهود والتركيز على بعض النقاط مطالبا أن تقوم الدولة بمراجعة أولوياتها في الاستفادة من الشراكة باختيار القطاعات التي تساهم الشراكة في زيادة مردودها الاقتصادي والاجتماعي بشكل كبير.
وشدد على ضرورة مراجعة الالتزامات في عقود الشراكة بما يضمن أن تكون الحوافز التي تقدمها الحكومة من خلال هذه العقود جاذبة للمستثمرين فتجربة الشراكة في قطاع الإسكان من خلال المطورين العقاريين على سبيل المثال واجهت مشاكل منها ارتفاع مبالغ فيه لعائد الدولة من عقود الشراكة وضغوط على الشركات المنفذة لا تتناسب مع الخطط الاستثمارية لها وبالتالي لم تراعِ هذه العقود ظروف السوق ومتغيراته.
وحول لشركات والمستثمرين الأجانب، قال المركز فينبغي التفكير في حوافز غير تقليدية تدفعهم للدخول في شراكة مع الحكومة خاصة مع زيادة اتجاههم للاستثمار في سندات وأذون الخزانة التي أصبحت أكثر ربحية وأقل مخاطرة.
ويرى أنه يتطلب نجاح الشراكة بين القطاعين الإسراع في تبني الإصلاحات الإدارية والمؤسسية التي تستهدف تبسيط الإجراءات والقضاء على البيروقراطية والفساد وتعزيز الكفاءة وتوفير القدرات البشرية المؤهلة والقادرة على إدارة عقود الشراكة بكفاءة وفعالية. ويبرهن على ذلك تأخر طرح عقود الشراكة لتطوير النقل النهري ويرجع السبب جزئيا إلى صعوبة إنهاء التراخيص والموافقات.
وطالب بتطوير وحدة المشاركة وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل التي مازالت تعوق عملها ومنها صعوبات في تقبل الوزارات لمشروعات المشاركة ومقاومتها أحيانا، والفشل في تأسيس وحدات فرعية في بعض الوزارات، وكذلك عدم وجود وعي عام بالتشريعات الخاصة بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص، وافتقاد القدرات البشرية التي تستطيع إدارة عقود الشراكة بكفاءة.
وشدد على ضرورة مراجعة القانون الحالي للمشاركة بين القطاعين العام والخاص وكذلك تشريعات التوريد المصرية لتحديد العوائق التي تواجه المتعهد وتعوق تشغيل مشروعات المشاركة، خاصة وأن لدينا نظم بديلة لتوريد مشروعات البنية التحتية مثل نظام الهيئات الاقتصادية العامة، وتشريعات المرافق العامة، وعدد من القوانين الخاصة بقطاعات معينة أو خاصة بمشروعات معينة( - على سبيل المثال داخل وزارة الكهرباء والطاقة - أدت إلى إضعاف فكرة الشراكة.
وطالب بضرورة التفكير في آليات جديدة للتمويل طويل الأجل حيث يعتبر عدم توافر هذا النوع من التمويل أحد معوقات الشراكة في مصر ظل ما تواجهه الشركات من ارتفاع تكاليفها الاستثمارية خاصة بعد قرار تعويم الجنيه ورفع أسعار الفائدة.
وأكد أنه من الضروري أن تدرك الحكومة أنه قد يُنظر لمشروعات الشراكة باعتبارها أحد أبواب الخصخصة، لذلك عند تنفيذ مشروعات شراكة في مجالات تمس حياة المواطنين المعيشية كالمواصلات والصحة والتعليم ينبغي أن تراعي الدولة مردود هذه المشروعات على قيمة الخدمات المقدمة وأن يصاحبها حملات إعلامية تفصح فيها الحكومة عن مردود الشراكة على تحسن مستوى المعيشة وتوفير مزيد من فرص العمل.