أزمات كثيرة، مر بها التعليم في مصر منذ أن تولى الدكتور طارق شوقي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، حقبة الوزارة، قد تؤدى إلى الإطاحه به خارجها وكان من أبرز تلك الأزمات استمرار تراجع مصر في التصنيف العالمي للتعليم، حالة التخبط الملحوظة في القرارات، تدهور العملية التعليمة، حيث حصلت مصر منتصف الشهر الماضي، على مراكز متأخرة في جودة التعليم الأساسي والعالي، وفقًا لمؤشر التنافسية العالمية – الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي – للعام 2018 - 2017.
وقارن مؤشر التنافسية العالمية بين 137 دولة في تقريره الأخير، وحصلت مصر على "المركز 129 في جودة التعليم"، وفي هذا الشأن تحدث إلينا طارق نور الدين، معاون وزير التربية والتعليم الأسبق قائلا: من الطبيعي خروج مصر من التصنيفات الدولية في مجال التعليم، طالما نلتزم بنفس الأساليب القديمة فمن الغباء أن ننتظر نتائج مختلفة، مؤكدا عدم الالتزام بالخطة الاستراتيجية 2030- 2014 التى تم وضعها في عهد الدكتور محمود أبو النصر وزير التربية والتعليم الأسبق، والتي وضع بها أسس معينة وخطوات واضحة لتقدم المدارس في الحصول على الاعتماد الدولي، فطالما لم نلتزم بتلك الاستراتيجية، فيصبح من الطبيعي أن تظل مصر في هذه النقطة وكأنها تجرى في دائرة مغلقة؛ فجميع خطط الوزير لا تمت من قريب أو بعيد بأي صلة لمعايير الجودة، على الرغم من أن برنامج الحكومة وعد باعتماد 15 ألف مدرسة سنوية، الأمر الذى لم يحدث حتى الآن.
وبالنسبة لعملية تدريب المعلمين أثناء الفصول الدراسية، استطرد نور الدين في تصريح خاص لـ"أهل مصر" قائلا:" عملية التدريب في هذه الأوقات أمر سليم؛ فالتدريبات لابد أن تتم من خلال شهر أكتوبر حتى شهر مايو، ولا يمكن أن تتم التدريبات في شهر يونيو حتى شهر سبتمبر، وذلك بسبب أن تلك التدريبات مرتبطة بالميزانية الجديدة للدولة والتى تتسلمها الوزارة في شهر سبتمبر وبعد الإعداد تبدأ التدريبات في شهر أكتوبر، وتنتهي الميزانية ويتم تقفيلها في 25 مايو، وبالتالي فترة الإجازة لا يوجد بها تدريبات، مؤكدا أن ذلك أيضا ينطبق على صيانة المدارس.
وفيما يتعلق بتراجع الوزير في بعض قراراته، أشار معاون وزير التعليم الأسبق، إلى إن المشكلة أن هيبة الوزير من هيبة الحكومة فعندما يتراجع الوزير في قراراته بسبب أنها غير مدروسة أو متسرعة فذلك يؤدي إلى فقدان الثقة ما بين الحكومة والرأي العام، والحكومة هنا ممثله في شخص الوزير، فبعيدًا عن الرجوع في القرار لابد من الحفاظ على هيبة الحكومة والثقة التي بينها وبين الرأي العام.
من جهته، أكد الدكتور أيمن البيلي الخبير التربوي، أن مصر لم تخرج من التصنيف الدولي في عهد الدكتور طارق شوقي لكنها خرجت في نهاية عهد الدكتور الهلال الشربيني، وزير التربية والتعليم السابق، بناء على تقرير من التنافسية الدولية، لكن التقرير الذي صدر في شهر سبتمبر الماضي من التنافسية جاء به أن مصر احتلت المركز 129 من 137 في الترتيب الدولي من حيث جودة التعليم، وتأهيل المعلمين.
وتساءل البيلي، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" لماذا استمرت مصر في الحصول على ترتيب متأخر في التصنيف الدولي في تقرير التنافسية الدولية الصادر عن منتدى دافوس الاقتصادي؟ مضيفا أن التقرير يعتمد على 12 معيار يحكم من خلالها على عملية التعليم ومن أهم تلك المعايير فكرة الإتاحة والجودة ومستوى المعلمين.
وتابع، أن الدكتور طارق شوقي منذ أن تم تكليفه بالوزارة وحتى الآن لم تظهر له خطة أو رؤية واضحة الملامح ذات أهداف محددة في منظومة التعليم، ولكن ما لدية عبارة عن مجموعة أفكار يطرحها كما لو كان يفكر بصوت عالي للرأي العام ثم يتراجع عنها بعد ذلك دون اتخاذ قرار واضح، على الرغم من أنه أستاذ بالجامعة الأمريكية، ومن المفترض أن يكون لديه منهج علمي في التفكير إلا أننا حتى الآن لم نرى هذا المنهج العلمي لم ينعكس على منظومة التعليم الوطنية من خلال وجود خطة استراتيجية حقيقية، أو حتى تطبيق الخطة التي صدرت في 2014 ولم يتم تفعيلها حتى الآن، حيث تم تعطيلها أو لم يتم تعديلها، أو وضع خطة جديدة.
وأضاف "البيلي"، أيضا قانون التعليم الذي يعتبر البناء لمنظومة التعليم في مصر والذي تم الانتهاء من مسودته النهائية في عام 2014 لم يطرح حتى الآن على مجلس النواب، حتى مع تولي ثلاثة وزراء لم يطرح على المجلس للموافقة عليه أو حسمه أو تعديله وبالتالي أصبح البناء الأساسي لمنظومة التعليم، لم يتم البت فيه نتيجة تعطيل الوزارة لهذا القانون.
وأكد الخبير التربوي، سعي واتجاه الوزير بأفكاره ورؤيته إلى دعم التعليم الخاص على حساب التعليم الحكومي، موضحا أنه حتى الأن لم يزور مدرسة حكومية إلا مدرسة واحدة والتي زارها في شرم الشيخ، وبالتالي هو بعيد تمام عن مكان العمل وعن الاطلاع على مشكلات المعلمين أو القائمين على العملية التعليمية داخل مجال العمل.
وفيما يخص عملية تدريب المعلمين أثناء الفصول الدراسية، قال "البيلي"، إنه على الرغم من وجود مؤسسات تأهيلية داخل المجتمع مثل كلية التربية والأكاديمية التأهيلية للمعلمين والهيئة القومية للاعتماد والجودة، إلا أنه لا يوجد أيضا خطة لتطوير المعلمين مهنين مع غياب الخطة الزمنية غير متناسبة مع العام الدراسي؛ فنجد أن أكاديمية المهن التعلمية تطرح برامجها أثناء العام الدراسي مما يتسبب في تعطل انتظام المناهج وفقا للخطة الزمنية الموضوعة.
وبالنسبة لعودة الوزير في بعض قراراته، لفت الخبير التربوي، إلى إن من أهم تلك القرارات كان قرار المدارس اليابانية وما حدث حولها من حالة إعلامية ضخمة وكانت الوزارة تروج لسلعة أكثر من أنها تروج لمشروع تعليمي خدمي، يجعلنا نؤكد أن الوزير لا يملك منهج علمي واضح في التفكير في منظومة التعليم وبالتالي قراراته تأتي كرد فعل وليس إيداع الفعل ذاته.
وحول إمكانية إقالة طارق شوقي بسبب تلك الأزمات، أردف: "لو رجعنا إلى الأزمات التي أدت إلى الإطاحة بالوزراء السابقين نجد أن الوزير يسير في نفس المسار الذي يؤدى في النهاية إلى إقالته، فتأجيل الرئيس السيسي للمدارس اليابانية على جانب التقيم الموضوعي للوزير تعد ملاحظة شديدة جدا ضد الوزير، وذلك بسبب عدم متابعة الوزير لهذا المشروع بشكل واقعي ولكن متابعته كانت إعلامية من خلال إصدار التصريحات، وبالتالي الوزير يسير في طريق يؤدى إلى إقالته.