أجواء حرب بدت في الأفق مع تسارع الأحداث في الجمهورية العربية اللبنانية مع استقالة الحريري الغامضة وماتردد عن احتجازه في السعودية قيد الإقامة الجبرية، فضلا عن ضغط سعودي غير مسبوق، وتلويح مبطن بالحرب للقضاء على أعداء المملكة في بيروت، حسب وصف الجبير، في إشارة لحزب الله الشيعي الموالي لإيران، وفي هذا الشأن شدد خبراء السياسة والأمن على أهمية موقف مصر لحل أزمة أصحاب العمائم وشيوخ الفتنة ومن يعتبرون أنفسهم وكلاء الله في الأرض، فضلا عن أطراف خارجية من مصلحتها إبقاء العرب فوق الزيت الساخن، مشيدين بموقف الرئيس السيسي الحاسم من هذا الملف ورفضه للتصعيد، وهو ما ساعد على إخماد نيران العنف، واستبعد الاحتكام للرصاص في حل الأزمات في المنطقة التي لن تحتمل صراعات مسلحة أخرى، ويكفيها حروبها مع التنظيمات الإرهابية.
موقف مصر اعتبره ساسة العالم «رمانة الميزان» التي ساعدت على كبح جماح دول معسكر الهلال الشيعي والقوس السني في التصعيد، وبعثت رسائل مصرية واضحة أن القاهرة لن تسمح بالانجراف نحو حروب أخرى في المنطقة، خاصة بين أبناء الدين الواحد والقومية الواحدة، وهي رسالة وعتها جميع الأطراف التي بدت تسير في اتجاه الرؤية والحل المصري؛ لتجنيب المنطقة ويلات حروب لا أحد يعلم عواقبها.
تطورات متسارعة تشهدها الساحة السياسية والعسكرية في منطقة الشرق الأوسط والتي لا تكاد ترفع قدمها من أزمة حتى تغوص القدم الثانية في أخرى أشد منها، فمع قرب انتهاء الحرب في العراق وسوريا لاحت في الأفق أزمة شديدة بالأجواء اللبنانية مع التصعيد والضغط السعودي على حكومة بيروت بدأت باستقالة سعد الحريري، رئيس الحكومة وبقاؤه في الرياض، ورسائل سعودية ساخنة لحزب الله الشيعي، ومع تصاعد الأزمة برز الدور المصري الحاسم والمتزن من خلال تصريحات الريس السيسي الذي رفض نشوب حروب أخرى في المنطقة العربية قائلا بلسان حاله "يكفينا ما نحن فيه"، وهو أمر اثنى عليه خبراء السياسىة والأمن.
اللواء يحيى الكدواني وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، قال إن القيادة السياسية في البلاد وعلى رأسها رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي حريصة على أمن واستقرار كافة دول المنطقة لأن أمن مصر مرتبط ارتباط وثيق بأمن المنطقة كلها.
واضاف "الكدواني" في تصريحات خاصة لـ "أهل مصر" أن الدولة ضاعفت من تحركاتها خلال الفترة الأخيرة لتعزيز التضامن العربى، فضلاً عن مواصلة العمل على زيادة وعى الشعوب العربية بأهمية التكاتف والتوافق خاصة في ضوء دقة المرحلة الحالية التي تمر بها منطقتنا العربية والتي تتطلب توحيد الجهود من أجل مواجهة التحديات المختلفة.
وأكد وكيل لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب أن التحركات المصرية ظهرت من خلال النجاح في تحقيق التوافق الفلسطيني بين حركتي فتح وحماس، بجانب السعي لحل الأزمة اللبنانية والتي اندلعت مؤخرا، عقب إعلان رئيس الوزراء سعد الحريري استقالته من منصبه وسط أخبار عن تعرضه لمحاولة اغتيال من قبل عناصر حزب الله بزعامة حسن نصر.
وشدد "الكدواني" على أن أمن وسلامة سعد الحريري من شأنه أن يحافظ على هدوء المنطقة ويمنعها من الدخول في صراعات قد تصل إلى الحروب المسلحة، وهو ما يعيه الرئيس السيسي بشكل جيد، ويعمل على حل الأزمة بالطرق الدبلوماسية وظهر ذلك من خلال جولة السفير سامح شكري وزير الخارجية لعدد من دول المنطقة لبحث تطورات الاوضاع في المنطقة.
ومن جانبها قالت غادة عجمي، وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب، إنها تثق بشكل كبير في قدرة رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في حل الأزمة اللبنانية ومنع الصراع الذي تحاول بعض الدول أن تشعله داخل لبنان بين السنة والشيعة؛ لكي تتحول لبنان إلى منطقة حرب طائفية مثلما هو الحال في سوريا والعراق .
وأضافت "عجمي" في تصريحات خاصة أن المخططات الغربية لنشر الفوضى في المنطقة العربية؛ لكي يتم تقسيمها إلى دويلات صغيرة مازالت مستمرة ولم تتوقف وتحاول تلك الدول بشتى الطرق لتنفيذ تلك المخططات، لذلك فإنها تعمل على إحداث وقيعة بين أفراد الشعب الواحد لإشعال الحرب وجر البلاد العربية في حروب تؤدي في النهاية إلى استفلال كل فئة بمنطقة وتعلنها دولة مستقلة وهو المخطط الموضوع في لبنان .
وأشارت وكيل لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إلى أن إعلان سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني استقالته من منصبه، جاء نتيجة أفعال حزب الله الشيعي، التي تؤكد تلك المخططات وهو ما يجب أن يدرك جيدا،ما يؤكد الضرورة لتفويت الفرصة على الدول الغربية لنشر الفوضى في الدول العربية، مؤكدة على أنه إذا حل السلام في المنطقة سينعكس هذا على كافة الشعوب العربية وستصبح الدول العربية في مصاف الأمم المتحضرة بعد التفرغ للتنمية .
وأوضحت وكيل اللجنة أن الرئيس السيسي يعي ذلك جيدا وأفد السفير سامح شكري وزير الخارجية إلى 6 دول عربية برسائل منه إلى المسئولين بتلك المنطقة في إطار سعيه لتهدئة الأوضاع في المنطقة ومنع حدوث أية تطورات من شأنها أن تجر المنطقة بأكملها إلى حرب جديدة نحن في غنى عنها.
وحول موقف مصر من سحب رعاياها من لبنان على غرار قيام المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات بمطالبة رعاياها بضرورة مغادرة البلاد في اسرع وقت قالت وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان أن إعلان تلك الدول لهذا القرار ليس سببه هو وجود تهديدات لرعايا تلك الدول في حالة تواجدهم في لبنان خلال الفترة المقبلة، وإنما هو بمثابة رسالة قوية من قادة تلك الدول إلى كل من يسعى لنشر الفوضى والصراع في لبنان، مشيرة أنها تعتقد أن وزارة الخارجية لن تسير على درب تلك الدول وتطلب من المصريين الموجودين في لبنان مغادرتها لعدم وجود مخاطر تهدد وجودهم بها خلال الفترة الحالية على الأقل.