دماغ الرئيس فيها إيه؟!

لا أحد يستطيع أن يتعرف أو يخمن ماذا يحمل الرئيس السيسي في رأسه، ولاعتبارات عديدة، أهمها الأمن القومي المصري، لا يفصح الرئيس عن أسباب بعض القرارات التي يتخذها، "أزمة تيران وصنافير" كانت آخرها، كما لا يفصح عما يفكر أو يخطط له أو ما هو القرار الذي يتخذه تجاه قضية من القضايا.

وفي مواقف عديدة قالها الرئيس صراحة: "فيه حاجات كتير مينفعش نتكلم فيها علشان الكلام فيها بيضرنا".

وهنا يجب أن أقف عند قضية مهمة لم يتحدث فيها الرئيس في أي لقاء أو مؤتمرات أو يتخذ فيها قرارا مباشرا، اللهم إلا تلميحات وعبارات تنم عن شخصية رجل المخابرات، الذي لا يعلم عدوه ماذا يخطط له، وهذه القضية هي الأزمة اللبنانية واستقالة رئيس الوزراء سعد الحريري.

فالرئيس بالرغم من أنه لم يتحدث عن هذه الأزمة إلا أن بعض المواقف والأحداث تؤكد أن مصر مهتمة بالقضية إلى أقصى حد، أهم هذه الأحداث هي زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى 6 دول عربية حاملا رسائل الرئيس إلى زعماء هذه الدول موضحا رؤية مصر وتقييمها للأوضاع الراهنة، ومؤكداً على موقف القاهرة الثابت والداعم للعمل العربي المشترك وسياستها الراسخة للدفاع عن الأمن القومي العربي باعتباره كلا لا يتجزأ، والدفع بالحلول السياسية التي من شأنها أن تجنب المنطقة العربية مزيداً من الأزمات.

نعود للسؤال المهم: "دماغ الرئيس فيها إيه؟".. القارئ للأحداث الأخيرة يجد أن السيسي لم يصدر قرارا بمغادرة الرعايا المصريين لبنان مثلما فعلت دول السعودية والبحرين والإمارات، وأتصور أن الرئيس لم يتخذ هذا القرار لأسباب عدة أهمهما، رفضه بشكل قاطع فكرة عودة ما يسمى بـ" الهلال الشيعي والقوس السني"، تلك الفكرة التي يروج لها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الآن في المنطقة، والتي سبق وروج لها سابقه بارك أوباما في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، ورفضها مبارك، حيث تخدم هذه الفكرة جهة واحدة فقط هي إسرائيل.

وإذا كانت تلك هى بداية حرب شيعية سنية فى الشرق الأوسط فهى حرب بين حكومات لا يستند أى منها إلى إرادة شعبية حرة، وهى حرب لا تريدها شعوب الشرق الأوسط، وإنما هى قمة أمنيات الحكومات التى تعادى مصالحها، وتحديدا كل من الولايات المتحدة وإسرائيل، وهى حرب لا كاسب ولا مهزوم فيها، وسوف يكون وقودها هو الشيعة والسنة، وتكتفى كل من الولايات المتحدة وإسرائيل فيها بنفخ النيران.

والفكرة للذي لا يعلم تدور حول مؤامرة أمريكية لإنشاء تحالفين واحد سني يسمى "القوس السني" ويضم دول السنة في منطقة الشرق الأوسط بجانب إسرائيل والآخر تحالف يسمى "الهلال الشيعي" ويضم دول الشيعة، إيران وسوريا ولبنان، لتبدأ حربا بين التحالفين وتكون تل أبيب هي المستفيد الوحيد منها.

ويبدو أن مصر ستظل دائما "المعطل الدائم" لخطط تقسيم المنطقة، فبعد أن رفض مبارك هذا التحالف من قبل، وبعد أن أنقذ الجيش المصري البلاد من خطة الفوضى الخلاقة التي ظهرن بعد ما يسمى بثورات الربيع العربي، تقف مصر والرئيس السيسي حاليا ضد مخطط "الهلال الشسعي في مواجهة القوس السني"، وهو ما جعل الخارجية المصرية لم تصدر قرارا حتى الآن بمغادرة الرعايا المصريين من لبنان.

وأتصور أن الرئيس بهذه الخطوة إنما يصدر قرارا غير مباشر بعدم خوض هذه الحرب التي تؤدي في النهاية إلى مصلحة واحدة فقط هي "أمن إسرائيل وسلامتها".

ويمكن لمصر وللرئيس السيسي أن تقوم بهذا الدور لأن مصلحتها ترتفع فوق صراعات القوة والنفوذ هذه، وتكتسب مكانتها لأنها تعلى شأن المصالح الحقيقية للدول العربية والإسلامية.

وهنا يجب التوضيح أن مصر وجيشها لن تنجر إلى هذه المؤامرة وأن مصر ستظل رمانة الميزان في منطقة الشرق الأوسط، وستظل دائما "المعطل الدائم" لجميع مؤامرات تقسيم المنطقة التي تدبر تحت مسميات مختلفة آخرها "الهلال الشيعي في مواجهة القوس السني".

حمى الله مصر وشعبها من كل سوء

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً