أكد المركز المصري للدراسات الاقتصادية على عدم وضوح خطة الحكومة بشأن التعامل مع المنشآت المتعثرة في كافة القطاعات الإنتاجية والخدمية، ففي حالة التعثر، ينبغي تبني خطة طوارئ مناسبة تقوم على إنشاء صندوق لدعم المنشآت أو القطاعات المتعثرة أو ما شابه وإعداد دراسة سوق للنشاط المتعثر.
وأضاف أنه في حالة التأكد من جدوى النشاط، يتم إجراء تجميد لكافة الالتزامات المستحقة على النشاط من ضرائب وتأمينات وديون لحين تعافيه من عثرته، ومن ثم يتم الانتقال إلى الخطوة التالية وهي جدولة سداد هذه الالتزامات.
وأوضح أن قطاع السياحة يأتي كواحد من أهم القطاعات التي تشهد تعثرا منذ سنوات عديدة، بالرغم من أهميته الكبيرة للاقتصاد المصري من حيث مساهمته في الناتج المحلي وفي توفير فرص العمل، وباعتباره مصدرا هاما للنقد الأجنبي.
ومنذ عام 2011، يمر قطاع السياحة في مصر بأزمة أثرت سلبًا على أداء القطاع، حيث انخفض عدد السائحين الوافدين من 14.7 مليون سائح عام 2010 إلى 5.4 مليون سائح عام 2016. كما تراجعت الإيرادات السياحية بنحو 78% عام 2016 مقارنةً بعام 2010 وفقا لما ورد من بيانات من وزارة السياحة. هذا بالإضافة إلى حظر بعض الدول الأجنبية على مواطنيها السفر إلى مصر– وهي من الدول الأكثر إيفادا للسائحين إلى مصر ومن أهمها روسيا وبريطانيا–وبالتالي فقد عجز أصحاب المنشآت السياحية عن الوفاء بالعديد من التزاماتهم المالية بالإضافة إلى تعثر نحو 90%* من الفنادق.
لذلك قامت الحكومة المصرية بعدد من الإجراءات لإنقاذ قطاع السياحة، ومن أهمها تفعيل مبادرة البنك المركزي في يناير 2017 لإعادة تأهيل الفنادق والقرى السياحية التي تهالكت نتيجة لتراجع الحركة السياحية خلال السنوات الماضية خاصةً وأن الحالة الحالية للفنادق لا تسمح بعودة الحركة السياحية بمعدلات كبيرة، حيث إن معظمها لم يعد يصلح لاستقبال السائحين. وتهدف المبادرة إلى دعم القطاع بمبلغ 5 مليار جنيه قابلة للزيادة من خلال إنشاء صندوق تسهم فيه بعض البنوك العامة والخاصة يتم إدارته من خلال مجلس إدارة ويمنح قروضا لتجديد وصيانة الفنادق مقابل فائدة تصل إلى 10%، وذلك لصالح عمليات الإحلال والتجديد اللازمة للفنادق الثابتة والعائمة وأساطيل النقل السياحي (وإن كان ينقصها مزيد من التفعيل كما أشار عدد من العاملين في قطاع السياحة).
كما قرر رئيس الوزراء في فبراير 2017 تأجيل دفع المديونيات لدى الشركات السياحية لمدة عام على أن يكون الاستحقاق أول يناير 2018. وتشمل المديونيات فواتير الكهرباء والغاز والمياه، بالإضافة إلى جميع أنواع الضرائب التي لا تحصلها الشركات من السائح مثل الضرائب العقارية.
ومع بداية ظهور مؤشرات أولية لتعافي القطاع وعودة نشاط الحركة السياحية إلى مصر، صدر هذا القرار بفرض غرامات مطالبا هذا القطاع المتعثر بسداد ديون تراكمت منذ 37 عاما وهو ما من شأنه أن يفرض مزيدا من الأعباء وأن يعوق ما أنجزه القطاع من خطوات مبدئية نحو استعادة مكانته.
لذلك فمن الضروري وبشكل عاجل إعادة النظر في هذا القرار، على أن يتم جدولة هذه الديون ليتم سدادها على فترات زمنية مناسبة وفقا لحالة كل منشأة، ولحين تمكنها من توفيق أوضاعها، وتجاوز ما تعانيه حاليا من عثرات.
فضلا عن ذلك، يجب الإسراع بتبني استراتيجية ذات رؤية موحدة للتعامل مع القطاع وتكفل التنسيق بين كافة الجهات المعنية من الحكومة والقطاع الخاص لتفادي إصدار قرارات ذات نتائج عكسية، حيث إن قطاع السياحة نشاط يرتبط ويعتمد بشكل مباشر وغير مباشر على كافة القطاعات الأخرى وما تتخذه من إجراءات.
وجدير بالذكر في عام 2016، قام البنك المركزي بإطلاق مبادرة بشأن تأجيل مديونيات القطاع، وفيها تم الاتفاق مع البنوك على عدم إدراج مستثمري القطاع السياحي في قوائم التعثر وتوفيق أوضاعهم لتخفيف الأعباء على المنشآت السياحية في ظل ما لحق بالقطاع من خسائر منذ عام 2011.