في الأيام القليلة الماضية، كثّفت وسائل الإعلام الأميركية والبريطانية تغطيتها لدورة العام 2016 من أولمبياد Invictus.
أسس الأمير البريطاني هاري الأولمبياد في العام 2014، وخصّصه للمصابين والجرحى من المحاربين القدامى.
تتضمن كل ّدورة مسابقات وألعابا رياضية متنوعة مثل كرة السلة على الكراسي المتحركة، أو التجذيف في الأماكن المغلقة، أو مارثون الركض.
بعد اختيارها لافتتاح الدورة الأولى، عادت ولاية فلوريدا الأميركيّة لتستضيف الدورة الجديدة من الألعاب، الأسبوع الماضي. تنافس المشاركون من أكثر من 14 بلدًا، من بينها الولايات المتحدة، وبريطانيا، والعراق، والأردن، وفرنسا، وكندا، وألمانيا، وأفغانستان.
في الأيام التي سبقت الحدث الرياضي، أظهر الإعلام الأميركي والبريطاني اهتمامًا خاصًا بالعلاقة بين الأمير هاري والرئيس الأميركي وزوجته. استضاف برنامج «صباح الخير أميركا» كلا من الأمير الشاب، وميشيل أوباما للحديث عن المناسبة وتبادل النكات والمجاملات.
كان الأمير قد قبل في وقت سابق تحدي الرئيس الأميركي وزوجته لاقناع الملكة البريطانية إليزابيث بالاشتراك في شريط يروج لألعاب Invictus.
وبخلاف التوقعّات، وافقت الملكة العجوز على المشاركة في الشريط الذي أراده حفيدها، متخلية عن حذرها المعهود.
شغل فيديو الملكة أهم المنابر الإعلامية في كل من بريطانيا والولايات المتحدة، وفيه نرى الأمير هاري جالسًا إلى جانب جدته الملكة، يشرح لها برنامج الألعاب. في الشريط يصل إلى هاتف الأمير فيديو لميشيل أوباما برفقة زوجها الرئيس.
يقف الاثنان بوضــعية تحدٍ ويعـــلنان أنهما وفيا بوعدهما في استضافة الألعاب الأولمبية، ويذكران الأمير بوعده. بالطبع، تكون الغلبة للأمير الذي استطاع اقناع جدته بالظهور في الإعلان فقط من أجل «السخرية من آل أوباما» كما يقول.
يمكن القول أننا اليوم أمام مستوى جديد من برامج الواقع المصوّرة في البيت الأبيض أو قصر «كلارينس هاوس»، أبطاله العائلة الملكية البريطانية بكل ما يلفها من غموض، إلى جانب شخصيات سياسية أخرى تمتلك مفاصل القرار الدولي.
لا يخفى على أي متابعٍ اليوم، تركيز وسائل الإعلام الغربية على الأبعاد الاجتماعية والشخصية في حياة السياسيين؛ نكاتهم وعلاقاتهم الاجتماعية ورياضاتهم المفضلة، علّها تشغل الناس عن سؤال أشد إلحاحًا: هل يقوم هؤلاء بواجباتهم تجاه شعوبهم؟
من جهة أخرى، يمكن القول أن التغطية الإعلامية لحدث الألعاب الأولمبية لمصابي الحروب، تشكل نموذجًا لنجاح فرق العلاقات العامة في تحسين صورة السياسيين البريطانيين والأميركيين. فلم يتوقف الأمر عند اكتشاف الجمهور للقدرات التمثيلية للرئيس الأميركي وزوجته وملكة بريطانيا والأمير هاري.
بل تعدّاه إلى الترويج لرسائل سياسية أكثر أهمية وخطورة. في الظاهر يبدو Invictus مجرد حدثٍ رياضي يهدف إلى تحفيز الجنود المعوقين جراء خدمتهم لبلدانهم، لكنّ الوظيفة الأهمّ لهذا الحدث الرياضي تبقى في تلميع صورة الحروب الدمويّة. يكفي أنه تمّ تعيين الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش رئيسًا فخريًا للألعاب هذه السنة، في تناسٍ مقصود لدوره في زجّ الكثير من المقاتلين الأمريكيين في حروبٍ أودت بحياتهم وحياة آلاف الضحايا أو جعلتهم من ذوي الإعاقات.
نقلا عن جريدة السفير اللبنانية