التأمين الطبي.. عبارة عن اتفاق بين طرفين يتحمل فيه الطرف الأول النفقـــات المترتبـــة على الخدمات العلاجية المقدمة للطرف الثاني (فردًا كان أو جماعة)، مقابل مبلغ محدد، يتم سداده دفعه واحدة أو على هيئة أقساط.
ويقوم التأمين الطبي أساسًا على مفهوم توزيع الخطـــر المتوقع الذي قد يواجهـه الفـــرد، مما يؤدي إلى تخفيــف الأعباء والتكاليف المترتبة عند معالــجة الحالات المرضية التي يتعرض لها المؤمـن عليهم، وهو بذلك نظـــام اجتماعي يقوم على التعاون والتكافل بين الأفراد لتحمل ما يعجز عن تحمله أحدهم بمفـــرده، وشركات التأمين تنظم الاستفادة من توزيع الخطر لقاء أجر معلوم (قسط التأمين).
بدايات التأمين الطبي:
صدرت أول وثيقة تأمين طبي إلزامي على مستوى العالم في ألمانيا عام 1883م، وأجبر أرباب العمل والعمال على دفع التكاليف، وجاءت آخر مراحل تطور التأمين في أوربا عقب الحرب العالمية الثانية عندما أتاحت البلدان لمواطنيها ذات الخدمات الطبية التي سبق توفرها لمن يشملهم التأمين، ففي بريطانيا يوجد النظام الوطني الذي يتم تمويله بالأقساط الإلزامية والضرائب، وفي الولايات المتحدة الأمريكية يمول النظام الحر المتبع عن طريق التأمين الخاص ويتضمن اختيار نوع التغطية والطبيب اختيارًا حرًا، كما يوفر نوعية عالية من الرعاية لمن يستطيع تحمل تكاليفها فقط، وفي الاتحاد الأوربي فإن النظام متصل بالعمل والذي يمول بأقساط تأمينية إلزامية، فينطوي الجمع بين النوعية الجيدة وحرية الاختيار وبين الإنصاف والتكلفة المعقولة، لكن هذا لا يعني أن التأمين الصحي، أحد خاصيات الدول الغنية فالتأمين الصحي لم يعد أحد الرفاهيات بل هو ضرورة وأساس ليس بصحة الأفراد بل المجتمع كله. ففي تايلاند يقوم الموظفون في بداية كل سنة بتسجيل أسمائهم في إحدى المستشفيات التي تلعب دور المقدم الرئيسي ويتم التمويل من خلال إشتراكات من الأشخاص المؤمن عليهم (1.5% من الراتب ) ومن صاحب العمل ومن الحكومة وهذا النظام إجباري.
وفيما يتعلق بالعالم العربي، فإن أول وثيقة كتبت باللغة العربية لتأمين العلاج الطبي ظهرت عام 1957م في مصر بين الشركة المتحدة للتأمين وبنك الإسكندرية، كما صدرت وثيقة أخرى في نفس العام بين شركة مصر للتأمين وشركة اسوستاندر للخدمات البترولية.
يقدم تأمين الرعاية الصحية التجاري الخاص خدمات لكل من:
أولًا.. الدولة:
1- تخفيف عبء نفقات العلاج والمساهمة فى تكلفة التأمين الصحي الأمر الذى يمكن الدولة من تخصيص مبالغ أكبر لعمليات الوقاية ( التحصينات والتطعيمات …الخ)
2- رفع المستوى الصحي للمؤمن عليهم وتأثير ذلك على الإنتاج كنتيجة لخفض عدد أيام الغياب بسبب المرض.
ثانيًا.. المؤمن عليه:
1-الأمان النفسي والطمأنينة من خطر الأمراض والعمليات الجراحية.
2- رفع المستوى الصحي والإنتاجي للفرد.
3- حماية دخول الأفراد من تقلبات الأسعار وارتفاع تكاليف العلاج.
4- تحسين جودة الخدمة الطبية مقابل ما يدفعة المؤمن علية.
ثالثًا.. شركات التأمين:
تعمل الشركات دائما على توفير أكبر قدر من الحماية للمؤمن عليهم نظير تكلفة معقولة تناسب الخطر مما أدي إلي قيام هذه الشركات بتقديم الخدمة الطبية ليس لعملائها فقط بل أصبح هذا التأمين وسيلة لجذب عمليات تأمينية جديدة أخرى.
تجارب الدول في التأمين الطبي
يعتمد نظام الرعاية الصحية في الولايات المتحدة الأمريكية على القطاع الخاص بصورة كبيرة في تقديم الخدمات الطبية لأغلب فئات السكان ويقتصر دور القطاع الحكومي على أصحاب المعاشات والفقراء والموظفين الفيدراليين وبعض الفئات الأخرى، ويجبر قانون شركات الرعاية الصحية لسنة 1973 رب العمل صاحب المنشأة التي تضم 25 موظف على الأقل بالتعاقد مع شركة رعاية صحية لتقديم خدمات طبية للموظفين.
ونشأ النظام الصحي في إنجلترا وويلز بقانون الخدمات الصحية الوطنية في عام 1946، ونص على أن تقديم الخدمات الطبية يكون من خلال هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) بشكل كبير، وأن يقتصر دور القطاع الخاص على تقديم خدمات تكميلية.
وتعتبر الهيئة أقدم وأكبر مشتري خدمة في العالم مما يجعلها من أكبر 5 أصحاب أعمال على مستوى العالم بعد الجيش الصيني وسكك حديد الهند ووال مارت ووزارة الدفاع الأمريكي بما يقرب من 1،07 مليون عامل منهم 150 ألف دكتور في عام 2014.
ويعتمد نظام الرعاية الصحية في فرنسا على التكامل بين الحكومة والقطاع الخاص بحيث يحصل المستفيد على الخدمة من أي مستشفى خاضعة للقطاع الخاص المتعاقدة مع الحكومة، ويقوم بعد ذلك باسترداد جزء من نفقاتها من نظام التأمين الصحي، ويصنف النظام من قبل منظمة الصحة العالمية كواحد من "أقرب الأنظمة إلى الكمال في تقديم الرعاية الصحية" على مستوى العالم وتقوم فرنسا بإنفاق ما يقرب من 11،6% من الناتج المحلي الإجمالي للرعاية الصحية.
وفي مصر تعددت التشريعات التي تغطي فئات السكان تحت مظلة التأمين الصحي الاجتماعي" القانون رقم 10 لسنة 1981 للإشراف والرقابة على التأمين في مصر ولا يوجد بالقانون مواد تختص بفرع التأمين الطبي ولكن يغطي القانون كل فروع التأمينات ويقتصر القانون على الفصل بين نظام تأمينات الحياة ونظام التأمينات العامة، والجدير بالذكر أنه لا يوجد نظام تشريعي ينظم العلاقة بين المستفيدين وشركات الرعاية الصحية HMO مما يضع المستفيدين في خطر في حالة إفلاس أو وجود مشاكل مع تلك الشركات وخاصة أنه لا توجد جهة رقابية تقوم بالإشراف والرقابة على تلك الشركات كما لا يوجد تشريع ينظم العلاقة بين شركات التأمين وشركات إدارة الخدمات الصحية TPA.
نشاط التأمين الطبى فى مصر
• يتكون سوق التأمين في مصر حاليا من36شركة تأمين (22شركة تأمينات ممتلكات ومسئوليات و14شركة تأمينات حياة).
• هناك نمو مستمر لنشاط قطاع التأمين المصرى من عام لأخر، حيث تشير مؤشرات نشاط سوق التأمين المصرى إلى ارتفاع إجمالى أقساط التأمين فى عام 20152016 لتصل إلى 18.2مليار جنيه مقارنة بـ 16.2مليار جنيه فى عام 20142015 بنسبة إرتفاع 11.5%.
• أما فيما يتعلق بالتأمين الطبى، فقد ارتفع حجــم أقساط التأمين الطبي المباشر من 415 مليون جنيه عام 20092010 إلى 1505مليون جنيه عام 20152016 وذلك نتيجـــة تطوير التغطيات المتاحة مع تزايد أسعار بعض التغطيات نتيجة ارتفاع تكاليف العلاج بالإضافة إلى زيادة عدد الوثائق المصدرة نتيجة زيادة وعى العملاء بأهمية هذا النوع من التأمين.
دور الاتحاد المصرى للتأمين
قام الاتحاد المصرى للتأمين من خلال اللجنة العامة للرعاية الصحية بدراسة كافة مشروعات قانون التأمين الصحى الإجتماعى الشامل الجديد حيث انتهى الرأى بالتوصية إلى ضرورة الحفاظ على شركات التأمين التى تمارس فرع التأمين الطبى (عامةخاصة)، بإضافة نص في مشروع هذا القانون يسمح لهيئة التأمين الصحي بالتعاقد مع شركات التأمين كحامل خطر لتغطية قطاعات أو محافظات أو فئات معينة من المجتمع، أو على الأقل السماح لأصحاب الأعمال في إبرام عقود مع شركات التأمين مقابل الإعفاء من جزء من اشتراك التأمين الصحي الشامل.
ونظرًا لزيادة الطلب على التأمين الطبى الخاص فى شركات التأمين فى الفترة الأخيرة بالإضافة الى ظهور شريحة جديدة من العملاء ذوى الإعداد الكبيرة بداية من 5000 فرد، وهو ما يعتبر سوقًا واعدًا لشركات التأمين التى تزاول التأمين الطبى فإن الأمر يحتاج الى مزيد من تكاتف الكفاءات الفنية فى الاكتتاب والذى سينعكس على تحقيق نتائج إيجابية لسوق التأمين المصري، بالإضافة إلى تكوين قاعدة بيانات لضبط أداء العملاء غير جيدي النتائج.
كما يجب أن يكون للتأمين الطبى الخاص دور فى مشروع قانون التأمين الصحى الشامل لما لديه من خبرات إدارية وتكنولوجية بتقديم تغطية إضافية من شركات التأمين للإمراض الشائعة او الإمراض الغير مشمولة مقابل جزء من القسط التأمينى واستخدام شركات الـ TPA في الإدارة.