قصة مخدر أشعل الصراع باليمن.. "القات" كلمة السر في مقتل علي عبد الله صالح

كتب : عبده عطا

أثار مقتل الرئيس اليمني السابق، علي عبد الله صالح، على يد المليشيات الحوثية، صباح أمس الإثنين، جدلًا واسعًا، إذ لا تزال الدهشة تعلو وجوه الكثيرين من الساسة في شتى أنحاء العالم، حيث كان "صالح" بالأمس صديقًا لعبد اللملك الحوثي، وبات الآن ضحية له.بفم منتفخ لا يعرف أغلب الناس ما بداخله، اعتاد اليمنيون منذ مئات السنين على مضغ نبات "القات" الذي يوجد به مادة مخدرة تجعلهم دائمًا في حالة من الهيجان العصبي فلا يستطيعون السير بدونه.يستمر مفعول نبات "القات" بعد مضغه، ساعتين إلى ثلاث ساعات وبعدها ترتخي عضلات الشخص المتناول له، ويرجع إلى سيرته الأولى، فهو لا يستطيع العمل ولا السير بدون تناوله.

زراعة القات:

كانت اليمن مشتهرة بزراعة اللبن قديمًا، إلا نبات "القات" جاء ليحل محله في القرن السادس عشر، حيث قام المزارعون باستبدال كافة الأراضي الزراعية التي كانت تستخدم من أجل زراعة الفاكهة وغيرها من الأنواع الأخرى، إلى زراعة نبات القات لما يديره من ربح على صاحبه، فالربح الذي يحققه يفوق عشرات ما كانت تجنيه الفواكه على صاحبها.ووفق تقرير مؤسسة جيمس تاون الأمريكية، فإن مشايخ القبائل المقربين من الرئيس السابق علي عبد الله صالح، يكادون يعتمدون اعتماد شبه كلي على تجارة هذه النبتة، إلا أن الحكومة لم تبذل جهدًا يذكر لمكافحة استخدامها، موضحةً أن هذا النبات يستهلك قرابة 40% من مياه الري، وكل حزمة تكلف حوالي 500 لتر من الماء، ويقول العلماء: إن صنعاء قد تكون أول عاصمة في العالم تجف فيها المياه تمامًا.ويتم حصد القات خلال تجميع الأوراق والسيقان في أكياس بلاستيكية أو وضعها في أوراق الموز للحفاظ على الرطوبة والحفاظ على الكاثينون قويًا، بالإضافة إلى رش هذه الأوراق بالماء بشكل متكرر أو استخدام أجهزة التبريد أثناء النقل، لكي يظل على حيويته، لأنه بمرور 24 ساعة على قطفة يذبل هذا الورق ويصبح تالفًا.أضراره الصحية:

يحتوي "القات" على منشطات ذهنية تعمل على ارتفاع ضغط الدم واحتشاء عضلة القلب، بالإضافة إلى أن مضغه لساعات طويلة يكون سببًا في نوبات قلبية مفاجئة، كما أنه سبب رئيسي في انعدام الشهية، وانتشار الأورام الخبيثة في الفم.الاعتراف به كمخدر:

في عام 1973 أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن نبات القات ضمن قائمة الواد المخدرة، مؤكده ذلك بأنها استمرت مايقرب من 6 سنوات لتتأكد من إذا كان هذا النبات يحتوي على مواد مخدرة أم لا، إلا أن النتيجة جاءت بأن هذه النبته تحتوي على مادتي نوربسيدو فيدرين، والكاثين، الذين يؤثرا على الخلايا العصبية للشخص.طرق التعاطي:

يضع المتعاطي أوراق القات في فمه ثم يقوم بمضغها وتخزنيها في أحد شدقيه ويمتصها ببطء عن طريق الشعيرات الدموية في الفم، أو يبتلع المتعاطي عصيرها مع قليل من الماء أو المشروبات الغازية بين الحين والآخر.تستمر العملية هذه لساعات طويلة، حيث يبدأ المضغ "التخزين" في اليمن بعد تناول طعام الغداء الذي يكون غالبًا بين الواحدة والثانية ظهرًا إلى قبيل غروب الشمس، ثم يعاود بعضهم التعاطي مرة أخرى حتى ساعة متأخرة من الليل.جهود مكافحته:

الكثير من المنظمات الدولية قامت بمحاربة هذه الظاهرة التي توارثها اليمنيون على مدار العقود الماضية، إلا أن الفشل كان حليفهم في كل مرة لأن أصحاب الأراضي الزراعية يرفضون كافة هذه المبادرات لأنهم هم المستفيدين من الربح الكثير الذي يديره هذا المحصول.وفى محاولة أخرى لرئيس الوزراء اليمني محسن العيني، يمنع عبر قرار له مضغ القات في المؤسسات الحكومية، بالإضافة إلى منع زراعته في الأراضي التابعة للدولة، إلا أن مقترحاته هذه كانت أحد أسباب سقوط حكومته. 

هند الإرياني تشن حربًا على القات:

تعتبر الناشطة اليمنية هند الإرياني، هي مفجرة الحملات التوعوية ضد نبات القات على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لاقت هذه الحملات جدلاً واسعًا، ما دفع الحكومات اليمنية إلى التعاون مع الناشطة وإصدار قرارت تجرم تناوله. في يناير 2012، قامت الناشطة اليمنية بتدشين "حملة يوم بلا قات"، وروجت لها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، آن ذاك، ولاقت هذه الحملة ردرد أفعال لدى الكثيرين في اليمن.شارك في هذه الحملة الكثير من الشباب وقام بالترويج لها من خلال توزيع منشورات توعوية في الجامعات في صنعاء، وقامت مؤسسة أجيال بلا قات بنصب خيمة توعوية في ساحة الحرية في تعز "سمي اليوم هذا باليوم الوطني لمكافحة القات" ويتم الاحتفال به كل عام.

لم يتوقف نشاط هند الإرياني عند هذا الحد؛ بل أعلنت للمرة الثانية عبر موقع تويتر عن حملة في يوم 12 أبريل 2012، باسم "منشآت حكومية بلا قات"، تهدف الحملة للضغط على الحكومة اليمنية لمنع مضغ القات في المنشآت الحكومية.ودفعت الحرب التي شنتها الناشطة اليمنية، إلى تفاعل وزير التربية والتعليم ووزير الإعلام معها، وأصدرا قرارات بأن يكون يومي 11 و 12 أبريل للتوعية بأضرار القات في المدارس ووسائط الإعلام الحكومية.الناشطة اليمنية تقود تظاهرة أمام البرلمانوتواصل هند الإرياني، الرحلة التي بدأتها من أجل التخلص من نبات القات، حيث نظمت مظاهرات أمام البرلمان، إذ تعتبر هي الأولى من نوعها، وذلك من أجل الضغط لإقرار قانون، أو تبني استراتيجية لحل مشكلة القات تدريجيًا، إلا أن القانون لاقى الرفض من قبل غالبية النواب عدة مرات. كان هدف الناشطة أن يتم إعادة التصويت وهو ماحدث بعد مقابلتها ومجموعة من النشطاء من مؤسسة إرادة بلا قات لرئيس مجلس النواب، وقامت هند الإرياني بإلقاء كلمة أمام رئيس المجلس والأعضاء، وبناءً عليه أصدر رئيس المجلس قرراً بإعادة التصويت، ولكن القانون قوبل بالرفض من قبل أعضاء البرلمان بحجة أن القات ذهبًا أخضر، حيث فسر الكثيرين هذا الرفض من قبل البرلمان، قائلين بأن أغلبية الأعضاء ممن صوتوا على القانون يمتلكون آلاف الأفدنة التي تعج بنبات القات.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
انطلاق قمة مجموعة العشرين بمشاركة الرئيس السيسي.. بث مباشر