ضجت المواقع الإخبارية بالإدانات والبيانات والتحذيرات، الصادرة عن الدول العربية والغربية على حد سواء، في الوقت الذي اختلف تعبير كل دولة عن رؤيتها لقرار نقل الرئيس الأمريكي للسفارة الأمريكية إلى القدس، اتفقوا جميعًا على رفضه، معلنين أن التاريخ هو القادر على تحديد مستقبل القدس وليس قرار لرئيس أو لدولة.
انتهت لحظات الانتظار الطويلة، عندما أعلن دونالد ترامب في خطابه، مساء أمس: "بناء على قانون الكونجرس أطلب من وزارة الخارجية التجهيز للسفارة الأمريكية الجديدة بالقدس".. دموع الوطن الضائع غطت وجوه الفلسطنين، الحسرة سكنت القلوب، النساء التي طالما خسرت أزواجًا وأطفالًا، فقدت الأمل في حماية ما تبقى لها من عائلتها.
الفلسطينيين أصبحوا على يقين أن قرار الرئيس الأمريكي سيفتح الباب على مصرعيه لخسارة جزء آخر من الوطن، تزهق معه الأرواح، وتسيل دماء الشهداء على أرض القدس، التي قال عنها نزار قبّاني "حزينةٌ عيناكِ، يا مدينةَ البتول".
قرار ترامب في نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، اصطدم بالتحذيرات والاستنكارات، حيث استنكرت الخارجية المصرية ما حدث في بيانها بقولها: "اتخاذ مثل هذه القرارات الأحادية يعد مخالفا لقرارات الشرعية الدولية، ولن يغير من الوضعية القانونية لمدينة القدس باعتبارها واقعة تحت الاحتلال"، يحذر الأزهر الشريف في بيان مماثل من ذلك القرار الذي سيقضي على مشاعر مليار ونصف مسلم بالراضي الفلسطنينية.
وفي الوقت الذي تحاول فيه سوريا نفض إرهاب "داعش" عن أرضها، أعلنت أن مستقبل القدس لا يخضع إلا لتاريخها، فعبرت الرئاسة السورية عبر صفحتها في "فيس بوك": "مستقبل القدس لا تحدده دولة أو رئيس، بل يحدده تاريخها وإرادة وعزم الأوفياء للقضية الفلسطينية التي ستبقى حية في ضمير الأمة العربية".طهران، الأردن، وغيرها من البلاد العربية والغربية، سارت على نفس النهج، إدانات وتحذيرات صماء، غير قادرة على وقف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، عن قراره بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس.
استطاعت الدبلوماسية العربية أن تساعد غيرها في استعادة الأمان والتصالح، في صباح السادس من يونيو الماضي، الحياة السياسة بمصر هادئة، إلا من جولات الوزراء المعتادة، التي تعطي للمواقع الإخبارية حياة، ليظهر قرار دول عربية "مصر، السعودية، البحرين، الإمارات واليمن"، بقطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، رافضين تدخلها في الشأن الداخلي للدول، ودعمها للإهارب.لم يكن ذلك هو النجاح الأول للقوة الدبلوماسية في التأثير على غيرها من الدول، الثامن من نوفمبر الماضي، كان شاهدًا على ذلك النجاح، عندما استطاعات الدبلوماسية السعودية بالتعاون مع دول منظمة التعاون الإسلامي لدى الأمم المتحدة في إصدار قرار بوقف العمليات والانتهاكات العسكرية ضد أقلية الروهينجا، في ظل البطش، الذي تعرضت له الأقلية المسلمة في ميانمر."لكِ في القلوبِ منازلٌ ورحابُ".. اختزل نزار قباني حب العالم العربي للقدس في تلك كلماته الشعرية، لكن الدبلوماسية التي عبرت عن حب الدول للقدس، لم تكن قادرة على وقف نقل السفارة الأمريكية للقدس، لتصبح الإدانات والبيانات الصماء، كهلًا غير قادر على القتال، وحماية القدس "مهد الديانات السماوية".