قالت مجلة نيويوركر أن السياسة الامريكية في سوريا قد تطورت بعد إعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نهاية "المهمة" لبلاده في سوريا بعد هزيمة تنظيم داعش.
حيث قال الرئيس الامريكي دونالد ترامب أن الإدراة الأمريكية جاهزة لقبول الأسد في الحكم حتى الانتخابات الرئاسية المقررة في عام 2021.
وبناء على هذا الموقف الذي نقل عن مسؤولين أمريكيين وأوروبيين فإن واشنطن تتراجع عن بياناتها التي ظلت تتمسك برحيل الأسد لتحقيق عملية الانتقال السياسي وبالتالي وقف الحرب.
ولم يتبدل الموقف حتى أكتوبر عندما قال وزير الخارجية ريكس تيلرسون "تريد الولايات المتحدة سوريا موحدة من دون بشار الأسد"، وقال للصحافيين إن "حكم عائلة الأسد يقترب من نهايته والموضوع الرئيسي هو كيفية تحقيقه".
وقالت المجلة إن القرار الأخير يعكس الخيارات المحدودة أمام الإدارة والوضع العسكري على الأرض ونجاح روسيا وإيران وحزب الله بتقوية وضع الأسد.
وبدا هذا واضحا في الزيارة المفاجئة التي قام بها فلاديمير بوتين للقاعدة الروسية حميميم على الساحل السوري حيث أعلن نهاية المعركة ضد تنظيم داعش وسحب قواته من سورية.
وقال بوتين إن "القوات الروسية والسورية استطاعت وبعامين تقريبا هزيمة أعتى الجماعات الإرهابية الدُّولية"، وكانت القوات الروسية الجوية قد تدخلت في الحرب الأهلية السورية في سبتمبر 2015 حيث حرفت ميزان القوة لمصلحة نظام الأسد.
وعلى خلاف روسيا تدخلت الولايات المتحدة في سوريا ولكنها ركزت على قتال تنظيم داعش وأنفقت 14 مليار دولار منذ عام 2014 أي ما معدله 13 مليون دولار في اليوم في الحملة الجوية ضد تنظيم داعش.
ونشرت إضافة للجهود الجوية 2.000 جندي لمساعدة قوات سورية الديمقراطية السيطرة على الرقة عاصمة ما كانت تعرف بالخلافة.
واعترفت الإدارة في الأشهر الأخيرة بالواقع على الأرض وبقاء الأسد الذي حكمت عائلته سورية نصف قرن تقريبا.
وتسيطر حكومة الأسد على غالبية المناطق بما فيها المدن الكبيرة مثل دمشق وحمص وحماة وحلب التي كانت في أيدي المعارضة حتى العام الماضي، ويطلق على المناطق هذه سوريا المفيدة.
وبمساعدة من الروس والإيرانيين وحزب الله قام النظام بربط المناطق التي ظلت معزولة طوال سنوات الحرب وبالتالي استعادة حكم الأسد على معظم السكان السوريين، وبعد نهاية تنظيم داعش في أكتوبر ركز المجتمع الدُّولي اهتمامه على الحرب الأهلية السورية الأصلية وكيفية إنهائها.
ومرة أخرى يفوز الأسد بسبب دعم حلفائه، ومن ناحية فعلية فقد أصبحت المعارضة السورية المسلحة التي حظيت بدعم أمريكي حتى وقت قريب غير فاعلة بل تمزقت إلى فصائل وجماعات.
ولم يظهر من بينها أي قائد قوي وخلال سنوات الحرب السبع، وأصبح مطلبهم رحيل الأسد شرطا لبدء التفاوض غير واقعي.
ومن الناحية الدبلوماسية أصبحت الولايات المتحدة معزولة من قبل الترويكا – روسيا وتركيا وإيران التي تسيطر على عملية السلام.
ولم تحقق جولات عدة من السلام برعاية الأمم المتحدة في جنيف إلا أن جولات السلام التي عقدتها الترويكا في أستانة وسوشي تفوقت على جهود الأمم المتحدة.
وبعد زيارته لسوريا سافر بوتين إلى تركيا حيث ناقش مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخطوة المقبلة للسلام. وعبرت إدارة ترامب في الأيام الأولى من وصولها إلى البيت الأبيض عن أن تعاونا وتسوية مع الروس قد تحققا، إلا أن ترامب قرر في أبريل توجيه ضربة عسكرية للنظام بعد هجوم بالكيميائي على بلدة خان شيخون التي قتل فيها أطفال "أطفال جميلون" كما قال.
وفي ضوء الوقائع السياسية والعسكرية توصل المسؤولون الأمريكيون إلى أن أية عملية نقل في السلطة لن تتم من دون انتخابات نزيهة تديرها الأمم المتحدة.
والوضع في سورية سيئ جدا بعد سنوات من الحرب التي دمرت مساحات واسعة من البيوت والبنى التحتية. ولم يبق من المدارس والعيادات والمستشفيات والطرق وأسلاك الكهرباء إلا أنقاض.
ويعتبر الدبلوماسيون عقد انتخابات نزيهة يشارك فيها ملايين اللاجئين في الخارج تحديا كبيرا، ولن تظهر معارضة حقيقية وتحمل مصداقية إلا بعد وقت طويل.
وتعتقد الإدارة الأمريكية الحالية أن رحيل الأسد لن يتم عبر عملية عسكرية بل بالانتخابات، وعليها والحالة هذه أن تنتظر حتى عام 2021.
وربما بقي الأسد في السلطة حتى بعد مغادرة ترامب البيت الأبيض، وهذا يعتمد على نتائج انتخابات عام 2021.
وهناك قلق بين المسؤولين الأمريكيين من فوز الرئيس السوري بالانتخابات بطريقة أو بأخرى ويستمر في الحكم سنوات مقبلة.