أناس يطوفون على سطح المياه لأكثر من 9 ساعات، فى درجة حرارة وصلت إلى 5 درجات مئوية، وسط منطقة تعج بأسماك القرش والباراكودا.. مشاهد مر عليها 26 عامًا جراء حادث غرق عبارة سالم إكسبرس التي وقعت في 15 ديسمبر 1991 في البحر الأحمر قبالة سواحل سفاجا بمصر.
العبارة كانت ترفع علم دولة بنما ومملوكة لشركة "سما تورز" للملاحة، لصاحبها سالم عبد الرازق، وغرقت خلال رحلة بين جدة والسويس، بعد اصطدامها بحقل للشعاب المرجانية، ما أسفر عن مصرع 476 شخصًا.
الاستغاثة
مع قرب منتصف الليل ومع حلول الساعة الحادية عشر مساءً، أبلغ ربان السفينة -حسن مورو- ميناء سفاجا بدخوله منطقة الشمندورات خلال نصف ساعة.
لم يستغرق الأمر سوى 5 دقائق حتى عاود ربان السفينة الاتصال بالميناء وأبلغهم أن العبارة تعاني من جنوح نتيجة اصطدامها بالشعاب المرجانية الموجودة في جنوب الميناء على بعد 16 كيلو متر، ويتعرض للغرق، وطلب الإنقاذ والنجدة الفورية؛ نظرًا لاندفاع الماء داخل السفينة، وميلها 14 درجة تمامًا.
وثبت فيما بعد أن العبارة لم يتم إخلاؤها بالطريقة الطبيعية بنزول القوارب والرماثات ولكنها أحتكت بالشعاب المرجانية وتدفقت المياه داخلها ثم غرقت في أقل من ربع ساعة.
الإنقاذ
رغم الاستغاثة العاجلة التي أطلقها ربان السفينة -مساءً- إلا أن أولى علميات الإنقاذ بدأت في - الثامنة صباح اليوم التالي- أي أن الركاب ظلوا 9 ساعات كاملة فى المياه الباردة التي وصلت درجة حرارتها إلى 5 درجات مئوية ليلًا.
ميناء سفاجا أجرى أول اتصال له بعد الواقعة مع محافظ البحر الأحمر الذي أيقظوه من النوم وأبلغوه بالحادث، وكان هذا في حدود -الثالثة صباحًا- أي بعد 3 ساعات كاملة من غرق السفينة.
دفعت القوات البحرية بـ3 لنشات للإنقاذ، ودفعت القوات الجوية بـ5 طائرات من طراز c-130 للبحث والإنقاذ، ولم يعثر للسفينة على أثر، ووجد بعض الركاب الناجين الذين تم نقلهم إلى مدينة سفاجا، والذي بلغ عددهم نحو 178 راكبًا.
الإهمال
كان عدد سيارات الإسعاف المتوافرة 7 سيارات فقط، وعدد أسرة المستشفيات المتوافرة 377 سريرًا فقط، ولم تتوفر عربات لنقل الموتى، فضلًا عن التعقيدات الإدارية بنقل جثث المتوفيين -كلهم من الصعيد- إلى مشرحة زينهم بالقاهرة.
الربان
بعد 3 أيام من الواقعة وجدت جثة القبطان " مورو" وهو يحتضن الضُمان، ولم تجد زوجته وذويه غير عربة نصف نقل لنقله إلى مدينة الإسكندرية.
تأمين العبارة
ثبت أن السفينة تم التفتيش عليها من قبل هيئة الإشراف والتسجيل "لويدز " الإنجليزية، وتم التأمين عليها وعلى آلاتها والبضائع والركاب، كما ثبت التفتيش عليها من التفتيش البحري المصري قبل سفرها من مصر ومن التفتيش البحري السعودي قبل خروجها من السعودية.
التعويضات
اختفى مالك العبارة، سالم عبد الرازق، لمدة 6 أيام ليظهر للإعلام مرة أخرى معلنًا أنه سيدفع تعويضات لأسر الضحايا -وفقًا للقانون- تمثلت في 50 ألف جنيه للمتوفي طبقًا لما هو موضح بوثيقة التأمين.
وكلف رئيس مجلس الوزراء -أنذاك- لجنة بمتابعة صرف تعويضات الضحايا طبقًا للقانون.
ناجون
نجي من تلك الواقعة نحو 178 راكبًا، وتناولت وسائل الإعلام المصرية قصص اثنين فقط، أحدهما كان "محمود إسماعيل" الذي سرد تفاصيل حلمه بالذهاب إلى السعودية لآداء العُمرة لكن جواز سفره كان به مشكلة والعميد المسؤول عن الجوازات رفض السماح له بالسفر، إلا أن الصدفة لعبت دور في منحه إشارة المرور بعد بكاء صديقه شعبان متوسلًا العميد الذي حل المشكلة وسمح له بالعبور.
وتناولت وسائل الإعلام قصة "حنان عوض" التي عملت كواحدة من طاقم التمريض بالعبارة، والتي سبحت لمدة 8 ساعات كاملة حتى وصلت إلى الشاطئ.
تقول "حنان" إنه قبل الواقعة بنصف الساعة، سمعت قائد العبارة يبلغ قائدها "العبارة مش واخدة سرعتها يا قبطان"، فكانت تسير بـ13 عقدة رغم أن سرعتها 18 عقدة.
وتابعت: "سمعت أيضا أن طريقًا مختصرًا يوفر الوقت يفضل قائد العبارة اتخاذه"، ما دفعها إلى سرد الرواية إلى الطبيب المسؤول الذي طلب منها عدم الخوف والذهاب إلى الكبينة خاصتها، مؤكدة أنه رأت بعض الزوارق تخرج للبحر من العبارة فاعتقدت أنه مجدرد مناورة عادية.
شهدت "عوض" توقفت العبارة، وبعدها أطلق الطاقم كرات سوداء على سطح الماء إشارة على وجود أعطال بها، وطلب القبطان المساعدة، بعدها مباشرة بدأت المياه تدخل من نوافذ العبارة، وأطلقت حينها نداءات "المركب بتغرق".
يروي "إسماعيل" المشاهد الأولى للواقعة التي بدأت بتدفق المياه من الغرفة التي يمكثون بها، ثم انشطار العبارة لنصفين، لتغرق في 6 دقائق فقط، وغاصت حتى 30 قدم.