يزيد بن معاوية.. المظلوم الذي لم يقتل الحسين(1من 4)

مما يؤسف له أن جُلَ المسلمين إن لم يكن كلهم يعتقد بأن يزيد بن معاوية هو من قتل سيدنا الحسين أحد سيدي شباب أهل الجنة و سبط النبي صلى الله عليه و سلم، رضي الله عنه و أرضاه، و ذلك بسبب أن المصادر التاريخية المتاحة للمطالعة و التي تنتشر في المكتبات العربية عامة، لم تذكر سوى ذلك.

و من المؤسف أيضاً عدم اهتمام الباحثين في التاريخ و التراث بتنقية مثل هذه الأكاذيب و الترهات التي ملأت كتب التاريخ، حتى باتت مصدراً للمؤرخين من العرب و العجم على السواء.

و إننا في هذه السلسلة نذكر معا بالوقائع التاريخية المنقحة و الأدلة الدامغة على إنصاف يزيد من هذه التهمة المفتراة عليه، ليس لشيء إلا لإظهار التاريخ الحقيقي ليزيد بن معاوية و إيضاح مناقبه المثبتة ببراهين ساطعة، و لعل الهجمة على يزيد ليست في الأساس إلا هجمة على البيت الأُموي الحاكم الذي فتح الدنيا لانتشار الإسلام و لو جانب بعض حكامه و خلفائه الصواب في بعض قراراتهم، فهم في النهاية بشر غير معصومين، إذ انتهت العصمة بموت خاتم الأنبياء و المرسلين محمد صلى الله عليه و سلم.

من هو يزيد؟

لم يكن يزيد بن معاوية رحمه الله تعالى و رضي عن أبيه، فاحشا ولا متفحشا ولا شارب خمر كما يعتقد البعض، وكنت منهم قبل البحث، غفر الله لي ولمن عاد لجادة الصواب والإنصاف بعيداً عن المولاة و المعاداة و التمذهب، بل كان على خلق حسن و علم واسع و قيادة و دراية و قد جلب له أبوه الصحابي الجليل معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أجل العلماء و المؤدبين له في صغره و صباه، و حسبه من ذلك ما نسوقه لاحقاً عن مناقبه المذكورة في أحاديث نبوية صحيحة كان له حظ من نيل نصيب من بركتها و تحقيقها فيه و هو لم يكن بعد قد وُلد حينما قالها الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم.

حيث أنه كان من الذين قادوا أول جيش غزا القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية التي استمرت زهاء ألف و خمسمائة عام لم تستطع إمبراطورية قهرها أو هدم أسوارها و فتحها، رغم المحاولات المتعاقبة عليها و منها محاولات خلفاء بني أمية بدءاً من معاوية و انتهاء بسليمان بن عبد الملك بن مروان، حتى جاء السلطان محمد تالخامس الملقب بالفاتح من سلاطين الخلافة العثمانية و فتحها و عُرفت فيما بعد باسم اسطنبول.

و قد كان يزيد ممن صح فيهم حديثه صلى الله عليه و سلم و الذي أخرجه البخاري في صحيحه و هو:

أخرج البخاري في صحيحه، عن خالد بن معدان أن عمير بن الأسود العنسي حدثه أنه أتى عبادة بن الصامت و هو نازل في ساحة حمص و هو في بناء له و معه أم حَرام ،" قال عمير : فحدثتنا أم حرام أنها سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد أوجبوا ، فقالت أم حرام : قلت يا رسول الله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم ، فقلت : أنا فيهم قال : لا".

البخاري مع الفتح (6/120) .

..و في رواية أخرى :

"فتحرك الجيش نحو القسطنطينية بقيادة بُسر بن أرطأة رضي الله عنه عام خمسين من الهجرة ، فاشتد الأمر على المسلمين فأرسل بسر يطلب المدد من معاوية، فجهز معاوية جيشاً بقيادة ولده يزيد ، فكان في هذا الجيش كل من أبي أيوب الأنصاري و عبد الله بن عمر و عبد الله ابن الزبير و ابن عباس وجمع غفير من الصحابة ، رضي الله عنهم أجمعين، و بالعقل، كيف قبل هؤلاء الكرام السادة الكبار من صحابة النبي المختار قيادة فاسد فاسق شارب خمر عليهم و لم يعترضوا عليه بحكم دينهم و شهادة الله لهم بالرضوان عليهم، فضلاً عن شهادة الناس لهم و هم أصحاب السبق و أنصار محمد صلى الله عليه و سلم ؟!!

و أخرج البخاري أيضاً، عن محمود بن الربيع في قصة عتبان بن مالك قال محمود : فحدثتها قوماً فيهم أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوته التي توفي فيها ، و يزيد بن معاوية عليهم – أي أميرهم - بأرض الروم" .

البخاري مع الفتح (3/73) .

و لعمر الله، إن في هذا الحديث لمنقبة ليزيد رحمه الله تعالى ترفع عنه النعوت الواهنة المعتلة المفتراة عليه، حيث كان في أول جيش يغزو أرض الروم المقصودة المقصود من الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه و سلم و هي القسطنطينية.

و نكمل في المقالات المقبلة إن كان في العمر بقية إن شاء الله.

لقراءة المقال السابق: ياوزير الأوقاف.. هذا والي عكة إن كنت تجهله! 

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً