شهد عام 2017، عدة إجراءات اتخذتها وزارة التعليم العالي، والجامعات، وصفها خبراء ومهتمون بالشأن الجامعي في مصر، بمراحل خصخصة التعليم العالي في الجمهورية، أبرزها توسع العديد من الجامعات في فكرة الدراسة بالساعات المعتمدة والبرامج الخاصة في الكليات بمصاريف، إضافة إلى منح الوزارة تراخيص إضافية بإنشاء والتوسع في بناء جامعات خاصة جديدة، مرورًا بإعلان الوزير الدكتور خالد عبدالغفار بناء 7 جامعات دولية جديدة في العاصمة الإدارية الجديدة دون الإعلان عن بناء جامعة حكومية واحدة.
وأقدمت الجامعات الحكومية، خلال عام 2017، على التوسع في فكرة الدراسة بالساعات المعتمدة والبرامج الخاصة بمصروفات، لتصل تكلفتها إلى عشرات الآلاف من الجنيهات، بجانب البرامج الخاصة التي تقدمها الكليات العادية في الجامعات، على نطاق أوسع من الأعوام الماضية.
وتقدمت جامعة القاهرة، الجامعات الحكومية من حيث الأكثر في عدد البرامج المتميزة، حيث تمتلك كلية طب برنامجًا واحدًا هو «البرنامج الطبي المتكامل» بنظام النقاط المعتمدة والدراسة به باللغة الإنجليزية، وتصل رسومه إلى 75 ألف جنيه للطلاب المصريين و16 ألف دولار للوافدين، إضافة إلى البرامج في كليات الصيدلة والهندسة والحاسبات، وعدد من الكليات جميعها بمصاريف تجاوزت معظمها عشرات الآلاف من الجنيهات.
الأمر لم يقتصر على جامعة القاهرة فقط، بل تلتها من حيث التوسع في عدد البرامج المتخصصة والدراسة بالساعات المعتمدة خلال العام، جامعة عين شمس، واعتبرتها معظم الجامعات الحكومية، موردا ومصدرا ماليا هاما لدعمها ماليًا، نظرًا للمصروفات الضخمة التي تحصلها الكليات من هذه البرامج.
وأثارت فكرة التوسع في إنشاء تلك البرامج في الكليات، تساؤلات المهتمين بالشأن الجامعي والأساتذة، وهل هي اتجاه الدولة لخصخصة التعليم الجامعي أم خطة للتطوير ومواجهة الكثافة الطلابية، وزيادة موارد الجامعات بما يؤدي لتحسين الخدمة داخل الكليات.
الدكتور عادل عبدالغفار، المستشار الإعلامي لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، أكد أن فكرة التوسع في البرامج الخاصة والدراسة بالساعات المعتمدة، بمصروفات لن تمس مجانية التعليم، مشيرًا إلى أن خطة التعليم العالي حتى عام 2030 ضمنت وكفلت حقوق التعليم المجاني في الجامعات.
وقال عبدالغفار في تصريحات خاصة، إن الدراسة بنظام الساعات المعتمدة في البرامج الخاصة، أمر يتعلق باختيارات الطلاب، موضحا أنها لن تكون الخيار الوحيد أمامهم للالتحاق بالكليات، مؤكدًا عدم تقليص أعداد الطلاب الملتحقين بالتعليم الحكومي المجاني ﻹجبار الطلاب على الالتحاق بتلك البرامج الخاصة.
وأشار مستشار وزير التعليم العالي، إلى أن خطة الوزارة لتطوير التعليم العالي حتى 2030، تلتزم بمجانية التعليم الحكومي، لافتا إلى أن الخطة اهتمت بالتوسع في إنشاء الجامعات الحكومية لاستيعاب الزيادة السكانية، ولتواكب المعدل العالمي لعدد الجامعات المناسب لعدد السكان، وهو توفير جامعة لكل مليون مواطن.
وأوضح عادل عبدالغفار، أن التوسع في زيادة الجامعات الحكومية، يحمل توجهات بإنشاء كليات التعليم الفني والتكنولوجي، والكليات التي بها تخصصات تستجيب لسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، إضافة إلى توزيع الجامعات الجديدة على الأقاليم الجغرافية المحرومة.
إلا أن الدكتور محمد كمال، المتحدث باسم النقابة المستقلة لأعضاء هيئة التدريس، يرى أن السبب في توسع الكليات في إنشاء البرامج الخاصة بمصروفات، هو زيادة مواردها المالية، مؤكدًا دخول التعليم الخاص بنسب متفاوتة في التعليم الحكومي لسد العجز المالي الذي تعاني منه الجامعات الحكومية، نتيجة كثرة التكاليف والمصروفات التي تحتاجها سنوياً، منها مصاريف صيانة المدن الجامعية والكليات وغيرها، مع عدم تمويل الدولة لها بالشكل الكافي، وعجز الميزانية المخصصة للتعليم العالي.
وأشار كمال لـ«أهل مصر»، الى أن البرامج الخاصة في الكليات تشهد إقبالًا كبيرًا للطلاب، رغم ارتفاع تكلفتها عن الكليات العادية، نتيجة تميزها بتقديم التعليم بشكل أفضل من العادي، بسبب قلة عدد الطلاب في المحاضرات عكس العادية، التي تعاني من الكثافات المتواجدة بها، إضافة لإتاحتها الفرصة لمن لم يسمح لهم المجموع في الثانوية العامة على درجة بسيطة، للالتحاق بالكلية التي يرغبونها.
وانتقد الدكتور محمد كمال، الحديث عن توسع الدولة في إنشاء جامعات حكومية جديدة، دون زيادة ميزانيات الجامعات الحالية، وتطويرها وزيادة إمكانياتها، مؤكدًا أن هذه الخطوة ستزيد من ضعف تلك الجامعات الحالية، وكذلك ستكون الجامعات الجديدة أقل من حيث الامكانيات وشكل التعليم قائلًا: «ستخرج جامعات ضعيفة ليس لها قيمة تعليمية تذكر».
بدوره، يرى الدكتور خالد سمير، أستاذ الجراحة العامة بجامعة عين شمس، وعضو حركة استقلال الجامعات، أن المتسبب الأساسي في لجوء الجامعات الحكومية لإنشاء البرامج الخاصة، هي الدولة نظرًا لضعف الميزانيات المالية المحددة للجامعات، ما أجبرها على البحث وإيجاد حلول أخرى لتمويل نفسها ذاتيًا، بإصدار البرامج الخاصة وغيرها.
وأشار سمير إلى أن إنشاء البرامج الخاصة في الكليات بالجامعات الحكومية مخالف لقانون تنظيم الجامعات، الذي نص صراحةً على أن التعليم في الجامعات الحكومية مجاني لأبناء جمهورية مصر العربية ولم يذكر تلك البرامج.
ولفت الأستاذ بجامعة عين شمس، إلى أن أغلب الكليات التي تتواجد بها البرامج الخاصة، تبرم شراكات مع جامعات أجنبية لإعطاء دعم ودعاية لهذه البرامج، لصالحها، على مصلحة مجانية التعليم الجامعي التي كفلها الدستور المصري، مشيرًا إلى أن وزارة التعليم العالي تتهرب من مشكلة ميزانية التعليم، بالسماح للجامعات بإنشاء تلك البرامج.
من العدد الورقي