بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية لغة الضاد و لغة القرآن، نكتب هذا التقرير الذي يأخذ العقول و يذهب بالأباب من جمال و حذاقة اللغة العربية غير الموجودة في أي لغة من لغات الدنيا، و إليك بعضاً من عجائب و تعجيزات اللغة العربية لأهلها ولغيرهم:
بيتان غريبان
* هذان البيتان لا يتحرك اللسان بقراءتهما :
آب همي وهم بي أحبابي
همهم ما بهم وهمي مابي
* و هذا البيت لا تتحرك بقراءته الشفتان :
قطعنا على قطع القطا قطع ليلة
سراعاً على الخيل العتاق اللاحقي
أغرب شعر :
هذه أبيات من الشعر لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه، من روائع أدبه الشعري العربي، و فيها العجب العجاب و احتراف و صناعة للشعر، و هو أنــك تستطيـــع قراءتها أفقيــا و رأسيـــاً !!
ألوم صديقي وهذا محال
صديقي احبه كلام يقال
و هذا كلام بليغ الجمال
محال يقال الجمال خيال
هذا كان عن الشعر المنظوم بشطرتيه كما تعرفه العرب منذ القدم، فهو كما يعلم الجميع أنه ديوان العرب، وأما النثر فكان الباع فيه طويل أيضاً، فقد اجتمع الناس و قالوا بأن الألف هو الحرف الأكثر شيوعاً بالكلام، فكانت خطبة منسوبة لسيدنا علي بن أبي طالب أيضاً، فكانت بدون حرف الألف :
"حمدت من عظمت منته وسبغت نعمته وسبقت رحمته غضبه، وتمت كلمته، ونفذت مشيئته، وبلغت قضيته، حمدته حمد مُقرٍ بربوبيته، متخضع لعبوديته، متنصل من خطيئته، متفرد بتوحده، مؤمل منه مغفرة تنجيه يوم يشغل عن فصيلته وبنيه، ونستعينه ونسترشده ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه وشهدت له شهود مخلص موقن، وفردته تفريد مؤمن متيقن، ووحدته توحيد عبد مذعن، ليس له شريك في ملكه ولم يكن له ولي في صنعه، جلَّ عن مشير ووزير، وعن عون ومعين ونصير ونظير علم ولن يزول، ليس كمثله شيءٌ وهو بعد كل شيءٍ" .
"ربٌ معتز بعزته، متمكن بقوته، متقدس بعلوّه متكبر بسموّه ليس يدركه بصر، ولم يحط به نظر قوي منيع، بصير سميع، رؤوف رحيم، عجز عن وصفه من يصفه، وضل عن نعته من يعرفه، قرب فبعد وبَعُد فقرب، يجيب دعوة من يدعوه، ويرزقه ويحبوه، ذو لطف خفي، وبطش قوي، ورحمة موسعة، وعقوبة موجعة، رحمته جنة عريضة مونقة، وعقوبته جحيم ممدودة موبقة، وشهدت ببعث محمد رسوله و عبده و صفيه و نبيه و نجيه و حبيبه و خليله" .
و كذلك خطبة بدون نقاط و هي أيضاً لسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه و أرضاه، فقد كان بليغاً فصيحاً شاعراً أريباً، و هو مؤسس علم النحو في اللغة العربية، حيث درسه على يديه الدؤلي و وضع الأخير قواعده المعروفة و أكمل من بعده سيبويه، و عمر كل من الدؤلي و سيبويه لم يتجاوز الاثنتين و ثلاثين عاماً حينما أسسوا النحو و وضعوا قواعده
و إليك نص الخطبة:
"الحمد لله الملك المحمود ، المالك الودود مصور كل مولود ، مآل كل مطرود، ساطع المهاد و موطد الأوطاد و مرسل الأمطار، و مسهل الأوطار و عالم الأسرار و مدركها و مدمر الأملاك و مهلكها و مكور الدهور و مكررها و مورد الأمور و مصدرها، عم سماحه و كمل ركامه و همل و طاوع السؤال و الأمل أوسع الرمل و أرمل، أحمده حمدا ممدودا و أوحده كما وحد الأواه، و هو الله لا إله للأمم سواه، و لا صادع لما عدله و سوَاه، أرسل محمداً علماً للإسلام ، و إماما للحكام و مسدداً".
و من التعجيزات أيضاً ما قدَم به واصل بن عطاء المعتزلي خطبته، و التي كانت بدون حرف الراء لأنه كان ألثغاً فيه:
"الحمد لله القديم بلا غاية و الباقي بلا نهاية، الذي علا في دنوه و دنا في علوه، فلا يحويه زمان و لا يحيط به مكان، و لا يؤوده حفظ ما خلق، و لم يخلقه على مثالٍ سبق، بل أنشأه ابتداعاً و أعد له اصطناعا، فسبحانه لا معقِب لحكمه و لا دافع لقضائه".
هذه هي لغتنا العربية العظيمة، لغة القرآن، لغة الضاد، التي أحبها رسول الله صلى اله عليه و سلم لأنها لغة القرآن الكريم، فقد اختص الله تعالى القرآن الكريم باللغة العربية من بين كل لغات الأرض، تكريماً و تشريفاً و تعظيماً لهذه اللغة و أهلها، فقال عز من قائل في سورة يوسف:
" إِنَاَ أَنْزَلَْناَهُ قُرْآَنَاً عَرَبِيَاً".
فشرَف الله تعالى اللغة العربية بالقرآن الكريم و شرَف الأمةَ العربية بأنها نزل فيها القرآن و شرَف النبي محمد صلى الله عليه و سلم بأن أنزله عليه تبيانا لكل شيء و هدىً و موعظةً و بشرى للمسلمين، فأين نحن الأن من حملات التغريب لأولادنا في كل شيئ؟؟
فقد أصبحت اللغة العربية ثقيلة على اللسان لدى التلاميذ بسبب اهتمامهم فقط باللغات الأجنبية في غفلة من الأباء و أعني بكلمة فقط معناها الحرفي، و هو حصر الاهتمام على اللغات الأجنبية، ما يجعل الطالب يكره لغته الأصلية، و لعلكم لا تعرفون أنه لا يوجد في العالم دولة واحدة تعلِم أولادها لغة قبل لغتهم الأم أو حتى معها إلا في مصر و بلاد العرب، ففي ألمانيا محظور تعلُم غير الألمانية قبل المرحلة الإعداية و كذلك في أوروبا كلها، و بقية بلدان الدنيا، لكننا للأسف الشديد نرى في التغريب تقدماً و ليتنا ندركه مثلهم، لتعيش اللغة العربية.