لم تترك الحرب في اليمن أحدًا، إلا عبثت به خاصة بعد مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح بدأت اليمن في الانقسام أكثر فأكثر، ففي الوقت الذي تسببت فيه جماعة الحوثي بقتل وتشريد قطاع كبير من الأطفال وحرمانهم من العيش ومن التعليم، تقوم بتجنيدهم في القتال في وقت مبكر.
وقد تحولت عملية تجنيد الحوثي للأطفال من ظاهرة إلى قضية إنسانية، وكشفت صحيفة الواشنطن بوست عن مئات الحالات المسجلة، تطوّرت معها أساليب الحوثيين مؤخرًا من استدراج الأطفال من منازلهم ومدارسهم في صعدة وحجة، إلى عملية اقتحام المدارس في محافظات أخرى، وإلقاء المحاضرات والدروس، التي يشجعون فيها التلاميذ بالتوجه للقتال تحت مبدأ زائف شعاره "الدفاع عن الوطن".
-التحفيز للتجنيد
وقالت الصحيفة إن مسلحين من الحوثيين قاموا باقتحام عدد من المدارس الإعدادية والثانوية، وألقوا خطبًا على الطلاب داعين إياهم للمشاركة في القتال، وقدموا لهم إغراءات مالية من أجل ترك المدارس وحمل السلاح والتوجه نحو الجبهات.
وبث معلمون على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، تسجيلات لعملية طرد أحد مسلحي الجماعة الانقلابية من مدرسة بمديرية الحداء في محافظة ذمار، عقب رفض الطلاب ترديد شعارات الحوثي الزائفة، ما دفع المسلح إلى تحطيم ميكروفون المدرسة والمغادرة.
وطالب المعلمون الذين نقلت أرائهم الصحيفة بإنقاذ التعليم ومواجهة الفكر الطائفي، الّذي تحاول مليشيات الحوثي فرضه في مدارس المحافظة.
مشيرين إلى أن جماعة الحوثي قامت بتحويل بعض المدارس الريفية، إلى مقرات لنشر أفكارها الطائفية واستبدالها بمناهج التعليم المقررة من قبل وزارة التربية والتعليم، لافتين إلى أن هناك تدميراً ممنهجا للتعليم وتحديداً في المناطق الواقعة تحت سيطرتهم.
ووثّق تقرير حديث للأمم المتحدة زيادة بمقدار خمسة أضعاف في حالات تجنيد الأطفال واستخدامهم من قبل الجماعات المسلحة في اليمن، خاصة الحوثيون، وأشار التقرير إلى 762 حالة تجنيد مؤكدة للأطفال، غالبيتها تعود إلى الحوثيين، كما تم تسجيل تحول التجنيد الطوعي إلى قسري عن طريق الإكراه، بسبل منها توفير الحوافز أو المعلومات المضللة.
تدمير المستقبل
يمثل تجنيد الأطفال باليمن عاهة تنهش عقل المجتمع اليمني، استحدثتها الجماعات المسلحة الخارجة على القانون، كونها تعي بأن استهداف الأطفال يعني استهداف العقل والقوّة الّتي ستدير البلد مستقبلاً.
لذلك سعت لاستهداف هذه الفئة، لتتمكن من البقاء، لتيقنها بأنه لن يكون من مصلحتها بقاء الأطفال بعيدًا عن دوامة الصراع، كونهم سيغدون مستقبلا الوقود المحرك لعجلة التغيير، ولذلك تركز هذه الجماعات على تدمير هذا المحرك.
وتؤكد الصحيفة إن البعد الأخطر في قضية تجنيد الأطفال، يتمثل في تدمير العقل وتأصيل ثقافة القتل والتدمير على مدى تاريخ طويل.
وتشير الصحيفة إلى نقطة مهمة تتعلق بالحالة النفسية المدمرة للأطفال، وهو ما أعده "جانبا خطير جدًا في قضية تجنيد الأطفال"، مؤكدا "إن هذا من أخطر الأمور التي يتم تجاهلها".
وتضيف "إن الكلفة النفسية أو الكلفة المطلوبة لترميم ومعالجة النفسية للأطفال، تعد من أعلى الكلف في المجال الاقتصادي"، فإذا كانت "كلفة إعادة اعمار بلد دمرته الحرب تقدر بمائة مليار دولار، فإن الكلفة المطلوبة لترميم وإعادة اعمار نفسية الأطفال أربعة أضعاف"، وهو ما يجعل تجار وجماعات الحروب تستهدف الأطفال، حيث "يصبح تعافي البلدان بعدها محال، نظرا للكلفة المرتفعة لإيجاد فئة أطفال معافاة تضطلع مستقبلا بإدارة البلد".