اعلان

القمح المسرطن.. هدية الحكومة للمصريين فى 2018.. فطر الإرجوت قاتل ويسبب الإجهاض ويدمر المحاصيل الزراعية (مستندات)

بين الرفض والموافقة والحظر والتمرير، غلب الارتباك الحكومي على إدارة ملف من أخطر الملفات، التي تمس حياة المصريين وهو ملف القمح المستورد، حيث عاودت الحكومة السماح باستيراده حتى لو احتوى نسبة من الفطريات القاتلة وفي مقدمتها فطر «الارجوت» شديد الخطورة على صحة الإنسان والمدمر الأساسي للمحاصيل الزراعية والأراضي، وهو ما يعتبره خبراء الزراعة خيانة أقرب منها لكارثة مع الموافقة على ادخال مثل تلك الأقماح.

وبين نفي حكومي بدخول الأقماح المسرطنة ودخول شحنات بالفعل من خلال القرار الأخير لحكومة المهندس شريف إسماعيل بالسماح بنسبة عالمية للقمح المصاب بالارجوت، يبقى المواطن المصري آخر من يعلم وأول من يموت.. «أهل مصر» رصدت بدايات قصة القمح المسرطن خلال العام الجاري.

ـــ عودة القمح المميت

أصدر الدكتور عبدالمنعم البنا، وزير الزراعة، في 12 ديسمبر 2017، قرارا يؤكد مجددا الموافقة على واردات القمح التي تحتوي على نسبة لا تزيد على 0.05% من فطر الإرجوت الشائع في الحبوب والمسبب للسرطان.

وجاء في نص القرار الذي يحمل عنوان «قرار وزاري رقم 1761 لسنة 2017» أن أي شحنات من القمح تحتوى على فطر الإرجوت بأعلى من تلك النسبة سيتم رفضها، لكن الشحنات التي تحتوي على نسبة أقل من ذلك سيجري معالجتها وقبولها.

ووافقت الحكومة على دخول المحصول المصاب بالفطر، وفقا للمواصفة المصرية التى تم تعديلها لتناسب قرار رئيس الوزراء من صفر إرجوت إلى 0.05%، على الرغم من تقرير اللجنة العلمية التى شكلتها النيابة العامة العام الماضي، الذي حذر من استيراد تلك الشحنات.

حملة من الإقالات نفذها الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي السابق، بسبب الحديث عن فطر الإرجوت الذي يصاحب محصول القمح المستورد.

«الإرجوت» لم يكن مجرد فطر يجلب السرطان للمواطنين، ما جعل وزير الزراعة يصدر قرارًا بإقالة الدكتور سعد موسى من منصبه في مارس 2016 ليلحق بعيد حواش متحدث الوزارة السابق في سبتمبر الماضي بقطار الإقالات.

ترجع بداية الفضيحة حينما هاجم الدكتور سعد موسى، رئيس الإدارة المركزية للحجر الزراعي السابق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي الدكتور عصام فايد، في شهر فبراير 2016، لمخالفته قرارات إدارة الحجر الزراعي 3007 لسنة 2001، بإدخال شحنات قمح مصابة بفطر الإرجوت المسبب للسرطان، بعدما رضخ لقرارات وزيري التموين والتجارة والصناعة الداخلية.

وأوضح «موسى»، أنه التقى الدكتور فايد، لتوضيح مدى خطورة الفطر على الصحة العامة والزراعة المصرية، مؤكدًا أن «فايد» يعلم جيدًا خطر فطر الإرجوت لكنه رضخ لقرارات التموين وهيئة الكودكس.

وتابع قائلاً: «معرفش ليه غيروا المواصفة وتم وضع نسبة الإرجوت في شحنات القمح المستوردة».

وتساءل: لصالح من كل ذلك؟، مشددًا على أن وزير الزراعة يعرف كل شيء عن مخاطر شحنة القمح التى تم رفضها وتتبع السلع التموينية وكانت الكمية 63 ألف طن.

الموقف الصارم للحجر تسبب في رفض مصر شحنة قمح من شركة «بانج ليميتد»، ثم رفض شحنة أصغر حجما من الحبوب الكندية، في ظل بيانات متضاربة من الحكومة حول النسبة المسموحة من الإرجوت.

وتسبب التضارب في امتناع الشركات الموردة عن إبرام صفقات مع مصر أكبر مستوردة للقمح في العالم.

وزارة قتل المصريين استهانت بالشعب ونفت استيراد حبة قمح واحدة مصابة بالإرجوت.. وعادت لتعترف

الابتزاز الروسى وراء إجبار القاهرة على إعادة استيراد القمح المسرطن.. والحجر الصحى يفشل فى منع الحبوب القاتلة

جددت وزارة الزراعة تأكيدها على عدم استيراد قمح مسرطن مصاب بفطر «الإرجوت»، وقالت إن مصر لم تدخلها أي حبة قمح تحتوي على أي نسبة من فطر «الإرجوت» حتى الآن رغم صدور القرار الوزاري رقم 1117 لسنة 2016، الذي أخذ بتقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «الفاو» وهيئة دستور الغذاء العالمي «كودكس» بشأن نسبة «الإرجوت» الموصى بها دوليًا في الأقماح المستوردة من الخارج.

كما أكدت الوزارة، أن البيئة المصرية، طبقاً للدراسة العلمية التنفيذية التي تمت تحت الظروف المصرية بواسطة منظمة «الفاو»، غير مناسبة لتوطين فطر «الإرجوت»، حيث لا يمكن أن ينتشر في مصر ولن يتسبب في أي خسائر اقتصادية.

ـــ الوزارة تتراجع

في الرابع من يوليو 2016 قال الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي حينها، إن سبب رفض شحنة القمح الأمريكية الواردة، بميناء الدخيلة يرجع إلى إصابتها بفطر الإرجوت بنسبة أكبر من المسموح بها عالميًا، والتي تسمح بها المواصفة القياسية المصرية وهيئة دستور الغذاء العالمي «كودكس» والمقررة بـ0.05%.

وأضاف فايد، أن الشركة تقدمت بعد رفض الشحنة، بطلب إلى لجنة التظلمات بالحجر الزراعي المصري، بتاريخ 10 يوليو، لإعادة فحص الشحنة من جديد، وهو ما تم بالفعل بمعرفة معهد بحوث أمراض النبات، في اليوم التالي للتظلم، لافتاً إلى أن نتيجة الفحص المعملي أثبتت احتواء العينة على الأجسام الحجرية لفطر الإرجوت بنسبة 0.96%، وهي النسبة التي تفوق الحدود المسموح بها في المواصفة القياسية المصرية للقمح، والكودكس العالمية.

ـــ قرارات متخبطة

خلال أغسطس من العام الماضي عاد الدكتور عصام فايد، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وقرر منع دخول أي أقماح مستوردة من الخارج إلى مصر، مصابة بأي نسبة من فطر الإرجوت.

وأصدر فايد قراراً وزارياً حمل رقم 1421 لسنة 2016، نص على إيقاف العمل بالقرار الوزاري رقم 1117 لسنة 2016 بشأن التعامل مع فطر الإرجوت فى رسائل القمح الواردة من الخارج.

وأشار القرار في مادته الثانية إلى أنه يمنع دخول الأقماح المصابة بفطر الإرجوت.

وتعتبر هي المرة الثالثة التي يقرر فيها وزير الزراعة التراجع عن قراره بشأن دخول أقماح مصابة بفطر الإرجوت.

ومع حلول شهر ديسمبر 2015 رفضت مصر استقبال أكثر من شحنة من القمح المستورد، بعد وصولها بالفعل إلى موانيها، وبررت وزارة الزراعة ذلك بوجود فطر الإرجوت في هذه الشحنات.

وعلى مدى الأشهر الستة التالية للقرار شهدت مناقصات استيراد القمح المصرية اضطرابا بفعل تضارب القواعد التنظيمية المتعلقة بنسبة الإرجوت في القمح المستورد.

ـــ وقف الصادرات المصرية إلى روسيا

قالت الهيئة الفدرالية الروسية للرقابة البيطرية والصحة النباتية في 16 سبتمبر 2016 إن موسكو ستوقف مؤقتاً واردات الفاكهة والخضروات من مصر اعتباراً من 22 من نفس الشهر.

وأتى الإجراء بعد ساعات من رفض مفتشي الحجر المصريين شحنة قمح روسي يبلغ حجمها 60 ألف طن بسبب مشاكل تتعلق بسياسة القاهرة الخاصة بفطر الإرجوت.

ولم تعلن روسيا رسمياً، أن رفض شحنة القمح هي السبب الرئيس لقرار وقف واردات الخضار والفواكه المصرية.

وعلى اثر القرار الروسي شكلت وزارة الزراعة لجنة رفيعة المستوى، للتفاوض مع موسكو بشأن فرض قيود مؤقتة على الصادرات الزراعية المصرية إلى روسيا.

ـــ كارثة.. فطر الإرجوت قاتل ويسبب الإجهاض ويدمر المحاصيل الزراعية

الإرجوت هو فطر طفيلي ينمو على عدد من النباتات، منها القمح والشوفان، ويظهر بوضوح في المحاصيل الزراعية المصابة حيث تتحول سنابل الحبوب إلى اللون «الأسود أو البنفسجي».

ومن الآثار الجانبية التي تظهر عند تناول الشخص الدقيق الملوث بفطر الإرجوت، التسمم ويتميز بعلامات مختلفة مثل تنميل الأطراف والشعور باحتراقها مع انقباض الأصابع واضطرابات وهذيان واختناق وينتهي هذا التسمم بشكل حوادث تشنجية وقد يؤدي للوفاة.

أما التسمم الحاد فيظهر بشكل آلام معدية معوية وتقيؤات وإسهال مع حس ضيق وغم شديدين وتشوش في الحواس والحركة والذهن واجهاض للسيدات الحوامل، وهو ما أكده الدكتور محمد فتحى سالم، أستاذ أمراض النبات والتكنولوجيا الحيوية – جامعة المنوفية خلال حديثه لـ«أهل مصر».

وجه «سالم»، تساؤلًا: كيف تجرؤ الحكومة على تهديد 23 محصولاً مصرياً بالتدمير من «الإرجوت» سريع التكاثر والانتشار، فهو يظل حيا ونشطا في التربة لمدة تتراوح ما بين 8 - 12 عاماً على صورة أجسام حجرية سوداء.

الدكتور محمد نجيب، أستاذ متفرغ بمركز البحوث الزراعية، استغاث بالرئيس عبدالفتاح السيسى، لوقف قرار دخول القمح المصاب بمرض الإرجوت إلى مصر، مشيراً إلى أن هذا الفطر القاتل ينتقل مع حبوب القمح على شكل أجسام حجرية قرنفلية مسودة اللون ويتسبب فى خسائر لمحصول القمح تصل إلى 10% بالولايات المتحدة، وتصل إلى 40% بالمكسيك.

وأضاف في تصريحات خاصة أن الفطر يهاجم ويصيب كلا من الشعير والشوفان وأكثر من 400 نوع من نباتات العائلة النخلية، وينتشر المرض خلال الموسم بالرياح و7 أنواع من الحشرات جميعها توجد في مصر، كما أن الظروف الملائمة لحدوث المرض متوافرة بمصر.

فتحى سالم قال، إن فطر الإرجوت يعتبر من الفطريات شديدة الخطورة التى تلوث شحنات القمح المستوردة لمصر من الدول الأوروبية، ويتسبب المرض عن طريق فطر Clavicepspurpureaالذى يصيب حبوب الراى Rye ويقوم بإفراز مادة الكالويد (إرجوتامين) التى تسبب مرض «الإرجروتيزم» الذى يسبب بعض الاضطرابات العصبية لدى الرجال والإجهاض المتكرر لدى النساء نتيجة الانقباضات المتتالية لدى الرحم.

وأكد أستاذ الهندسة الوراثية، أنه يمكن الكشف عن المسبب المرضى بسهولة من خلال الأجسام الحجرية للفطر الممرض ولونها بني قاتم، ونحن فى مصر مستعدون للتعاون العلمى والتطبيقى من خلال فريق بحثى بحملة لحل هذه المشكلة نهائيا من خلال تعقيم المراكب المحملة بالقمح فى الموانى المصرية كدعم علمى لصندوق «تحيا مصر».

وأضاف الخبير الزراعى، أن فطر «الارجوت» متوطن بـ27 دولة أوروبية، وخطورته تكمن في أن مصر احدى الدول القلائل فى العالم التى تخلو من فطر «الأرجوت»، وفى حال نفاذ كميات من الأقماح للأراضى الزراعية سوف يتوطن المرض، ويصبح وباء، الأمر الذى لا يمكن بعدها القضاء عليه، مشيراً إلى أنه يمكن انتقاله من خلال الصوامع أو الشون، خاصة التقاوى، ويهدد 3 محاصيل زراعية «القمح، الذرة الشامية، والشعير».

من جهته، قال الدكتور نادر نورالدين، مستشار وزير التموين سابقًا، إن «الإرجوت» الذي يصيب القمح تسبب في إجهاض الحوامل من السيدات والمواشي في فرنسا سواء بتناوله على هيئة قمح أو كعلف للحيوانات، حيث إن هذا الفطر يفزر سمومًا غير قابلة للإزالة.

وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، ممثلة في معهد «أمراض النبات» بمركز البحوث الزراعية، في توصية جديدة لها أن هناك 4 دول ينصح باستيراد القمح منها بجانب روسيا، لخلوها من فطر الإرجوت، محذرة من 15 دولة مصابة بالفطر القاتل.

وأوضح معهد أمراض النبات بمركز البحوث الزراعية، أن هناك 4 مصادر أخرى غير روسيا يأتي من خلالها قمح غير مصاب بأي فطر مثل الإرجوت، وهي أوكرانيا ولاتفيا ومولودفا وليتوانيا.

وقال الدكتور أشرف إسماعيل، رئيس معهد أمراض النبات التابع لمركز البحوث الزراعية، إن المعهد حدد 15 دولة موبوءة بفطر الإرجوت السام، لافتًا إلى ضرورة توخي الحذر عند الاستيراد منها وعلى رأسها «الولايات المتحدة الأمريكية والبرازيل وأستراليا – الأرجنتين– كازخستان – بلغاريا – كندا – فرنسا – ألمانيا – المجر – تركيا - بولندا - رومانيا – صربيا – أوروجوارى».

تشريعات الحجر الزراعى لعام 2001

تنص المادة رقم 1 بتشريعات الحجر الزراعى 3007 لسنة 2001 على أنه يمنع دخول آفات أو أمراض غير موجودة بالبلاد مع المنتجات الزراعية والمسجلة بجدول رقم 1 وفطر الإرجوت من الفطريات المسجلة بجدول رقم 1 ولا يجوز السماح بدخوله بأي نسبة إلى البلاد.

نقلا عن العدد الورقي.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً