مرت 365 يومًا بالتمام والكمال، على أحداث كثيرة ومتنوعة، في بلاد فارس، ولكن الحدث الأبرز بها هو انتخاب الرئيس حسن روحاني لولاية ثانية، والتوتر الكبير بين إيران والولايات المتّحدة إثر تهديد واشنطن الانسحاب من الاتفاق النووي والاستراتيجية الأميركية الجديدة للتعامل مع إيران التي تصنفها دولة داعمة للإرهاب، يضاف إلى ذلك التوتر بين طهران والرياض الذي وصل لقمته هذا العام، ونرصد في التقرير التالي كيف مر عام 2017 في إيران.
الانفتاح الاقتصادي
ابالتزامن مع عهد التوترات الذي عاشته إيران ضمن هذا العام شهدت البلاد، انفتاحا ضخما نتيجة للتعاون مع روسيا اقتصاديا بمشاريع نفطية واستثمارات مشتركة ونووية ببناء محطات جديدة برعاية روسية، في إيران وتعاون استراتيجي في سوريا، في القضاء على الإرهاب وشراكة سياسية، في إيجاد حلّ للازمة السورية ضمن مفاوضات أستانا.
الانتخابات الرئاسية وروحاني رئيسا لولاية ثانية
انطلقت في مايو الانتخابات الرئاسية استطاع أن يفوز فيها الرئيس الإيراني حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية، بوجه مرشح التيار المحافظ الذي مثله رجل الدين إبراهيم رئيسي. وشهدت الانتخابات قرار الرئيس الإيراني السابق المثير للجدل محمود أحمدي نجاد بتقديم أوراقه للمشاركة في الانتخابات بصفته تيار ثالث في إيران لكن الجهات المعنية رفضت ترشيحه لعدم أهليته خاصة أن المرشد الأعلى في إيران أية الله علي خامنئي نصحه بعدم الترشح.
الإرهاب يضرب إيران
في عام 2017 شهدت ايران عدة هجمات إرهابية يمكن تصنيفها بالأعنف في السنوات الأخيرة، ففي السابع من يونيو استيقظ سكان طهران على أصوات اشتباكات وتفجيرات في قلب العاصمة حيث هاجمت مجموعة إرهابية تابعة لداعش مقر البرلمان الإيراني وجرت داخل أروقة البرلمان اشتباكات استمرت لساعات وتزامنا مع هذه الهجمة نفذت مجموعة أخرى هجوما على مرقد مؤسس الجمهورية الإسلامية روح الله الخميني مستهدفين بهذا مقرين لهما رمزية كبيرة في الجمهورية الإسلامية وراح ضحية الهجومين 13 قتيلا وأربعين جريح وردت إيران بعدها بأيام بقصف مواقع لداعش في سوريا.
ولم يكن سقوط الضحايا نتيجة لأعمال إرهابية فحسب في صبيحة الـ19 من شهر يناير انهار البرج التجاري "بلاسكو" بقلب العاصمة طهران بشكل كامل وذلك بعد تعرضه لحريق ضخم وراح ضحية هذا الانهيار عشرات القتلى والجرحى من رجال الإطفاء.
وفي الوقت الذي غيب الموت فيه الرئيس الإيراني السابق واحد مؤسسي الثورة الإسلامية في إيران علي اكبر هاشمي رفسنجاني في الثامن من يناير، جاء حكم محكمة طهران في أكبر قضية فساد شهدتها البلاد حيث حكم بالإعدام على الملياردير باباك زنجاني لإدانته بتهم عدة منها الفساد واختلاس مبالغ مالية ناهزت 2.8 مليار دولار أميركي، وهو رجل ذاع صيته في عهد الرئيس الإيراني السابق محمود احمدي نجاد كجالب للاستثمارات الأجنبية خلال زمن العقوبات.
الاتفاق النووي في خطر والملف الصاروخي في الواجهة
لم يأتِ هوى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد وصوله إلى سدة الحكم في الولايات المتحدة على هوى الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع الدول العظمى فمن أيامه الأولى جاء ترامب مهددا بالانسحاب من الاتفاق النووي في نهاية المطاف اعلن عن استراتيجية جديدة للتعامل مع إيران في منتصف شهر يوليو.
وفي نفس الوقت أدرجت الولايات المتحدة الأميركية 18 شخصا وشركة في قائمة العقوبات بسبب برنامج إيران الصاروخي الأمر الذي اعتبرته طهران سخيفا وفي شهر أغسطس قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إنه لا يعتقد أن إيران تلتزم بروح الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي استهدف تقييد البرنامج النووي لطهران.
وبعد يومين من تصريحات الرئيس الأميركي صوت البرلمان الإيراني على زيادة الميزانية المخصصة للبرامج الصاروخية في خطوة تؤكد إصرار طهران على رفض وضع البرنامج الصاروخي على أي طاولة مفاوضات.
لكن بالرغم من الهجوم الأميركي على الاتفاق إلا أن الدول الكبرى بما فيها الراعية للاتفاق استمرت بالتأكيد على التزامها به.
إيران والخليج توتر مستمر واختراق إيراني للصف الخليجي
بعد مقاطعة سعودية بحرينية دبلوماسية لإيران إثر التوتر الحاصل بين هذه الدول قررت الكويت أيضًا تقليص عدد الدبلوماسيين الإيرانيين من 14 إلى 9، وإغلاق الملحقية الثقافية والمكتب العسكري للجمهورية الإسلامية في البلاد، الأمر الذي استنكرته طهران بشدة.
مع استمرار أزمة دول الخليج مع قطر أعلنت الدوحة في 23 من أغسطس إعادة سفيرها إلى طهران بعد أن طالبته بالعودة للدوحة في مطلع عام 2016 إثر قطع السعودية علاقتها مع إيران بشكل كامل.
وعلى الرغم من كل التشنجات التي حصلت في بين إيران ودول الخليج وسماع طبول الحرب في بعض الأوقات إلا أن إيران أرسلت حجاجها هذا العام للسعودية بعد امتناعها عن المشاركة في موسم الحج عام 2016 واعتبر المراقبون إنها خطوة نحو تحسين العلاقات بين طهران والرياض.
ولم ينتهِ العام دون أن يسجل توترًا جديدًا بين السعودية وإيران، هذه المرة على خلفية الحرب في اليمن فعلى الرغم من معارضة إيران للحرب ووقوفها مع الحوثيين، جاء الصاروخ اليمني الذي استهدف مطارا في الرياض ليطلق سيل الاتهامات السعودية والأميركية لطهران بالوقوف خلف الإطلاق، الأمر الذي نفته طهران بشدة.
إيران وعام العلاقات الاستراتيجية مع روسيا
شهدت العلاقات الإيرانية الروسية هذا العام مزيدًا من التقارب وعلى كآفة المستويات يضاف إلى هذا عشرات الاتفاقيات التي وقعت بين طهران وموسكو. فمع نهاية شهر مارس وصل الرئيس الإيراني حسن روحاني إلى روسيا في زيارة شملت عدة لقاءات وتوقيع عدة اتفاقيات بين موسكو وطهران أهمها التعاون النووي بين البلدين وتوريد طائرات سوبرجيت إلى إيران.
وسبقت زيارة روحاني بأيّام إعلان شركة "روس آتوم" الروسية عن بدء أعمال بناء محطة الطاقة النووية "بوشهر —2" في إيران.
وفي يونيو قررت الحكومة الإيرانية إقامة نظام السفر دون تأشيرات للأفواج السياحية القادمة من روسيا في خطوة لتعزيز العلاقات بين البلدين.
مع اقتراب نهاية العام الجاري قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بزيارة طهران فيس خطوة تأتي لتتويج ما شهده هذا العام من تطور كبير في العلاقات الثنائية بين إيران وروسيا.
كما التقى الرئيسان مجددًا بعد مرور أقل من 3 أسابيع على زيارة الرئيس الروسي وذلك في لقاء بمدينة سوتشي الروسية للمشاركة بالاجتماع الثلاثي مع نظيريهما التركي.
إيران وسوريا من سنوات الحروب إلى عام الاتفاقيات
لا شكّ أنّ إيران وقفت مع الحكومة السورية منذ الأيام الأولى للحرب قبل سبع سنوات تقريبًا، وفي هذا العام كان لإيران وقفات أخرى تمثلت برعاية مفاوضات أستانا كدولة ضامنة مع روسيا وتركيا.
وشهد 2017 توقيع عدة اتفاقيات ضخمة بين البلدين في قطاع النفط والاتصالات ومجالات أخرى.
وفي إطار سلسلة صفقات تجارية أعلنتها إيران، أعلن مدير معهد أبحاث صناعة البترول الإيراني في سبتمبر أن إيران ستبني مصفاة نفطية في سوريا قرب مدينة حمص وستبلغ طاقتها الإنتاجية 140 ألف برميل يوميا.