فى خضم الإرهاب الذى تواجهه مصر، وتكرار الأحداث الإرهابية، يبقى لكل حادث جندى مجهول، وأحيانا بطل معروف، دافعه الأول هو الوطنية وإنقاذ حياة الأبرياء ولو على حساب حياته.. عم صلاح كان واحدا من هؤلاء الأبطال، التقته "أهل مصر" فى حوار مفتوح، لمعرفته والتعريف به، إذ ليس من قدوة أفضل من عم صلاح لتقديمها للناس، بعد الساعات الأليمة التى عاشها المصريون أمس، فى حادث كنيسة حلوان.
فى الثامنة من صباح اليوم، استيقظ يونس مصطفى الموجي، الذي أشتهر بمنطقة "مساكن مشروع إسكندرية"، بـ"عم صلاح الموجه"، مبتسمًا كعادته، لمتابعة عمله (سائق أتوبيسات مدارس)، رغم الساعات التى مرت على الهجوم الإرهابي الذي وقع فى العاشرة والنصف صباح أمس الجمعة، على كنيسة "مارمينا" بحلوان، إلا أن ذاكرة الرجل الخمسيني لازالت تحتفظ بكل التفاصيل التى وقعت لحظة انقضاضه على أحد الإرهابين، في محاولة منه للقبض عليه.
في منزل من ٦ طوابق، أبوابه حديدية يكسوه الصدأ، يستقر (عم صلاح) في شقة بالدور الأول، لا تزيد مساحتها عن77مترًا، تطل على الشارع الغربي، من خلال شبابيك يغلب عليها اللون الأخضر، مع أبنائه الثلاث، الذين بلغ سن أصغرهم الخامسة والعشرين.
طلقات الرصاص التى بدأت تتصاعد وتيرتها دفعت"عم صلاح" وآخرين بذات الشارع، للنزول لمعرفة مصدرها، ليصطدموا على ناصية شارع أحمد بدوي الذي يبعد خطوات من منزل (عم صلاح) بإرهابي يتجول بسلاحه الناري وقنبلة يدوية يقبض عليها بأصابع يده اليمنى، وحزام ناسف التف على جسده، وحقيبة سوادء تعج بـ"أمشاط السلاح"، فيروي "عم صلاح" أولى لحظات معرفته بالحادث: "أنا خرجت بهدوم النوم مش عارف فيه إيه زي الجيران، وفجأة لقيت واحد رايح جاي بالسلاح، وواحدة ميتة، رجعت لبست بسرعة كان الإرهابي بهدل الدنيا عند الكنيسة وجه يكمل عندنا".
طلقة صادرة من سلاح أمين الشرطة الذي صعد على متن حملة من قسم حلوان للقضاء على الإرهابيين وحماية الكنيسة والمصلين، كانت قادرة على إيقاف جميع من توجهوا للشارع لمشاهدة ماذا يحدث بعد أن أصابت الإرهابي بقدمه اليمنى، لكن "عم صلاح" دفعته أقدامه نحو الإرهابي تاركًا الخوف الذي انتاب البعض على قارعة الطريق، وبقفزة سريعة استطاع الانقضاض على الإرهابي في محاولة منه لشل حركته وتناول القنبلة والسلاح الناري من يده، خوفًا على المتواجدين بالشارع منه، فيقول في حديثه لـ"أهل مصر": "ابني كان تاني واحد بينقض على الإرهابي، بعد ما أنا جريت عليه وايد ابني كانت على السلاح بيحاول يبعده عن الإرهابي.
يصف "عم صلاح" الإرهابي الذي انقض عليه بقوله: "أنا مركزتش في شكله لأن تركيزي كان أني أخد منه البندقية والقنبلة حتى لو هتنفجر فيا، أنا وقعته على وشه لو كان اتعدل كان قتلني وقتل ناس تانية لأنه معاه 150 طلقة، أنا أخدت الخزنة من المسدس وضربته بيها على رأسه لحد لما داخ وكله قعد يضربه".
رغم الدور البطولي الذي قامه به "عم صلاح" إلا أنه يرفض تلقيبه بالبطل، فيقول: "أنا ضحيت بنفسي من غير تفكير عشان إخواتنا المسيحيين.. ومش مستني لقب بطل أو حد يشكرني.. ربنا بس يحفظلي أمي وأولادي".
في الواحدة من ظهر أمس الجمعة، وتحديدًا بعد ساعتين ونصف على الحادث الإرهابي الذي استهدف كنيسة "مارمينا"، كانت "عم صلاح"، داخل قسم شرطة حلوان "كانوا متحفظين عليا خوفًا من استهدافي لكن الحمدلله رجعت ١١ بالليل والنهاردة نزلت شغل واحنا مش خايفين من حد نهائي"، حسبما وصف.