تعتمد العناصر الإرهابية على شبكات التواصل الاجتماعي، في تجنيد عناصر جديدة، لذلك تسعى الحكومات لكبح جماح هذه الجماعات، بالتعاون مع الشركات التي تتولى إدارة تلك المواقع.
في هذا الإطار، قال بن والاس، وزير الأمن البريطاني، إن شركات الإنترنت ينبغي أن تواجه عقوبات ضريبية حال فشلها في مواجهة خطر الإرهاب في بريطانيا.
وأضاف أن شركات مثل فيسبوك، وغوغل، ويوتيوب أظهرت تباطؤ شديد في حذف المحتوى المتطرف على مواقعها على الإنترنت، ما دفع الحكومة البريطانية إلى التعامل مع هذا النوع من المحتوى من خلال أجهزتها.
ووصف الشركات العاملة في قطاع التكنولوجيا بأنها "مهتمة بتحقيق أرباح" بينما تنفق الحكومات ملايين الجنيهات لإرساء سياسة لمراقبة محتوى الإنترنت.
وانتقدت شركة فيسبوك والاس لاتهامها بأنها "تعطي الأولوية للأرباح قبل الأمن". وقالت شركة يوتيوب إن التطرف "مشكلة معقدة تمثل مواجهتها تحديا كبيرا أمامنا جميعا."
وقال والاس، في مقابلة أجرتها معه صحيفة صاندي تايمز، إن شركات التكنولوجيا فشلت في تقديم المساعدة للحكومة في التصدي للمتطرفين عبر الإنترنت. وأشار إلى أن سبب هذا الفشل هو أن "الشركات لا تحذف المحتوى المتطرف بالسرعة المطلوبة وهي قادرة على ذلك".
وأكد على أن مسؤولية كبيرة تقع على الحكومة في هذا الشأن، وهي "إعادة من تبنوا المنهج المتطرف إلى الاعتدال، وهو ما يكلفنا ملايين الجنيهات."
وشدد على أن إجراءات مثل رفض هذه الشركات السماح للأجهزة الأمنية بالاطلاع على بيانات تطبيقات الرسائل، مثل واتساب المملوك لشركة فيسبوك، "يحيل الإنترنت إلى مكان حافل بالعنف والفوضى." مؤكدا أنه "بسبب التشفير والتطرف، تتكبد مؤسسات إنفاذ القانون تكلفة باهظة".
وأشار إلى أن "وقت التماس الأعذار قد انتهى، وأن الحكومة ينبغي أن تنظر في جميع الخيارات لتحفيز هذه الشركات."
وانتقد والاس تلك الشركات فيما تدعيه من تقديم الأمن على الأرباح، مرجحا أنه لابد لشركات التكنولوجيا أن "تتوقف عن ادعاء أنها لا تحقق أرباحا ضخمة".
ووصفها بأنها "تبيع بياناتنا للبنوك وشركات الأفلام الإباحية، لكنها لا تعطيها للحكومة المنتخبة عبر الديمقراطية."
إجراءات أكثر وأسرع
قال سيمون ميلنر، مدير بشركة فيسبوك، إن والاس كان مخطئا عندما قال أن شركته تقدم الأرباح على الأمن في ترتيب أولوياتها، خاصة فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب.
وأكد أن ملايين الجنيهات أنفقتها فيسبوك على استثمارات في التكنولوجيا والعناصر البشرية اللازمة للتعرف على المحتوى المتطرف وحذفه.
وأضاف أن أمبر راد، وزيرة الداخلية البريطانية، ونظراءها في دول الاتحاد الأوروبي رحبوا بالجهود بذلت بالتنسيق مع فيسبوك، في هذا الشأن والأثر الكبير الذي أحدثته.
وأشار إلى أن "هذه المعركة مستمرة وعلينا أن نستمر في العمل سويا. وأخبر رئيسنا التنفيذي المستثمرين بأننا سوف نستمر في تقديم أمن لمستخدمي مجتمعنا الافتراضي على تحقيق الأرباح في 2018."
وأعلنت فيسبوك في الفترة الأخيرة أنها حذفت حوالي 99 في المئة من المحتوى الخاص بما يعرف بتنظيم الدولة، وتنظيم القاعدة قبل أن ينتشر بين مستخدمي شبكة التواصل الاجتماعي.
العلاج ليس سهلا
وقال متحدث باسم يوتيوب لبي بي سي إن شركته تتعهد بأن تكون "جزءا من الحل"'، وأنها تكثف جهودها بمرور الأيام لمعالجة هذه المشكلة.
وأضاف أن الشركة استثمرت هذا العام في أوجه عدة لمكافحة المحتوى المتطرف من خلال تكنولوجيا التعلم الآلي وتعيين المزيد من مراجعي المحتوى، وبناء شراكات مع خبراء، والتعاون مع شركات أخرى.
ولم تعلق شركة غوغل، عملاق تكنولوجيا المعلومات والإنترنت الأمريكي، على تصريحات وزير الأمن البريطاني بن والاس حتى الآن.
رغم ذلك، قال مفوض شركة غوغل كينت والكر في سبتمبر/ أيلول الماضي إن شركات التكنولوجيا لن تتمكن من "فعل ذلك وحدها"، في إشارة إلى مكافحة المحتوى المتطرف.
وأضاف : "نحتاج إلى عناصر بشرية، وآراء من مصادر حكومية موثوقة، وأخرى من مستخدمي مواقعنا للتعرف على المحتوى المتطرف وحذفه."
وقال شيراز ماهر، زميل المركز الدولي لدراسات التطرف والعنف السياسي التابع لجامعة كينغز كوليدج في بريطانيا، إن "الحشد للإرهاب لا يزال يحدث في الحياة الحقيقية، ومن خلال علاقات حقيقية، لذا ينبغي للحكومة ألا تلقي اللوم كله على شركات التكنولوجيا وحدها."
وأَضاف أنه "ليس هناك علاج سهل لأن ما يمكن اعتباره مادة متطرفة يخضع لأحكام ذاتية."، مؤكدا أن الكثير من برمجيات الحذف ذاتية التشغيل تسببت في حذف الكثير من المحتوى المفيد.
وحذف قدر كبير من المحتوى المصور نشره نشطاء سوريون يوثقون جرائم النظام، علاوة على مواد نشرها تنظيم الدولة على موقع التواصل الاجتماعي عبر الفيديو يوتيوب، وهي مقاطع الفيديو التي تبرز الحاجة إليها في المستقبل لمحاسبة المجرمين أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي، وفقا لماهر.
ويعد تنظيم داعش الإرهابي من أبرز التنظيمات التي تنشط على مواقع التواصل الاجتماعي، معتمدة على حيل متنوعة لتجنيد عناصر جديدة.