أهالى فيصل يبحثون عن "المياة".. السكان: "الناس سابت المكان وعزلت".. هيثم: "مراتى طفشت وسابت البيت".. وفهمى: "دقينا ترومبه بالأرض".. والحاج مطاوع: وجود المياه أصبح حلم

كتب : عزة صقر

أصبحت نُقطة المياة عُملة نادرة، يصعب تحقيقها لأهالى حى "فيصل والهرم"، فمنذ ُ شروق الشمس حتى غروبها تختفى المياة من المنازل والمحلات، يستيقظون كُل يوم على أملِ أن ينجدهم أحد أو يستمع لصراخهم الذى امتد لشهور طويلة بحثًا عن من يسدد لهم سمعه ويستجيب لأبسط مطالبهم-على حد قولهم- ولكن كانت المًحصلة صفر.

مواطنون إمتلأت وجوههم بملامح من الإمتعاض والغضب عند سؤالهم عن " المياة وعدم إنضباطها" تتعالى الأصوات بأجوبة ساخرة: "المية مبتجيش عشان تقطع، مية..دا أنا هغنيلها زورينى كل سنة مرة، لا إحنا بنشوفها فى المناسبات بس"

المياة بحى "فيصل والهرم " باتت تزورهم من عامِ لأخر كالأعياد والمناسبات، تأتى ضيفًا فى زيارة قصيرة لا تمتد أكثر من نصف ساعة، فهى مُعاناة ليست لـ ليلة أو ليلتان، بل أزمة تمتد لشهور طويلة تقترب من العام، تنقطع عن السُكان –على حد قولهم- منذ الصباح الباكر بالقرب من الساعة الثامنة صباحًا حتى الحادية عشر مساءًا، تستمر فيما لا يزيد عن ساعتين، ثُم تسرق فرحتهم التى لم تكتمل بها وتغيب مرة أخرى.

"أهل مصر" حاورت بعض قاطنى منطقة فيصل بعدة مناطق "العشرين والطوابق والعريش" وبعض مناطق الهرم.

هيثم: "مراتى سابت الشقة.. وطفشت

فى إحدى محلات السمك بشارع الهرم، يقف رجلًا يبدو فى العقد الثالث من العُمر، يتصبب عرقًا إثرُ نار الفُرن الذى يعمل أمامه، يجبره على الوقوف أمامه فيما يقرب من 9 ساعات متواصلة، يجهر بصوته يُنادى إحدى زملائه: " هات شوية مية يابنى اغسل وشى.. النار حرقتنى، ليرد الأخر: المية مقطوعة من الصبح مش لازم تغسل وشك".

هيثم محمد يقطن شارع الثلاثينى بحى فيصل، يعمل فى المحل منذ سنواتِ، مُتزوج وليس لدية أطفال، يروى بنبرة يغلبُها الأسى:" المية مبتجيش عشان تقطع، المحل قايم على وجود المية يا مينفعش نشتغل، المشكلة دى بقالها شهور طويلة ومسؤل الحى من بنها". وأردف:" أنا بروح مش ببقى عارف أغسل جسمى من "زفارة السمك"، مراتى سابت البيت وبتروح تقعد عند اهلها، سابتنى عشان مش قادرة تتأقلم على العيشة.

وتابع " لو المية جات ساعة فى اليوم هنسجد شُكر لربنا، والمصيبة الأكبر إن مية الصرف بتيجى فى الحنفية مع مية الشرب" أثناء الحديث لـ"هيثم".

هرول صاحب المحل بوجه ممتعضًا، ثائرًاعلى الوضع الذى تسبب فى تقليل انتاجيته فى اليوم مما أدى لتخفيض الدخل شهريًا. فبدأ حديثة قائلًا:" أحنا متبهدلين بمعنى الكلمة، مبنشمش ريحة المية من شهور ومسؤل الحى بيختفى وقت المشاكل.. محلى وبيتى هيتخرب، بقيت أملى جراكن وعملت ترومبة فى الأرض، ومبقتش بعمل طلبات للناس زى الأول ولا حتى نص الكمية وأردف" أما فى البيت المية بتيجى مرة واحدة تقعد نص ساعة والحال من سيئ لأسوأ، لا ويجى أخر الشهر فاتورة مية ب100 جنية،يعنى بندفع تمن مية مبتجيش ".

سامح:" المية بتقطع.. بقفل القهوة وبمشى"

فى العقد الخامس من عُمره، يقفُ بجسد مُنهك من أثار الكِبر يُنادى على "صبى القهوة".. معاك اتنين شاى يابنى هنا، يُسرع لحمل جراكن فارغة ليملأها بالمياة ويضعها بإحدى زوايا القهوة، يُتمتم بصوتِ منخفض بأحاديث تُكاد لا تكون مفهومة، تحمل بين طياتها ألامِ يوم لا يستطيع أن يأخذُ فيه قسطًا من الراحة. يهرول لحمل برميل أثقل من وزنة يُحاول أن يستجمع قواه لدفعه لتخزين المياة فيه، لغسل الأكواب المُتسخة

أنا تعبت وهقولها ومحدش هيسمع المية مبتجيش خالص بمعنى الكلمة ولو جات تبقى فى زيارة مبتطولش كتير، أنا صحتى متستحملش أملى جرادل وبراميل كدا كل يوم بس نعمل إيه مقدمناش حل تانى، أوقات المية بتعجز ومش بقدر أقدم مشاريب لحد فبقفل القهوة وامشى.

" فهمى:" الناس عزلت.. ومسؤل الحى اختفى"

وفى نفس سياق ما حدث، يروى أحد أصحاب محل جزارة مُعاناته، فيقول:" إحنا دقينا ترومبة المياة مالحة،بس أهو أحسن من مفيش خالص، الناس تعتب شكوى، ولكن إحنا غلابة وبالنسبالهم منطقة عشوائية متستاهلش يتبصلها".

واستكمل" وصل المية جايلى على العمارة 1400 جنية على العمارة كلها ومضطرين ندفع، والجيران سابو المكان بسبب المية كل واحد راح عند أهله، دا فى أول الطالبية هنا رحمة، كل ما تدخل جوا المية وجودها معدُوم".

الحاج مطاوع: "وجود المية بقا حلم.أهالى فيصل يبحثون عن "المياة".."السكان" الناس سابت المكان وعزلت.. هيثم: مراتى طفشت وسابت البيت.. فهمى: دقينا ترومبة بالارض.. الحاج مطاوع: وجود المية بقا حلم. وتحقيقه مُستحيل"

" يجلس بإحدى زوايا محل "عصير قصب" على كرسيه يأخذ الطلبات من القادمين لإرواء ظمأهم نظرًا لارتفاع درجات الحرار، يُنادى على العامل بالمحل ليتلقى الطلبات، يرمق من حين لأخر صُنبور المياة ليُطمئن نفسه بإن الأمور على ما يرام وسيُكمل عمله حتى غروب الشمس.

يقول الحاج مطاوع" الحال بقا صعب بس مين يسمع والله العظيم المية مبتجيش ولا بنلمح شكلها إيه " وتابع امبارح قاطعه من الصبح لحد اخر النهار ومحدش بيدينا تحذيرات عشان نعمل حسابنا انت بتنام تصحى تلاقى المية قاطعه "

أمل:" نفسى أرتاح من اللف بالشوارع وشيل الجراكن عشان مية نشربها"

يبدو على ملامحها أثار التعب والإجهاد، يُحاول طفلها الصغير الذى لا يتعدى الخامسة من عُمره أن يلفت نظرها إلى إحدى المحال بالشارع بإن لديهم مياه فتنظر له وتومأ برأسها بعين يملأها الفرح تارة، وسرتيم بوجهها العبوث تارة أخرى وكإنها تتذكر بإنها أوشكت الإقدام على أبواب منزلها لتجد الصنبور فارغًا من المياة.

تقول إحدى ربات المنزل" حول تعاملها بعد انقطاع مياة الشرب " والله أنا بشتغل وبرجع من شغلى أكون مخزنة مية من قبلها بليلة، أنا ساكنة فى العروبة ودى مستحيل تجيها المية إلا من شهر للتانى مرة واحدة بس، االناس عزلت وسابو بيوتهم ساعات بملى من الترومبة فى الشارع وبخزن مية، وبملى مية للشرب من حنفيات على أول الشارع، تعبت وحيلى اتكسر بس ما باليد حيلة.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
تشييع جنازة طالبة وابنة عمتها ضحيتي انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية (صور)