"التسرب من التعليم".. ظاهرة متفشية تعاني منها المنظومة التعليمية المصرية منذ عشرات السنين وخاصة خلال الـ10 سنوات الأخيرة، فعلى الرغم من إعلان وزارة التربية والتعليم محاربة مواجهة هذه الظاهرة بعدة آليات، إلا أنها تتزايد بشكل ملحوظ خلال الفترة الأخيرة، حتى وصلت نسبتها إلى 34٫5%، في الربع الأخير من عام 2017 المنصرم، بحسب مراكز إحصائية غير رسمية.
وبدأت وزارة التربية والتعليم، في شهر سبتمبر الماضي، تطبيق خطة معالجة التسرب بتدريب الأخصائيين النفسيين والاجتماعيين في المدارس وشئون الطلبة وعقد مجموعة من ورش العمل على الحد من الظاهرة المتفشية.
وأكد مصدر مطلع بوزارة التربية والتعليم، أن التسرب من التعليم له عدة أسباب منه، أهمها الحالة المعيشية السيئة لبعض الأسر ما دفعهم لعدم استكمال تعليم أبنائهم، وأسباب تتعلق بصعوبة التعلم لدى التلميذ في المدرس منها ضعف القراءة والكتابة.
وأشار المصدر لـ"أهل مصر"، إلى أن الوزارة تسعى لمعالجة تلك الظاهرة من خلال حصر التلاميذ المتسربين من التعليم لأسباب اقتصادية، والتواصل مع أسرهم وضمهم لمعاش تكافل وكرامة التي تمنحه وزارة التضامن الاجتماعي للأسر الفقيرة.
وأضاف المصدر الذي رفض ذكر اسمه، أنه بالنسبة للطلاب المتسربين من التعليم نتيجة ضعف القراءة والكتابة، سيتم ضمهم لبرنامج ضعف القراءة والكتابة الذي تطبقة الوزارة، لعودتهم مرة أخرى للتعليم.
من جانبها، قالت الدكتورة محبات أبو عميرة، أستاذة المناهج بجامعة عين شمس، إن عدم واقعية الحلول التي تقدمها وزارة التربية والتعليم على مدار السنوات الأخيرة لمواجهة "التسرب من التعليم"، أهم أسباب تفشي الظاهرة، مؤكدة أن الخطط التي وضعت لمواجهة تلك الظاهرة عديدة ولكن عدم وضوح تنفيذ آلياتها وطريقة عملها، توقف تطبيقه.
وأكدت لـ"أهل مصر"، أن صعوبة المناهج والمبالغة فى عدد الامتحانات التى يخوضها التلاميذ ولجوء بعض المدرسين إلى أسلوب الضرب لتقويم التلاميذ، وإجبار الأسرة التلميذ على عدم استكمال تعليمه لظروف مادية أو اجتماعية، جميعها من الأسباب التى تسهم فى زيادة نسبة التسرب من التعليم.
وطالبت الخبيرة التربوية وزارة التربية والتعليم بضرورة وجود شراكة تربوية بين الأسرة والمدرسة وتفعيل دور مجلس الآباء، ليكون هناك تواصل مستمر بين المدرسة وأولياء الأمور، لمتابعة أسباب عدم قبول التلميذ للحضور في المدرس والعمل على حلها، لأن بداية التسرب من التعليم تبدأ بالهروب من المدرسة.
بدوره، يرى الدكتور أيمن البيلي الخبير التربوي، أن أهم أسباب التسرب من التعليم، تتلخص في أسباب اجتماعية تتمثل في العادات والتقاليد في الريف وخاصة في فئة البنات، وكذلك الكثافة الطلابية داخل الفصول، إضافة إلى الفقر وانخفاض معدل المعيشة، وصعوبة التعلم.
وأوضح البيلي لـ" أهل مصر"، أن الحل في مواجهة ظاهرة التسرب من التعليم، هي زيادة ميزانية التعليم، وتعديل مرتبات المعلمين، وتوفير الوسائل الترفيهية للطلاب التي تحول المدرسة لوسيلة جذب، إضافة إلى بناء مدارس جديدة في المناطق المحرومة لتقريب المسافات على الطلاب الذين يقطعونها للوصول للمدرسة وبالتالي تظهر حالات تسرب عديدة في هذه المدارس.
وأضاف الخبير التربوي، أن أهم والوسائل التي تساعد على مناهضة التسرب من التعليم، هي تغيير المناهج والأخذ في الاعتبار بمساواة المرأة بالرجل، لتغيير النظرة السلبية السائدة التي تحرم الفتيات من التعليم في القرى والريف، إضافة إلى إدخال التكنولوجيا فى المدارس لتتحول إلى مدارس جاذبة، وتقليل الفوارق بين المدارس الخاصة والمدارس الحكومية.