المتابع لملف الأزمة السورية التى فرضت نفسها على الساحة منذ بدء الصراع فى عام 2011، يجد أن أطراف الاشتباك الآن يضيق عليهم الخناق وترجح كفة الرئيس بشار الأسد، ليأخذ بيد دمشق إلى بر الأمان، فالملاحظ أنه منذ دخول الدب الروسي إلى ساحة القتال بنفسه مستكملا بذلك دوره الواضح فى دعم الأسد منذ بداية القتال وحتى الاستقرار.
واذا تحدثنا عن دور روسيا وغيرها من الدول الداعمة لسوريا لابد أن نفرد لمصر صفحات لنوضح أن وقوف مصر بجانب دمشق إنما جاء لوعي القيادة الحكيمة بأهمية بقاء سوريا صامدة موحدة فى وجه من يريد لها التفكك والاضمحلال، فالقاهرة تعلم تمام العلم أن بوابتها الشمالية لابد أن تكون راسخة وأيضا لا يخفى على القيادة أن سوريا تاريخ ممتد وضارب بجذوره فى عمق علاقات البلدين.
ومن يقرأ التاريخ يتأكد له ذلك ويعلم أن الغزاة يسعون لهدم منطقة الشرق الأوسط من العراق ويمرون من خلالها من دولة إلى أخرى ليصلوا مصر التى تتحطم عليها زيف أحلامهم وتتبدد مطامعهم، ولأننا في يد قيادة أمينة كان الإدراك منها بضرورة دعم سوريا هو القرار الصائب على الرغم من كونه حمل القاهرة تبعات ومشكلات من دول صديقة وغير صديقة.
بالأمس وقبله وقبله اجتمعت ما يطلقون عليها الدول المعنية بالأزمة السورية وخرجوا بأجندة وتصريحات وتوضيحات وتلميحات وكلها تندرج تحت تغيير لهجة الخطاب الموجه إلى دمشق مع التلميح بتقليل الدعم للمعارضة التى يبدو أنها لم تنجح فى تحقيق أهداف الغرب فى تقطيع أوصال سوريا.
والملاحظ -أيضا- أن موسكو وبكين وطهران ومعهم حزب الله يواجهون واشنطن وحلفاءها ويرمون بكل طموحاتهم فى عزل الأسد عرض الحائط لأن الداعمين لسوريا رموا بالكرة فى ملعب الشعب السوري الذي من حقه أن يتخذ قرار الإبقاء على رئيسه أو عزله، وعليه فإن اللوبي الأنجلو أمريكي أدرك أنه من الحكمة أن يخفض من سقف توقعاته وأن يبحث بين أوراقه الشريرة عله يجد وسيلة اخرى تمكنه من تحقيقه هدفه الاسمى وهو تحويل الشرق الأوسط إلى "كانتونات" أو جعلها كما يريدون شرق أوسط جديد.
وبين السعى الغربى والدعم الروسى والصمود السوري هناك دائما مصر التى أصبحت من القوة بحيث تفرض أجندتها وتحمى حدودها وتضرب بيد من حديد على كل من يحاول العبث بمقدراتها وبمقدرات دول تربطها بالقاهرة علاقات تاريخية راسخة.