«نؤمن بكنيسة واحدة جامعة مقدسة رسولية».. سمات مشتركة أوصى السيد المسيح بها وأجمعت الكنائس عليها، لكن ظلت كلماته دون تنفيذ طوال السنوات الماضية لاسيما في مسألة تحديد موعد الميلاد الحقيقي.
مساعٍ كثيرة نحو ترابط الكنائس المصرية، لكن يظل «توحيد مواقيت الأعياد»، الأزمة التي تتجدد كل عام معلقة تطلعات ملايين المسيحيين حول العالم لإنهاء الجدل الفلكي، بعيدا عن الخلافات اللاهوتية، لكن دون اتخاذ خطوات جادة من قيادات الكنائس المصرية لتحقيقها.
الأنبا أنطونيوس عزيز، مطران الجيزة للأقباط الكاثوليك، قال إن الشعب المسيحي في العالم ينتظر لحظة إعلان الكنائس تآلفها وتوحيد مواعيد أعيادها، خاصة أن لا أحد يعلم موعد الميلاد، لذا يطلق على عيد الميلاد «عيد اتفاقي»، أي جاء بالاتفاق بين الكنائس، بحسب ما أورده الفلكيون أنه يوم «الاعتدال الشتوي» وهو اليوم التالي لـ23 ديسمبر، لأن الأيام تكون أطول فأعتبر يوم 25 ديسمبر الموافق 29 كيهك هو الحساب الوحيد والأصح ليوم ميلاد المسيح.
وأوضح عزيز، أن الكنيسة الروسية والكنيسة القبطية هما فقط الكنيستان اللتان تحتفلان بمولد المسيح يوم 7 يناير، أما باقي كنائس العالم فتحتفل بمولد المسيح يوم 25 ديسمبر، وجاء ذلك الاختلاف بعد أن لاحظ الفلكيون في عام 1582 ميلاديا أن يوم 25 ديسمبر وهو عيد الميلاد ليس في موضعه أي أنه لا يقع في أطول ليلة وأقصر نهار بل وجدوا الفارق عشرة أيام، أي يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع في أطول ليل وأقصر نهار.
ووفقا لـ«عزيز» فقد عرف العلماء أن سبب ذلك هو الخطأ في حساب طول السنة لأن السنة تساوي دورة كاملة للأرض حول الشمس، إذ كانت السنة في التقويم اليولياني تحسب على أنها 365 يوما و6 ساعات، ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يوما و6 ساعات و11 دقيقة و14 ثانية أي أقل من طول السنة السابق حسابها بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفارق منذ مجمع نيقية عام 325 ميلاديا حتى عام 1582 كان حوالي عشرة أيام، فأمر البابا جريجوري، بطريرك روما آنذاك، بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي اليولياني حتى يقع 25 ديسمبر في موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمى هذا التعديل بـ«التقويم الغريغوري»، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر في جميع أنحاء إيطاليا، وفي ذلك اليوم 5 أكتوبر توفيت الراهبة تريزة الكبيرة.
ويتابع حديثه: إذا استمرت الحسابات بذلك الشكل بعد 1000 عام ستتداخل أعياد فصل الشتاء في فصل الصيف، ومن ثم تأخذ الكنيستان القبطية والروسية بتلك الحسابات وتضيف كل عدة سنوات يوما، فبات الأقباط يحتفلون بعيد الميلاد يوم 7 يناير، ومن المفترض أن يصبح 8 يناير وفقا لحساباتهم التي يعتمدون عليها في حساب ميلاد المسيح لكن البابا شنودة قبل وفاته رفض إضافة أيام جديدة، فضلا عن أن العالم المسيحي ومنهم الروم الأرثوذكس تبلغ أعدادهم ملياراً ونصف المليار والأقباط الأرثوذكس لا تتجاوز أعدادهم الـ15 مليون شخص، لذا توجب توحيد عيد الميلاد يوم 25 ديسمبر.
يقول مينا أسعد، مدرس اللاهوت الدفاعي بالكنيسة القبطية الأرثوذكسية، إن التقويم الميلادي كان يسمى بـ«التقويم الروماني»، إذ بدأ بالسنة التي تأسست فيها مدينة روما حوالى 750 سنة قبل ميلاد السيد المسيح، وكانت السنة الرومانية 304 أيام مقسمة إلى عشرة شهور، تبدأ بشهر مارس على اسم أحد الآلهة الإغريقية، ثم إبريل أي انفتاح الأرض بنمو المزروعات والفواكه ثم مايو على اسم الآلهة ثم يونيو أي عائلة أو اتحاد ثم كوينتليوس أي الخامس ثم سكستس السادس ثم سبتمبر أي السابع ثم أكتوبر الثامن ثم نوفمبر التاسع ثم ديسمبر العاشر، ثم أضاف الملك نوما بومبليوس ثاني ملك بعد روماس الذى أسس روما شهرى يناير على اسم الإله وفبراير أى احتفال لوقوع عيد التطهير في منتصفه، وبذلك أصبح طول السنة الرومانية 12 شهراً أي 365 يوماً.
وتابع أسعد، في القرن الأول قبل الميلاد لوحظ أن الأعياد لا تقع فى موقعها الفلكى، فكلف الإمبراطور يوليوس أحد أشهر علماء الفلك المصريين وهو سوسيجينيس لتعديل التقويم ليصبح مثل التقويم المصري في وقته حتى تعود الأعياد الإغريقية الثابتة في مواقعها الفلكية وذلك بإضافة ربع يوم إلى طول السنة الرومانية 365 يوما وربع مثل التقويم المصري وسمي هذا التقويم بالتقويم اليولياني وذلك بإضافة يوم كل رابع سنة «السنة الكبيسة» لتصبح 366 يوماً، وهذا التقويم عدل بعد ذلك فى أيام البابا غريغوريوس الروماني بطرح 3 أيام كل 400 سنة وسمي بالتقويم الجريجورى.
وأوضح، في القرن السادس الميلادي نادى الراهب الإيطالى ديونيسيوس أكسيجونوس بوجوب أن تكون السنة وليس اليوم الذي ولد فيه السيد المسيح هي سنة واحد وكذلك بتغير اسم التقويم الروماني ليسمى التقويم الميلادى باعتبار أن السيد المسيح ولد عام 754 لتأسيس مدينة روما بحسب نظرية هذا الراهب، وهكذا ففي عام 532 ميلادية أي 1286 لتأسيس روما، بدأ العالم المسيحي باستخدام التقويم الميلادي بجعل عام 1286 لتأسيس مدينة روما هي سنة 532 ميلادية، واكتشف الباحثون أن تقويم ديونيسيوس به خطأ حوالي أربع سنوات لاحقة، أي أن تاريخ ميلاد السيد المسيح يكون قبل هذا التاريخ بأربع سنوات، ولكن لأنه جرى به العمل مدة طويلة وكون ارتبطت به البلاد، وأن تغيير هذا التاريخ قد يسبب ارتباكا أو بلبلة، فاكتفوا بتصحيحه دينياً، وظل ساريا إلى اليوم.
وكشف أسعد عن حقيقة موعد ميلاد المسيح وهي أنه وفقا لحقائق استند عليها الباحثون في تصحيح تقويم ديونيسيوس، فقد حدد المؤرخ اليهودي يوسيفوس موت هيرودس بسنة 750 رومانية التي تقابل القرن الرابع الميلادي، وكون أن يسوع ولد في أيام هيرودس فيكون ولد أواخر سنة 749 أو أوائل سنة 750 رومانية.
وتابع: حسب بشارة القديس لوقا أن السيد المسيح بدأ خدمته الجهارية في السنة الخامسة عشرة من حكم طيباريوس قيصر الذي حكم الدولة الرومانية سنة 765 رومانية حيث كان عمر يسوع ثلاثين سنة آنذاك، فيكون ميلاد المسيح يسوع سنة 750 رومانية أي 4 ق م، وفي عام 1582 م أيام البابا جريجورى بابا روما، لاحظ العلماء أن يوم 25 ديسمبر عيد الميلاد، ليس في موضعه أي أنه لا يقع في أطول ليلة وأقصر نهار، بل وجدوا الفارق عشرة أيام، أي يجب تقديم 25 ديسمبر بمقدار عشرة أيام حتى يقع في أطول ليل وأقصر نهار.
وأوضح أن العلماء عرفوا سبب ذلك هو الخطأ في حساب طول السنة التي تساوي دورة كاملة للأرض حول الشمس، إذ كانت السنة في التقويم اليولياني تحسب على أنها 365 يومًا و6 ساعات، ولكن العلماء لاحظوا أن الأرض تكمل دورتها حول الشمس مرة كل 365 يومًا و5 ساعات و48 دقيقة و46 ثانية أي أقل من طول السنة السابق حسابها - حسب التقويم اليولياني - بفارق 11 دقيقة و14 ثانية ومجموع هذا الفارق منذ مجمع نيقية عام 325م حتى عام 1582 كان حوالي عشرة أيام، فأمر البابا جريجوري بحذف عشرة أيام من التقويم الميلادي –اليولياني - حتى يقع 25 ديسمبر في موقعه كما كان أيام مجمع نيقية، وسمي هذا التعديل بالتقويم الغريغوري، إذ أصبح يوم 5 أكتوبر 1582 هو يوم 15 أكتوبر في جميع أنحاء إيطاليا.
نقلا عن العدد الورقي.