الحق يقال فإن هناك محاولات للنهوض بالمرأة العاملة خارج القطاع الرسمي والسعي إلى حل المشكلات الاقتصادية التي تواجهها، والوقوف بجوارها حتى تتمكن من القيام بدورها المنوط بها على كل الأصعدة، ولكنها لم تحقق حتى لحظتنا الراهنة المرجو منها، من بينها جهود المجلس القومي للمرأة والتي انصبت، وفقًا لمتابعاتنا، على المرأة الريفية، كما كان للمجلس محاولات لتشكيل شبكة للمناداة بحقوق المرأة المعيلة والمرأة العاملة خارج القطاع الرسمي، وهي محاولات جادة نتمنى لها أن تتحقق وأن يكون لها شواهد حقيقية على أرض الواقع المعاش.
أما منظمات المجتمع المدني فبعضها يضع المرأة العاملة خارج الإطار الرسمي والمسئولة عن أسرتها على قائمة اهتماماتها، إلا أن دعم مشروعاتها ليست على قائمة الممول أو الداعم أو المتبرع المصري الذي غالبًا ما يطلب توجيه دعمه للأيتام أو أصحاب الأمراض المزمنة، أو ما شابه ذلك من الأنشطة الخيرية، لأن مفهوم التنمية المجتمعية مازال غير واضح لدى معظم الناس، وعلى أهل الرأي والفكر والإعلام أن يبذلوا ما وسعهم من جهد حتى يتمكنوا من نشر ثقافة التطوع بين الناس، وإعلامهم بدورهم في عمليات التنمية بمختلف أنواعها، وليس بمستغرب أن يقول لك البعض : إنها امرأة عاملة أي تعمل وتحقق كسبًا ماديًا.. فلماذا تطلب المساعدة لها؟ .. وقد فاته ما تتعرض له المرأة العاملة خارج القطاع الرسمي من تحديات إقتصادية عديدة تحول دون ممارسة دورها الذي يقع على كاهلها.
إن كثيرًا ما يرفض المتبرع دعم مشروعات تدريب المرأة العاملة خارج القطاع الرسمي أو المرأة الفقيرة أو محدودة الدخل بوجه عام، أو توفير أدوات إنتاج مثل ماكينة الحياكة أو التريكو أو نول لعمل السجاد اليدوي يزيد دخلها المتدني أو يدر عليها دخلاً قد لا يقل عن 500 جنيه شهريًا، في حين يجزل العطاء للأيتام!!… ونحن في هذا البحث لا نقصد المرأة العاملة ميسورة الحال أو التي تتقاضى أجرًا يكفيها أو لا تواجه تحديات اقتصادية، وإنما نقصد الأغلبية العظمى من النساء العاملات خارج قطاع العمل الرسمي اللائي يعانين من ظروف وتحديات اقتصادية شديدة تحول دون قدرتهن على توفير أساسيات الحياة لهن ولأسرهن.
ومن الأمور الغريبة التي رآها الباحث في بعض المنظمات الأهلية، إن بعض المتبرعين يطلب توجيه تبرعه لإطعام اليتيم فقط لا غير ، ويرفض أن نجعل من هذا التبرع راتبًا للأم البديلة التي تقوم على رعاية الطفل اليتيم ، مع أن معظمهن فتيات وسيدات مسئولات عن رعاية أسرهن والإنفاق عليها وهذا هو عملهن الوحيد، أي أن دعمها يمثل دعمًا لليتيم الذي ترعاه ، وأيضًا لأسرتها التي تحتاج هي الأخرى إلى من يعولها.