إنطوت الصفحة الأخيرة في القصة الحزينة التي كتبت سطورها طوال الأيام الماضية وكان بطلها "محمد حسن" او "محمد ماجيكسو" كما كان يفضل أن يطلق عليه من أسماء، وذلك بعد ظهور نتيجة تحليل الـ DNA الخاص بالجثة التي عثر عليها رجال الحماية المدنية بين الصخور، والتي أثبتت أنها جثة غريق ستانلي.
وقررت الأسرة تسلم الجثة أخيرا بعد رفضها السابق وسط حزن وذهول من محبيه ومتابعيه عبر مواقع التواصل الإجتماعي المختلفة، ويتم دفن جثمانه بعدما تم إرسال نتيجة التقرير إلى النيابة، والمعمل الجنائى بالإسكندرية لإنهاء إجراءات الدفن سريعا، ولكن في السطور التالية نستعرض القصة وبدايتها وما تنبأ به "محمد ماجيكسو" عن جثمانه الذي سيضيع حتى موعد محدد تظهر فيه.
البداية
محمد حسن الملقب بماجيكسو، وهو اللقب الذي إختاره لنفسه وردده اصدقائه حبا له، هو طالب بكلية التجارة جامعة طنطا ومقيم بمحافظة مطروح، وحضر إلى الإسكندرية لإنهاء بعض المتعلقات وزيارة أصدقائه، على طريق الكورنيش بمنطقة ستانلي، استعدادا لخوض امتحانات نصف العام.
يحب الشعر الشعبي وينظمه ويردده، وهو ما جعل شعبيته كبيرة بين أقرانه، ولكنه كان دائما مقتنعا أنه لن يستطيع أن يكون عنصرا مميزا في مجتمعه، وكان دائما يريد ان يكون مفيدا او حتى بطلا في قصة مشهودة وتحقق له ما اراد لاحقا.
النبوءة الأولى
كان محمد يكتب تدوينات غريبة في نظر المحيطين به عبر حساباته الشخصية خاصة على فيسبوك، وهي التدوينات التي أثارت تساؤلات عديدة من أصدقائه بلا رد منه حولها، ولكن كتب "محمد ماجيكسو" تدوينة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك"، قبل نحو شهرين، تصف إلى حد بعيد ما حادث في ستانلي، إذ قال: "3 أشخاص واحد يقف على الشاطئ والآخر يسبح في البحر والأخير يغطس تحت الماء.. من منهم يشعر بالحزن ومن منهم يشعر بالفشل ومن منهم لا يشعر بشيء!؟ ولماذا؟".
مع عدة تدوينات أثارت التساؤلات من المحيطين، ولكنه كان يبادرهم بابتسامة عادية وباهتة، وبين التدوينات كان ما يوجد بين السطور كثير من اليأس في أن يكون يوما إنسانا له شأن، والحزن ملأ عباراته برغم حب من حوله له.
الحادث
تلقت الأجهزة الأمنية بلاغًا بقيام السيارة رقم 22364 ملاكي المنوفية قيادة (ا. و. ج) 19 سنة، طالب بكلية التجارة جامعة الإسكندرية ومقيم بالمنوفية بالاصطدام بعدد 3 أشخاص بأعلى كوبري ستانلي مما نتج عنه سقوط "م.ا.م، 21 سنة"، طالب بكلية الآداب، جامعة الإسكندرية، مقيم عزبة الأفراد محافظة مطروح مصاب بجروح رضيه بالوجه والركبه اليسري والفخذ الأيمن وسحجات بالساق اليمني و "م .ح.ش، 21 سنة، طالب بكلية التجارة، جامعة طنطا، مقيم مدينة مطروح، محافظة مطروح و"ا.ز.ال، 22 سنة"، طالب بكلية الحقوق، جامعة الإسكندرية ومقيم دائرة قسم شرطة مطروح محافظة مطروح "لا توجد به ثمة إصابات تصادف تواجدهم أعلى الكوبري وسقوط الأول والثاني بمياه البحر.
وتمكنت وحدة الإنقاذ النهري من إنقاذ الأول وجري البحث عن الثاني، فيما تم نقل المصاب للمستشفي الرئيسي الجامعي للعلاج، والتحفظ على السيارة وقائدها، ولكن لم تظهر جثة الثاني وهو "ماجيكسو".
جثة مفقودة
خلال ساعات أصبح الحادث حديث مدينة الإسكندرية وسكانها، وعبر التواصل الإجتماعي أصبحت كثير من الدعوات والحملات التي أطلقها أشخاص لا يعرفون "محمد ماجيكسو" ليجدوا جثته او يجدونه بشكل عام سواء كان حيا او ميتا، وأصبح البحث عن "محمد" وجثته هو الشغل الشاغل لوحدة الإنقاذ المدني، كما قامت أسرته باستئجار غواصين لنفس الغرض، وفي صباح اليوم التالي لسقوط "الماجيكسو" في الماء كان شخصية شهيرة وبطلا في قصة كما أراد، ولكنها كانت قصة حزينة، حيث بكى من أجله الملايين ممن لا يعرفونه.
النبوءة الثانية
وفي الوقت الذي إلتقى فيه اللواء مصطفى النمر مساعد الوزير مدير أمن الإسكندرية، يرافقه اللواء شريف عبد الحميد مدير مباحث الإسكندرية، أسرة الشاب "محمد حسن" او "ماجيكسو" غريق حادث كوبرى ستانلى للاطمئنان عليهم ومواساتهم فى مصابهم وتقديم كل الدعم من قبل وزارة الداخلية، مع تأكيد مدير أمن الإسكندرية، أن هناك تواصلا مع القوات البحرية تحت إشراف ومتابعه شخصية من الفريق احمد خالد قائد القوات البحرية لأعمال البحث عن الشاب الغريق، وتواصل مستمر من قسم الانقاذ للحماية المدنية بأمن الإسكندرية تحت اشراف نائب مدير أمن الإسكندرية، كان موعد النبوءة الثانية.
والنبوءة الثانية كانت ضمن ما نشر "ماجيكسو" بنفسه عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الإجتماعي فيسبوك وهي الكلمات التي تداولها كثير من الرواد اللذين اصبحوا يتابعونه عبر حسابه وكأنه على قيد الحياة، حيث قال: "بشهادة بني جنسة . لقد كان شخص جيد لم يؤذ احد طول حياتة .. لقد احبه الجميع .. لا يستحق تلك الموتة البشعة .. لا يستحق الموت مضروبا".
النبوءة الأخيرة للماجيكسو
كشف مصدر أمنى بمديرية أمن الإسكندرية، أنه تم العثور على جثة الشاب محمد حسن ضحية حادث كوبرى ستانلى وتم استخراجها بمعرفة الحماية المدنية، وبعد الإجراءات المتبعة وجدوا أن ما يظهر من الجثة ما هو إلا خصلات شعر، بينما معالمها لم تكن واضحة، والغريب في الأمر أنه ما كتب عنه "الماجيكسو" ايضا في حسابه حيث قال: "ذات مره جلس الشيطان ع احد خصلات شعري بجانب أذني وقال لي هل تحبها فقلت له نعم فقال لي اذا ماذا تنتظر ياجبان إذهب و اعترف لها، انا سيلفر او فضي . الفضي هو خليط بين الابيض و الأسود . لذلك اعشق ذاك اللون . طبعا ده مش اسمي بس حطة تموية عشان متعرفنيش".
وبرغم رفض اسرته تسلم الجثة إلا أن تحيل الـ DNA وضع الكلمة الأخيرة في القصة، وأثبت أن الجثة صاحبة "خصلات الشعر" هي بالفعل للشاب "محمد حسن" او "ماجيكسو" او "غريق ستانلي" الذي أصبح بطل هذه القصة الحزينة والتي إنتهت خر حلقاتها بدفنه، ودعوات الملايين تلاحقه بالرحمة والدموع.