تعد فرنسا بوابة أردوغان لإذابة الجليد مع الاتحاد الأوروبي، ويستغل الرئيس الفرنسي كوسيط لتحسين علاقته بألمانيا والاتحاد الأوروبي.
وقد التقى الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في باريس في أول زيارة رسمية يقوم بها أردوغان إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وليس هناك في خطابات السياسة الفرنسية حكومة أو معارضة ما يشجع على التقارب بين تركيا وفرنسا منذ 2012 على الأقل، عندما أقر البرلمان الفرنسي، في حكم، نيكولا ساركوزي، قانونًا يجرم إنكار "مجازر الأرمن".
-ما هي مصلحة فرنسا من التقارب؟
تركيا لها حدود مع سوريا والعراق، وهي أيضًا عضو في حلف شمال الأطلسي، وهي بوابة الاتحاد الأوروبي خارج حدوده، كما لها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.
وتشارك تركيا في مسار أستانا لحل الأزمة السورية مع إيران وروسيا التي تعتزم عقد اجتماع بين المعارضة والنظام السوري في مدينة سوتشي نهاية يناير، ولمن ماكرون ينتقد هذا المسار الإيراني الروسي ويفضل المسار الذي بدأت الأمم المتحدة.
-تركيا "شريك ضروري"
قامت السلطات التركية في حملة ملاحقة لمن تتهمهم بالشروع في محاولة الانقلاب على الحكم، أدت إلى فصل نحو 140 ألف شخص عن وظائفهم واعتقال 55 ألف بينهم صحفيون وأساتذة جامعات وأكراد.
وأدت تلك الحملة بالاتحاد الأوروبي إلى وقف مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد نهائيا بدفع من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ولكن ماكرون رد عليها بعدم المجازفة "بقطع" علاقات الاتحاد الأوروبي مع أنقرة لأنها "شريك ضروري".
وتحدث أردوغان، في مقابلة مع قناة تي أف 1 الفرنسية، بإيجابية عن تواصله مع ماكرون بشأن قضايا الشرق الأوسط، قائلا: "الخطوات التي خطوناها مع ماكرون فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية كانت كلها في الاتجاه الصحيح".
وامتدح أردوغان دول الاتحاد الأوروبي على موقفها من اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، إذ أنها عبرت عن رفضها للقرار الأمريكي، وصوتت ضده في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال الرئيس التركي عن قاجة دول الاتحاد الأوروبي: "لم يخذلونا في هذه القضية".
ما هي مصلحة تركيا من هذا التقارب؟
تواجه تركيا تحديات كبيرة في الشرق الأوسط، إذ تحاصرها النزاعات المسلحة على حدودها مع سوريا والعراق، ويتزامن ذلك مع فتور علاقاتها من الولايات المتحدة خاصة بعد إعلان ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وتنتقد أنقرة واشنطن على دعمها لمليشيا وحدات حماية الشعب الكردي في سوريا، والتي تعدها تركيا من فروع تنظيم بي كاكا، الذي تصنفه هي والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تنظيما إرهابيا، كما تطالب تركيا الولايات المتحدة بتسليم، فتح الله جولن، الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب.
ولعل آخر حلقة في تعقيد العلاقات بين واشنطن وأنقرة هو اتهام وزارة العدل الأمريكية للمصرفي التركي، هاكان أتيلا، بالضلوع في عمليات مصرفية هدفها خرق العقوبات المفروضة على إيران.
ويعتمد أردوغان في علاقات بلاده مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مبدأ "التوازن"، فعندما يشعر بأن واشنطن "تخلت عنه" لابد أن يلجأ إلى بروكسل والطريق إلى بروكسل يمر عبر باريس.
وترى تركيا في ماكرون الرئيس البراغماتي الذي يبني علاقات بلاده على المصالح المتبادلة عكس "رؤساء فرنسا السابقين، على غرار ساركوزي وهولاند، وكذلك المستشارة الألمانية ميركل".
-الاتفاق الجمركي
عندما أعلن وزير الخارجية الألماني، سيغمار غابريال، الأسبوع الماضي أن اتفاقا ذكيا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيكون نموذجا لدول أخرى تريد أن تكون لها علاقات أوثق مع الاتحاد الأوروربي، ولكنها ليست جاهزة للانضمام عليه، لابد أنه كان يقصد تركيا تحديدا، وقد ذكرها بالإسم مع أوكرانيا.
وتسعى أنقرة من خلال تدفئة علاقاتها الأوروبية إلى تجديد وتوسيع اتفاقها الجمركي مع الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد توقيع الاتحاد اتقافات تجارية جديدة مع الولايات المتحدة.
فالاتحاد الأوروبي هو أكبر متعامل تجاري مع تركيا بقيمة تعاملات تفوق 145 مليار يورو، ولا يمكن لأنقرة الاستغناء عنه.
-المحطة النووية
بلغت التبادل التجاري بين فرنسا وتركيا عام 2016، حسب الإحصائيات التركية، 14 مليار يورو، وهو رقم يأمل الطرفان في رفعه من خلال توقيع اتفاقات شراكة ثنائية واستثمارات تعود بالفائدة على البلدين.
وتحرص فرنسا على تسريع مشروع بناء محطة نووية في مدينة سينوب التركية على البحر الأحمر من قبل شركة أريفا الفرنسية وشركة ميتسوبيشي اليابانية. وهو مشروع يدعم الصناعة النووية الفرنسية ويوفر عائدات مالية ووظائف حكومة ماكرون في أمس الحاجة إليها.
-تنويع مصادر الأسلحة
سمحت القمة بين أردوغان وماكرون بتوقيع اتفاقية تصنيع نظام صواريخ بين الشركتين التركيتين أصيلصان وروكيتصان ومجمع يوروصام الفرنسي الإيطالي، تدعم في تركيا في تطوير برنامجها الصاروخي الخاص،وكانت تركيا حصلت على نظام الدفاعات الروسية أس 400.