دفعت شبه جزيرة سيناء ثمناً باهظاً بعد غياب المجالس المحلية عقب ثورة ٢٥ يناير، محافظتي شمال وجنوب سيناء تعاني معاناة شديدة منذ عام ٢٠١١ لعدم وجود المحليات وادي غيابها إلي تأخر التنمية وإعاقة الاستثمار، في ظل وجود جهاز تنمية سيناء والذي اصبح يقوم باختصاصات المجالس المحلية سواء تخصيص الاراضي للأفراد أو المستثمرين حتي الوحدات السكنية، اصبح الجهاز الوطني لتنمية سيناء هو صاحب الكلمة في التخصيص من عدمه.
في عام ٢٠١٢ أصدر رئيس مجلس الوزراء كمال الجنزوري آنذاك القرار رقم ٩١٥ بإصدار النظام الأساسي للجهاز الوطني لتنمية شبه جزيرة سيناء من أجل الحفاظ علي الأراضي من أن يتملكها أجانب، وكان الأمن القومي هو الهدف الرئيسي لإنشاء هذا الجهاز الذي يترأسه اللواء محمد شوقي رشوان ويضم في مجلس ادارته كل الجهات الأمنية علي مستوي مصر وممثلين عن محافظتي شمال وجنوب سيناء، بالإضافة إلى أم كل الوزارات لها ممثلين داخل الجهاز.
تعرضت محافظة جنوب سيناء لقضيتين كبيرتين الأولي في عام ١٩٩٦ عندما قام رجل الأعمال المصري الإيطالي وجيه سياج، بمشاركة شركة لومير الإسرائيلية لإنشاء فندق بمنطقة طابا علي مساحة ٢٠ ألف متر مربع، وحينها اشتعل نزاع كبير بين رجل الأعمال والحكومة وتم تغريم مصر ما يقرب من ٧٥٠ مليون جنيه من قبل محكمة دولية لتعويض رجل الأعمال علي سحب الأرض ونزع ملكيتها، والثانية عندما قام أحد مستثمري شرم الشيخ ببيع أراضي لأجانب بنظام التملك وتكرر حال البيع لأجانب بنظام التمليك في مدن نويبع ودهب مما مثل خطورة علي الأمن القومي لمصر.
صالح عوده رئيس المجلس المحلي السابق لمحافظة جنوب سيناء، قال إن المجالس كان لها دورا كبيرا في تنمية سيناء بل دور يفوق دور المجالس النيابية، لافتا أن لجان تخصيص الأراضي والخطة والموازنة والإسكان والمواصلات والبيئة، كانت تقوم بدورا فعالا في إصدار القرارات والقوانينن التي يتم البت فيها أو عرضها على المجالس النيابية.
وأضاف «عوده» أن تحديد الأسعار الخاصة بالأراضي أو أقساط الوحدات السكنية حتي تعريفة الركوب، كانت من اختصاص المجلس المحلي للمحافظة.
المواطنون كانوا لا يشعرون بأهمية ودور المجالس المحلية ويعتقدون أن الهدف منها مساعدة الحزب الوطني المنحل في السيطرة علي كل أرجاء الدولة، ولكن بعد غياب المحليات عرف الجميع قيمة هذه المجالس فمنذ ثورة ٢٥ يناير ويعاني الجميع من ابناء محافظة جنوب سيناء من مشكلات تقنين الأوضاع وتخصيص الأراضي وتملك الأرض سواء مستثمرين أو مواطنين حتي الجهات الحكومية تعاني من أجل تخصيص ارض لها، مؤكدا أن المعاناة لم تتوقف علي الأرض في ظل غياب المحليات.
لكن وفقاً لتصريحات صالح عوده فإن الأزمات وصلت إلى سعر تعريفة ركوب السيارات سواء الداخلية أو الأتوبيسات الخارجية وكذلك المشكلات البيئية والإسكان الإجتماعي.
وقال إن المجلس المحلي كان شريكا أساسيا في تنمية جنوب سيناء على أساس مراقبته لأعمال الجهاز التنفيذي والمشروعات المختلفة من حيث التكلفة ومدة التنفيذ وأهدافها، موضحا أن المحافظة كانت لا تصدر قرار إلا بالرجوع إلى المجلس المحلي ويتم مناقشة القرارات، بينما في الوقت الحالي بعمل الجهاز التنفيذي بدون رقابة، ضاربا المثل بأزمة توزيع الوحدات السكنية التي كان المجلس المحلي يضع الشروط والضوابط الخاصة بالإسكان والنسب.
عوّاد سليمان الأحيوي، رئيس لجنة الإعلام والمتابعة بمحلي المحافظة المنحل، أضاف أن هناك «عوار» في القرار الحكومي الخاص بحل المجالس المحلية، حيث ينص قانون الإدارة المحلية، الذي يتم تعديله حاليا على أنه في حالة حل المجلس المحلي، يتم تسيير الأعمال عن طريق لجنة دائمة، لحين إجراء انتخابات المحليات وهذا مالم يحدث عندما تم حل المحليات في ٢٠١١.
وأضاف «الأحيوي» أن المحليات كان لها اختصاصات واسعة، حيث يتولى المجلس الشعبي المحلي للمحافظة في حدود السياسة العامة للدولة والرقابة على مختلف المرافق والأعمال التي تدخل في اختصاص المحافظة وفقاً للمادة (2) من هذا القانون وله أن يطلب عن طريق المحافظة أية بيانات تتعلق بنشاط الوحدات الأخرى الإنتاجية والاقتصادية وغيرها العاملة في دائرة المحافظة.
كما يتولى الإشراف على تنفيذ الخطط الخاصة بالتنمية المحلية ومتابعتها وذلك على النحو المبين بالقانون واللائحة التنفيذية.
وانتقد رئيس اللجنة عدم إقرار قانون المحليات الجديد وغياب المجالس المحلية حتي الآن، ما اعطي المحافظون والجهاز التنفيذي فرصة لعدم محاسبتهم وتلاعبهم بالقوانين والقرارات وعدم تحقيق طلبات الأهالي، وطالب بسرعة عودة المحليات من أجل سرعة إصدار القرارات التي تتعلق بالمواطنين.
عطية موسي، عضو مجلس النواب ورئيس محلي مدينة شرم الشيخ، قال بدوره إن غياب المحليات تسبب في ضياع واهدار مليارات الجنيهات علي الحكومة، موضحاً أن التعديات علي املاك دولة حدثت بسبب غياب المحليات، وضرب مثلاً بمنطقة الرويسات بشرم الشيخ والتي تشهد ما يقرب من ٥ آلاف حالة تعد، حيث توقفت المحافظة عن انشاء مشروع اسكان بمدينة شرم الشيخ بحجة انها سياحية وتوقفت عن توزيع أراض للأهالي ولم يجد المواطنين سوي التعد علي املاك الدولة من أجل توفير مسكّن لهم.
وأكد «موسى» أن المحليات كانت تقوم باعتماد تقسيم الأراضي وتحديد الأسعار وكذلك خطة الاسكان الاجتماعي لمحدودي الدخل ويتم محاسبة المقصرين من أجل توفير المسكن للمواطنين والخدمات.
«الآن أصبحت سيناء في يد الجهاز الوطني لتنمية سيناء وتظل الموضوعات والمشروعات معلقة سنوات وسنوات ولا تحل والروتين الحكومي اصبح أكثر تعقيدا وطاردا للاستثمار» وفق تأكيد نائب شرم الشيخ.
نقلا عن العدد الورقي.