اعلان

"خديجة" أرملة سبعينية تروي معاناتها لـ"أهل مصر": عندي جلطة في المخ وببيع مناديل قدام الشهر العقاري من ٥٠ سنة.. ونفسي استر بناتي (فيديو)

نظارات طبية لاتخلو من الخدوش، عدة خصلات شعر يغزوها اللون الأبيض الباهت، رافضة الاختباء أسفل الحجاب الأسود كغيرها، مقلتي أعينها لا تعرف الاستقرار، تنظر لمن دفعتهم بطونهم الجائعة للوقوف على عربة فول غير عابئين بملابسهم الفاخرة، لكن صوتًا خشن لرجل تخطى الـ٦٠ من عمره أخرجها من تركيزها "يا حجة خديجة عايز ورق إيجار سيارة"، فنهضت ببطأ تعبث في إحدى الحقائب البلاستيكيه القابعة جانبها عن عقود الإيجار.

على الدرجات المستقرة أمام الشهر العقاري بالحي السابع مدينة نصر، تراصت (توكيلات بيع وشراء- عقود إيجار- مناديل معطرة بأنواع مختلفة- أقلام الرصاص والجاف الأزرق)، تستقر جانبها "خديجة" التي تعدت الـ٧٠ ربيعًا، تقول لـ"أهل مصر": " من ٥٠ سنة وأنا ببيع قدام الشهر العقاري بس الأسعار الجديدة قسمت وسطنا واحنا غلابة مفيش في إيدنا حاجة نعملها غير الصبر والدعاء لله يوسع رزقنا".

في منزل مكون من غرفتين بإحدى شوارع مدينة نصر بسيطة الحال التي تستقر بين المنازل ذات الأسعار المرتفعة، تعيش "خديجة" مع بناتها "عندي ٣ بنات جبتهم لما كبرت لأني قعدت سنين مفيش إنجاب والدكاترة في المستشفيات الحكومية قالوا مفيش أمل، بس ربنا اكرمني ببنات ورا بعض والبنات رزق"- طبقًا لروايتها.

منذ ٢٥ عامًا انتقل زوج "خديجة" إلى مثواه الأخير، تاركًا إياها وحيدة دون مصدر للمال، فأخذت قرار بارتداء السواد طيلة الحياة؛ حزنًا على زوجها، فتروي وتجاعيد وجهها أسفل أعينها تزيدها عمرًا: "جوزي كان ارزقي على باب الله وتعب سنين من الكلى وبعدها توفى وطبعًا مفيش معاش يسترني أنا والبنات فكملت في بيع العقود قدام الشهر العقاري، ويادوب المكسب أوقات ١٠٠ جنيه في اليوم وأوقات اقل كمان لكن البضاعة بـ٧٠٠ جنيه في الأسبوع".

في صباح التاسع من يوليو ٢٠١٤، نقلت "خديجة" إلى إحدى مستشفيات الصحة على أثر إصابتها بجلطة في المخ، فتروي تفاصيل ذلك اليوم الذي رغم مرور السنوات إلا أنه لازال محفورًا بأركان ذاكرتها "طلع عندي جلطة في المخ ومن وقتها واتحجزت أسبوع في المستشفى الحكومية وولاد الحلال دفعوا حق العلاج وقتها ومن ساعتها وأنا بصرف علاج بـ٤٠٠ جنيه منهم واحد بـ٢٥٠ جنيه عشان التأمين الصحي مش بيصرفه".

رغم مرضها واقترابها من الموت- حسبما تشعر دائمًا، إلا أن خوفها على بناتها حاضرًا "اللي مفرحني قربت أموت لكن بناتي هسيبهم لمين، واحدة سترتها بالقسط ولسا بسدد فيه بقالي ٦ سنين والبنتين التانيين لسا في العشرينيات واحنا صعايدة عيب البنت عندنا تشتغل قبل الجواز".

لم يشغل فكر"خديجة" التي تبدأ عمل في السابعة صباحًا إلى الخامسة مساءً إلا تكاليف علاجها التي تقتنص من رزق بناتها، فتقول: "أنا جمعة وسبت مفيش شغل قدام الشهر العقاري، فبفرش المناديل قدام أي شارع لكن نفسي حد يساعدني في تكاليف العلاج أو يساعدني في جواز البنات، عشان أموت وأنا مطمنة عليهم".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً