كان تأسيس جماعة الإخوان المسلمين على يد حسن البنا في مصر، بداية ظهور تيار الجماعات الإسلامية سواء السنية أو الشيعية، أو المتطرفة، ثم جاء سيد قطب لترسيخ الفكر المتطرف لدى جميع الجهادية التي انبثقت منذ ذلك الوقت بداية من الأكراد في خمسينات القرن الماضي مروراً بجماعة "أنصار الإسلام" التي انبثقت خلال الحركة العراقية- الإيرانية وصولاً إلي داعش و"جند الإسلام" وغيرها من الجماعات.
أصدر معهد توني بلير للتغيير العالمي يوم الأربعاء في لندن، دراسة جديدة تشرح كيفية خروج تنظيمات داعش والقاعدة من رحم الإخوان خاصة وأن هناك الكثير من الأدلة علي تبني تلك التنيظمات لفكر "سيد قطب".
وكانت كتابات "سيد قطب" العباءة الفضفاضة التي خرجت منها جماعة التكفير والهجرة والقاعدة وداعش وغيرها، تغذت منها قياداتها، مثل أيمن الظواهري زعيم تنظيم القاعدة الذي انضم لجماعة الإخوان المسلمين منذ أن كان في سن 15 عاما.
حيث قال "الظواهري" في تسجيل مصور له بثته المواقع الجهادية في يناير 2015، اعترف أن أسامة بن لادن خرج من تنظيم الإخوان المسلمين، وأشار إلى أنه كان يتبع تعليمات التنظيم بشكل كبير عندما توجه إلى باكستان، حيث ارسلته الإخوان إلي باكستان عندما وقع الغزو السوفيتي في مهمة،وهي توصيل الدعم للجماعة الإسلامية الموجودة هناك، وكانت تعليمات التنظيم إليه ألا يدخل أفغانستان ولكن أسامة خالف الأوامر، وحينها انشق وانشأ تنظيم القاعدة.
وكشفت دراسة "معهد توني بلير" عن مقتطفات من كتاب "عشرون عاما على استشهاد سيد قطب" لعبدالله عزام الزعيم الروحي للأفغان، حيث قال "الذين يتابعون تغير المجتمعات وطبيعة التفكير لدى الجيل المسلم يدركون أكثر من غيرهم البصمات الواضحة التي تركتها كتابة سيد قطب وقلمه في تفكيرهم، والذين دخلوا أفغانستان يدركون الأثر العميق لأفكار القطبيين.
واستندت الدراسة أيضاً إلي صحيفة "نيويورك تايمز" حين ألتقت بالداعشي البريطاني "كبير أحمد" قبل أن يفجر نفسه في هجوم انتحاري عند مصفاة بيجي، شمال بغداد. وقال الداعشي "في السجن درست القرآن وعرفت ما يجري للمسلمين حول العالم، والمفكرون الذين تأثرت بهم وأحبهم هم سيد قطب، وأنور العولقي، وأسامة بن لادن، وأيمن الظواهري، وأنا أحبهم جميعاً وأحترمهم".
وقالت راشيل ديهندرسون باحثة بمنظمة "طوني بلير" يضيف العمل الذي أنجزه الفريق قيمة كبيرة لفهم الصلة بين الجماعات غير العنيفة والعنيفة.
لأول مرة يستطيع الناس الحديث بالأدلة عن وجود فجوة بين تطبيق الإسلاميين للقرآن والحديث من جهة، والفهم العام للإسلام من جهة أخرى، وتلك هي أكبر رسالة، فقد سمعنا طويلًا أن هذه الجماعات وأفكارها "لا تمثلنا".
وأضافت أن أكثر آية تكرر استخدامها في عينة النص السلفي الجهادي الذي تناولناه "في حوالي ثلثي الوثائق" مأخوذة من سورة الأنفال التي تتحدث في أعقاب غزوة وقعت بين المسلمين الأوائل وخصومهم في مكة، وهي الآية 60 من السورة، والتي يتم الاستشهاد بشكل كبير ، وهي الإعداد لقتال "عدو الله" والثواب الذي يعود على من يقاتلون في سبيله، ولكن غاب عن كل المراجع التي ذكرت هذه الآية والتي وجداناها في وثائق في الأوراق الخاصة بالتنظيمات الإرهابية كداعش و القاعدة في سوريا و العراق، ولكن تلك الوثائق لم تذكر الآية التالية لها مباشرة، الآية 61، بأنه إذا مد أعداء الله يدهم بالسلام، يجب على من يعبدون الله أن "يجنحوا" للسلم.
وأكدت مصادر في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن مثل تلك الدراسات هامة للتعرف علي الفرق بين ما الإسلام المعتدل وما يطلق عليه إسلام وهو التطرف بعينه، خاصة وأن تلك الدراسات معتمدة علي وثائق وجدت عقب هروب تنظيمي داعش و القاعدة من العراق.
وأكدت "مني علي الدين" باحثة في الشئون الإسلامية بجامعة "النجف العراقية" في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر" أن تلك الدراسة وجدت في وثائق تركها تنظيم داعش خلفه خلال هروبه من الموصل، تركها في عجله من امره، ومن خلالها تمت الابحاث لمعرفة عقيدة تلك التنظيكات ومن أين جاءت.
وأضافت أن مثل تلك الدراسات تجرى أيضاً في قلب جامعة الأزهر في القاهرة، حيث يوجد مرصد يصدر تصحيحات عبر الإنترنت للمفاهيم المغلوطة ويجيب على الآيديولوجيات المتطرفة، وهو مركز الإسلام السني، ويعُد أقدم قاعدة له، وبه الكثير من الخريجين الذين يتعقبون تقارير داعش.
وأضاف مصدر آخر لـ"أهل مصر" في تصريحات خاصة أن تلك الأبحاث كشفت أن الإسلام السياسي أقرب إلى السلفية الجهادية من تيار الإسلام العام، لذا من الضروري أن نعالجها في مرحلة مبكرة، مع التركيز على منع تبريرات الإرهاب من جذب التأييد، بدلاً من انتهاج سياسة رجعية بالكامل لمكافحة أفعال العنف ذاتها.
وأضاف الهدف من تلك الدراسات هو أن نصبح قادرين علي تحديد هوية "الفكر المتطرف"،خاصة في الدول الأوروبية حتى لا يتم تصدير إسلام خاطئ لهم،وبالتالي فإن تلك الدراسات يساعدنا بالبحث على تعقب الاختلافات التي أحيانا ما تكون دقيقة بين الإسلام المتطرف والإسلام العام أو المعتدل.