معانأة ووجع يعيشه أهالي مدن وقرى محافظة الدقهلية، في البحث عن دماء لمصابيهم كل يوم، داخل المستشفيات الحكومية؛ بسبب النقص الشديد في بنوك الدم بجميع المستشفيات، ويقفون عاجزين أمام انقاذ حياة ذويهم، أو يضطرون للخضوع للابتزاز عند محاولة شراء كيس دم.
محمد المنسي، أحد أبناء مدينة دكرنس.. يروى تفاصيل معاناته في البحث عن الدماء من أجل إنقاذ زوجته أثناء إجراء جراحة ولادة قيصرية لها: "أيام لا تنسى وأتذكرها بالدموع دائما بسبب فصيلة دم زوجتى (a سالب) وطالبني الأطباء بتوفير لها 2 كيس دم كان الأمر شبه عادية ولكننى فوجئت بأنه شبه مسحيل».
وأضاف المنسي: «قدرة الله هي التي أنقذت زوجتي والكثير من فاعلي الخير وشاهدت النقص الحاد للدماء فى المستشفيات الحكومية، وفى حالة توافره لابد من إستبدال عبوة الدم الواحدة بعبوتين وذلك يجب توفير شخصين يتبرعون بدمائهم».
واستطرد: «تبرعت بالدم للمستشفى من أجل الحصول على عبوتين تحتاج لهما زوجتي وقمنا باستبدالهما بـ 4 عبوات آخرى مع صعوبة الحصول على متبرعين، لولا أصدقائي وأخى انقذوا الموقف ونجت زوجتي من الموت».
أما السيد علي، أحد أبناء مدينة منية النصر، فقصته تختلف كثيرًا عن ابن مدينة دكرنس، في رحلة البحث عن دماء لإنقاذ نجله، الذي يبلغ من العمر 22 سنة، أثناء عمل جراحة له في قدمه بعد إصابته في حادث سير يقول: «ابني أصيب في حادث موتوسيكل وطلب منى الأطباء توفير عبوات دماء له لإجراء الجراحة، وعند السؤال عن الفصيلة المطلوبة في بنك الدم بالمستشفى، وجدتها غير متوفرة وتوقفت العملية لحين توفير الدم».
يشير الأب: «حثت عن فصيلة الدم في الكثير من المستشفيات إلى أن علمت أنه لابد من توافرها فى بنك الدم الرئيسى بشارع الشيخ حسانين بالمنصورة وبعد الذهاب فوجئت بأنه بيتم بيع الكيس الواحد بأكثر من 140 جنيه، فضلا عن وجود متبرع من أجل الحصول عليه حتى ولو بعد دفع المبلغ المالي».
وأضاف: «مكنتش اتخيل إني أشوف ابني على فراش المرض، ولم أتمكن من انقاذة لأنني لم أملك الأموال من أجل إدخاله مستشفى خاص، ولكن لم يكن أمامي سوى المستشفى الحكومي، التي لم تسعفني، وقمت بالنداء في المساجد من أجل تبرع شباب مدينتي لابني وهو ما انقذه وقام الشباب بالتبرع والحصول على أكياس الدماء".
فكرية السعيد، التي تمنت الموت بدلاً من حيرة زوجها خلال رحلة توفير الدماء لها أثناء ولادتها في مستشفى الدولي بمدينة المنصورة قائلة: «تمنيت الموت بدلا من الإهانة التي تعرض لها زوجي في البحث عن الدماء وكأنني كنت في شارع أتسول سمعت الممرضة تقول لي «عاوزين 3 أكياس دم»، كنت أتوقع أنها إجراءات فقط ولكن كانوا يطالبون بتوفيره أو توفير متبرعين بأقصى سرعة من أجل إجراء الولادة القيصرية».
واستكملت السعيد «ذهب زوجى إلى جميع المستشفيات المجاورة ولم يجد وكان الحل هو شراء أكياس دماء من بنك الدم الرئيسي بالشيخ حسانين وتوفير متبريعن أيضا من أجل الحصول على الدماء من بعد دفع المبالغ المالية".
هالة علي، مقيمة مدينة المطرية فكانت لها قصة مختلفة ترويها قائلة: «أمي أصيبت في حادث كبير على طريق المطرية المنصورة، ولكننا فوجئنا بعدم وجود دماء فى المستشفى وطالبونا بإحضار 3 أكياس دماء فصيلة (b سالب)، وهى فصيلة نادرة الوجود وكانت المستشفى خالية من هذه الفصيلة فتوجهنا إلى الجمعيات الخيرية التى توفر الدماء للمحتاجين».
وأوضحت أن الجمعيات الخيرية تقوم بجمع عدد من الشباب صاحب فصائل الدماء النادرة من أجل الإتصال بهم فى الحالات الحرجة وهو ما تم فعله معها وحضر لها 6 شباب من أجل التبرع للحصول على 3 اكياس دماء من داخل المستشفى.
كما أكدت على أن رحلة البحث عن الدماء داخل المستشفيات الحكومية اصعب بكثير من البحث عن الذهب لعدم توافرها فى بنوك الدم فى المستشفيات الحكومية، أما الخاصة فيتوافر بها كل شىء ولكن كل شيء مقابل المال، حسب وصفها، مضيفة أن الفقراء لن يتمكنوا من دخول المستشفيات الخاصه بسبب ارتفاع أسعار الخدمة.
من جانبه أكد الدكتور سعد مكى وكيل وزارة الصحة بالدقهلية، أن شراء أكياس الدم من بنك الدم الرئيس أمرا طبيعيا، وذلك بسبب أن تحاليل للدماء تمر بمراحل عديدة من أجل التأكد من سلامتها، وتوفير متبرع للحصول على كيس الدم فهى عملية تدوير من أجل توفير الدماء، بشكل مستمر للمصابين والمرضى، لافتا أن بنك الدم يلجأ لتك الطريقة بسبب عزوف الكثير من الشباب والأهالى على التبرع بالدم من تلقاء انفسهم.