للعام الثاني يشارك الأزهر الشريف في معرض القاهرة الدولي للكتاب، إلا أن مشاركة هذا العام تميزت بقوة وفاعلية الحضور، وهو ما يمكن ملاحظته بمجرد دخول أرض المعارض حيث يتبادل رواد المعرض الحديث عن جناح الأزهر وما يقدمه من فعاليات وإنتاج فكري وعلمي غزير.
القائمون على جناح الأزهر هذا العام لم يغفلوا الاهتمام بالشكل كما اهتموا بالمضمون، وهو ما يمكن ملاحظته بسهولة عند توجهك للجناح، بداية من اختيار موقع متميز والمساحة المثالية ومراعاة وجود عدة مداخل ومخارج تسهل انسياب حركة الزوار، مرورًا بتصميم الشكل الخارجي، واختيار الزخارف والخطوط والتصاميم المستخدمة، التي تعبر عن شخصية الأزهر وروحه المتفردة، ووصولًا إلى استخدام أحدث الوسائل التقنية لتقديم المحتوى العلمي للجمهور، ليجمع بذلك بين عراقة التاريخ والتراث، وبين حداثة الوسائل والأساليب.
تم تقسيم جناح الأزهر إلى عدة أقسام أو أركان تضم مختلف هيئات وأنشطة الأزهر الشريف، ومن أبرز هذه الأركان، ركن "مجمع البحوث الإسلامية"، ويقدم هذا الركن لرواده مجموعة من البحوث والمؤلفات التي أنتجها المجمع ويصل عددها إلى 130 عنوانا بين مؤلفات في اللغة والفقه والفكر والعقيدة.
وألحق بركن المجمع قسم خاص بلجنة الفتوى يتواجد به عدد من علماء الأزهر الشريف، الذين يستقبلون أسئلة الزوار في مختلف الجوانب الدينية، حيث يلقى القسم إقبالًا كبيرًا من زوار معرض الكتاب.
"2018 عام القدس" كان هذا اسم أحد أقسام جناح الأزهر الشريف، وجاء ذلك تفاعلًا مع دعوة الإمام الأكبر في مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس بتخصيص 2018 عامًا للقدس، ويضم القسم مجموعة من المؤلفات التي تؤكد على عروبة القدس، من أبرزها كتاب "عروبة القدس.. ودور الأزهر في نصرتها"، والذي لاقى إقبالًا كبيرًا من الجمهور حيث يعرض معلومات تعد محورية وهامة للتوعية بأبعاد القضية الفلسطينية وعروبة القدس وتفند الادعاءات الصهيونية بالحق في المدينة.
في أحد جوانب المعرض تجد العشرات ملتفين حول أحد فناني الخط العربي ليكتب لهم أسماءهم بخطوط وزخارف جميلة، وقد تمر ساعات طويلة وترجع لتجد هذا الفنان لا زال في مكانه مستمتعًا بإدخال السرور على المئات من زوار جناح الأزهر، حيث كتب في أول يوم فقط أكثر من سبعمائة اسم لزوار المعرض.
ومن الأنشطة التي جذبت أيضًا أعدادًا كبيرة من زوار معرض الكتاب "بانوراما الأزهر"، وهي صالة عرض تستعرض تاريخ الأزهر الشريف بطريقة عرض سينمائية شيقة.
أما الباحثون والمهتمون بمواجهة التطرف فقد وجدوا مبتغاهم في قسم "مرصد الأزهر لمكافحة التطرف" الذي قدم العديد من الإصدارات والأبحاث المتخصصة هذا العام بلغت 15 كتابًا من أهمها، "لماذا تتصدر بوكو حرام الجماعات الأكثر دموية في العالم؟"،"مسلمو بورما"، "العائدون من داعش"، كما يقدم المرصد عددًا من الندوات الثقافية التي يحاضر بها أساتذة وأكاديميون متخصصون لبحث هذه القضايا والنقاش حولها بشكل متعمق.
ويجد الباحثون أيضًا خاصة المهتمين منهم بالتراث والمخطوطات، فرصة نادرة للاطلاع على مخطوطات أصلية نادرة جدًا تعرضها مكتبة الأزهر في المعرض هذا العام، وبعض هذه المخطوطات لا يوجد في أي مكان آخر في العالم.
وأمام الباحثين أيضا فرصة أكبر لإشباع نهمهم العلمي والمعرفي من خلال ركن جامعة الأزهر الذي تتيح من خلاله الجامعة للجمهور التسجيل للاطلاع والاستفادة من حوالي 50 ألف رسالة علمية و200 ألف كتاب موجودة بمكتبة الجامعة المركزية والتي تختلف عن مكتبة الأزهر التي يقع مقرها بالمشيخة.
وأما مجلة نور للأطفال فقد استقطبت عددًا كبيرًا من الأطفال والأسر المصاحبة لهم للاطلاع على المجلة والفعاليات التي تقدمها في ركنها الخاص حيث تقدم لهم المحتوي التثقيفي المناسب لأعمارهم بطريقة شيقة، مع تقديم ألعاب وأنشطة ترفيهية كالرسم والتلوين.
وبجوار المجلة يقع ركن قطاع المعاهد الأزهرية الذي يعرض أعمال الطلاب الفنية والإبداعية التي أبهرت زوار المعرض، كما يعرض قطاع المعاهد مناهج الأزهر بالمراحل المختلفة ويشرح القائمون عليه جهود التجديد والتطوير التي حدثت بالمناهج ومن أبرز هذه المناهج كتاب "الثقافة الإسلامية".
وأقام الأزهر ركنًا خاصًا بالورش التدريبة لتعليم أشكال مختلفة من الفنون مثل الرسم والمشغولات اليدوية والجلدية وتعليم الخط العربي، حيث توافد على هذه الورش عدد كبير من الراغبين بتعلم هذه الفنون من زوار المعرض.
ركن مجلس حكماء المسلمين، الذي يترأسه فضيلة الإمام الأكبر، الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يقع داخل جناح الأزهر بمعرض الكتاب هذا العام ويعرض حوالي 20 كتابًا تناقش قضايا السلام والتعايش المجتمعي والمواطنة.
ويضم جناح الأزهر أيضًا ركنًا خاصة ببوابة الأزهر الإلكترونية، وقاعة الفعاليات الثقافية التي تقام بها ندوات يومية لكبار رجال الفكر والثقافة ويعلن عنها يوميًا ليتاح لزوار المعرض معرفتها وحضورها، كما يوجد بالجناح قاعة مخصصة للإطلاع للراغبين في استعارة الكتب وقراءتها مؤقتًا.