شكلت واقعة انتشار زواج القاصرات بقرى محافظة المنيا، أزمة كارثية تدفع الفتاة ثمنها بمفردها، في أمر دفعها إليه والديها اعتقادًا منهما أن الأمر يحقق لها السعادة ويبعدها عن الانتظار في طابور العنوسة.
وعلى الرغم من أن محافظة المنيا تمثل بها نسبة زواج القاصرات 6.90% والتي تحتل من خلاله المرتبة الرابعة في انتشار الظاهرة علي مستوي الجمهورية؛ وذلك طبقًا لتصريحات صادرة من المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور خالد مجاهد، إلا أن الظاهرة تواصل طريقها في الإنتشار بربوع المحافظة.
ونجحت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن المنيا، من القبض على سائق استغل علاقات والده الذي كان يعمل مأذونا شرعيًا قبل وفاته بعدد من المأذونين داخل وخارج مدينة المنيا، وذلك لتزويج القاصرات بهدف الحصول على مبالغ مالية.
وكان اللواء ممدوح عبد المنصف مدير أمن المنيا تلقى عددا من شكاوى المواطنين، تفيد قيام "أحمد.م.ع" 38 سنة سائق وحاصل على ثانوية أزهرية، مقيم بإحدى قرى مركز المنيا بتزويج القاصرات، وأكدت تحريات المقدم أشرف مطريد رئيس مباحث الأموال العامة التي أشرف عليها اللواء منتصر عويضة مدير المباحث صحة شكاوى الأهالي وأن والد المتهم كان يعمل مأذونا شرعيا بالقرية، واستغل نجله العلاقات الوطيدة بالمأذونين أصدقاء والده وقام بتزويج القاصرات تحت السن مخالفا للقانون بقسائم وعقود زواج.
وبمداهمة منزله تم العثور على 76 عقد زواج مزور على بياض بدون تواريخ و46 إيصال استلام وثائق زواج وعدد كبيرة من بطاقات الرقم القومى وشهادات الميلاد الكمبيوتر وعدد من الشهادات الصحية الخاصة براغبي الزواج وكمية من قسائم الزواج داخل غرفة بمسكنه، وأضافت التحريات أنه اتفق فيما بينهم على إعطائه تلك الدفاتر له على أن يقوم بتحريرها واقتسام المبالغ المحصلة من العروسين التي تتراوح بين 4 إلى 5 آلاف جنيه على كل عقد زواج للقاصرات مناصفة نظير تحرير العقد وعقب اكتمال السن القانونى للقاصرات يتم محاسبتهم على مبالغ مالية أخرى نظير إعطائهم عقود وقسائم الزواج.
وأشارت التحريات الأولية إلى أن المبلغ الرسمى لعقود الزواج أقل من تلك المبالغ المتحصل عليها بكثير، وأنه استغل احتياج القاصرات لإتمام عقود الزواج وخاصة أنه لايتعدى ألف جنيه، ولا يتم كتابة مؤخر أو نفقة زواج كبيرة بالعقد، إلا أنه يحصل على أضعاف العقد عدة مرات، وأن معظم العقود والمحررات مزورة، كما أنه طبع عددا من قسائم الزواج الأخرى ويعمل بها في حين اعترف المتهم بحيازته للمضبوطات وبعض الدفاتر الخاصة بعقود الزواج موضحًا إن العرف في قرى الصعيد أن القاصرات تتزوج في سن مبكرة وأنه كان يحلم أن يكون مأذونا مثل والده إلا أن الحظ خذله فاستغل معرفته بالمأذونين الذين لا يعملون بتقسيم المبالغ معهم وحققت حلمي ".
وتقول الدكتورة نجاح التلاوي، مقررة فرع المجلس القومي للمرأة بالمنيا " ان فرع المجلس بالمنيا شن عدة مبادرات لطرق الابواب بقري مركزي ديرمواس وملوي بجنوب المحافظة للتوعية من ظاهرة زواج القاصرات التي ظهرت بشكل مبالغ فيه بالمركزين إلا أننا أكتشفنا انتشار تلك الظاهرة بكافة قري ونجوع المحافظة ولم تستوطن بمركزي دير مواس وملوي فقط ".
ولفتت مقررة المجلس القومي للمرأة " انه تم رصد العديد من الحالات التي تعاني من زواج القاصرات التي أدت بنهاية المطاف الي فشلها في اثبات زواجها واثبات نجلها بعد ان توفي والده، لافتة الي ان العديد من حالات زواج القاصرات ينجحن فقط في اثبات مولودهم الي أبيه كمولود " إبن فراش " لعدم وجود عقد رسمي للزواج وتفشل الزوج في الحصول علي حقها أو لاعتراف بكونها زوجة لها حقوق لدي زوجها ومجتمعها".
وأوضحت: "أننا بحثنًا كثيرًا عن محاولة عقد ندوات توعوية لتوعية المأذونين بانتشار تلك الظاهرة وان الداعمين لها بعض الماذونين إلا أننا فوجئنًا برد فعل رئيس محكمة بالمنيا برفض المبادرة قائلًا ان ذلك سيوقف مصدر رزق عدد كبير من المأذونين".
واختتمت: "أنه لم ينجح محاربة الظاهرة أو القضاء عليها خاصة بعد ارتفاع قضايا النسب التي تحاصر أزمة زواج القاصرات دون وضع قانون رادع لها".