رصدت "أهل مصر" توافد العشرات من أهالى قرى ومراكز محافظة بني سويف، يوميًا على مقام "الست حورية" المتاخم للمسجد الذي يحمل نفس الاسم، كلًا منهم يقف أمام المقام المرصع بماء الذهي يقرأ القرآن ويدعو من الله أن يلبي مطلبه ويتلمسّون من المكان وصاحبته البركة التى تمتد من "دوحة النبى" إلى من لجأوا لظلال حفيدة الحسين رضى الله عنه.
ضريح ومسجد "طبيبة آل البيت" يقع بقلب مدينة بنى سويف، سُميت منطقتة بأسم صاحبة الضريح "الست حورية" التى لُقبت بهذا الاسم لبقائها بلا زواج حتى وفاتها، وكذلك لجمالها الملائكى، حيث رافقت جيوش المسلمين، وخاضت معهم معركة البهنسا الشهيرة بالمنيا، وحين أصيبت بالحمى وفاضت روحها فى طريق عودتها، دفنت فى بنى سويف، حتى قام محمد بك إسلام أحد وجهاء بنى سويف عام 1905 بالتبرع بقطعة أرض يملكها، لتصبح مقر المسجد والضريح معاً، وقام بالبناء مجموعة من المهندسين الإيطاليين.
يقول محمد عبداللطيف، أحد سكان المنطقة: "الست حورية" هي زينب الحسينية الصغرى، جدها هو الإمام الشهيد الحسين بن على بن أبى طالب، وجدتها هى قرة عين رسول الله، فاطمة الزهراء، أتت مع "جيوش النور" نحو الصعيد، فخاضت المعارك، وداوت الجرحى عُرفت بـ"طبيبة آل البيت" وطمأنت الخائف، وأغاثت الملهوف، وسارت بين الناس بسيرة جدها، دون أن "يمسها بشر"، حتى فاضت روحها مصابة بالحمى فى مدينة بنى سويف، حيث استقر جسدها حارساً لبوابة الصعيد، وجداراً يستند إليه المتعبون وذوو الحاجات.
وأضاف "عبداللطيف": على رغم أن المتشددين "دينيا" منعوا إقامة الموالد فى الأضرحة فى محافظة بنى سويف عقب ثورة 25 يناير إلا أن ضريح السيدة حورية بمسجدها بمدينة بنى سويف لم يستطِع أحد منع إقامة الاحتفال بموالدها بعد أن شكل الأهالى بالمنطقة "لجانا شعبية" لحماية الضريح من المتشددين دينيا والبلطجية من خلال مجلس إدارة المسجد والضريح وعلى رأسهم حسين برانى رجل أعمال، والمستشار الراحل على خلاف المشرفان على الضريح والذى يعاونهما فيه مفتى الجمهورية السابق الدكتور على جمعة لأنه من أبناء بنى سويف.
وأضاف، أنه مع بداية رمضان، من كل عام، تتحول الساحة المواجهة لمسجد السيدة حورية إلى مائدة طعام كبيرة للفقراء وتعتبر أكبر "مائدة طعام فى بنى سويف" روادها يزيدون عن 800 شخص يوميا، وأمام بوابة المسجد يوزع أهل الخير نحو 3000 "شنطة رمضان" فضلاً عن جوائز نقدية لـ 300 من حفاظ القرآن الكريم، فحين يتم الفتى ربع القرآن أو نصفه، يصبح مؤهلاً لدخول "مسجد ستنا حورية" ليبدأ مشواره حاملا لكتاب الله، فيحمل جائزة من إدارة المسجد، وتطلق النساء الزغاريد ابتهاجاً، باعتماد أحد أفراد الأسرة ضمن سلسلة "الحفاظ".
وقالت فاطمة شعيب، إحدى زائرات الضريح: "لم أستطِع تمالك نفسى أو حبس دموعى، كنت أمر بأزمة ضخمة، حيث سقطت ابنتى فريسة لمرض عضال، فأتيت إلى هذا المكان فى رمضان الماضى، ودعوت الله كثيراً أن يمنّ عليها بالشفاء، وعلينا بتفريج الكرب، والآن عرفت أن كربى انزاح وأن ابنتى استجابت للعلاج وتتماثل للشفاء، فدخلت المسجد باكية، وأطلقت زغرودة، وجئت للمقام كى أفي بنذري".