في فضيحة مدوية خرجت مصر من قائمة التصنيف العالمي لدعم التنافسية في مجال التعليم الأساسي، بعدما كانت في المركز قبل الأخير عالميا في آخر تصنيف لها، وذلك وفقًا لتقرير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الذي تجريه المنظمة كل ثلاث سنوات وصدر في مايو الماضي.
ويتم ترتيب دول العالم وفقا لاهتمام كل دولة بعناصر العملية التعليمية، والتي تتمثل في ميزانية التعليم والمعلمين والمدارس والطلاب.
واحتلت سنغافورة في تقرير المنظمة المركز الأول في القائمة، تلتها اليابان، ثم إستونيا وفنلندا وكندا، فيما جاءت دولة الإمارات في المركز الأول عربيًا، تلتها قطر ولبنان والأردن والجزائر وتونس.
قطار التعليم في مصر مايزال متعثرل رهين القضبان على الرغم من مرور ست سنوات على ثورة الـ25 من يناير، التي أطاحت بنظام الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، وهدفت لتغيير خطة واستراتيجية الدولة المصرية في جميع مؤسساتها وأنظمتها، عن قبل إندلاع الثورة في عام 2011، على رأسها منظومة التعليم والبحث العلمي، باعتبارهما سر تقدم كل الأمم، لتتعاقب الحقائب الوزارية التي تتولى شئون الوزراتين على مدار الـ7 أعوام الماضية، أملًا في تغيير وتحسين وضع منظومة التعليم قبل الجامعي والجامعي في مصر.
منذ يناير 2011 وحتى يناير 2018، تغيرت 7 حكومات متتالية بداية من حكومة الفريق أحمد شفيق مرورًا بحكومة الدكتور عصام شرف وبعدها الحكومة الانتقالية بقيادة الدكتور كمال الجنزوري التي سميت حينها بحكومة الإنقاذ الوطني،ثم حكومة الدكتور هشام قنديل التي استمرت 11 شهرًا، ثم وزارة الدكتور حازم الببلاوي ولحقتها المهندس إبراهيم محلب مرورًا بالحكومة الحالية بقيادة المهندس شريف إسماعيل، تغير خلالهما 89 وزراء للتربية والتعليم مقابل و12زيرًا للتعليم العالي، جميعهم أعلن أنه يسعى لتطوير وتغيير استراتيجية التعليم في مصر، إلا أن بعد مرور 7 أعوام كاملة تظل المنظومة التعليمية في حال أسوأ من ما كانت عليه، حيث تتدهور عام بعد أخر بحسب خبراء تعليم ومهتمين بالشأن التعليمي في مصر.
قالت الدكتورة ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب، إنه منذ ثورة 25 يناير حتى الآن لم يحدث تغيرا ملموسا في فكر واستراتيجية عمل وزارة التربية والتعليم، ويرجع ذلك إلى أن الدولة لم تضع التعليم في أول أولوياتها.
وأشارت «نصر» أنه حتى الآن لم تظهر انجازات ملموسة من قبل الدولة تخص وزارة التربية والتعليم، والدليل على ذلك أنه في مؤتمر مصر للتنمية المستدامة للرئيس عبد الفتاح السيسي، لم يذكر التعليم إلا في جملتين فقط، وهما "إنشاء مدارس جديدة، ومشروع المعلمون أولًا".
وأضافت في تصريحات خاصة، أنه رغم تعدد الوزراء داخل وزارة التربية والتعليم، إلا أنه لم يتم اختيار الوزير الأنسب للوزارة، لافتة أن كل وزير يعتمد على تغير نظام من سبقه، مطالبة بضرورة وضع خطط استراتيجية يطبق الوزير قراراته من خلالها، نظرا لافتقاد وجود آليات تنفيذ واضحة لخطط الوزراء السابقين، أو للدكتور طارق شوقي الوزير الحالي التربية والتعليم، والتعليم الفني.
وأشارت الخبيرة إلى أن الوزير اخفق في التغلب على أهم المشكلات المزمنة وهي (الدروس الخصوصية، وغياب الطلاب، وعدم تغير المناهج مع وقتنا الحالي).
ومن حيث البنية التحتية أشارت عضو لجنة التعليم والبحث العلمي بمجلس النواب إلى أن المدارس غير مجهزة بطرق تكنولوجية حديثة، ولا يوجد حلول لها حتى الآن، ومع أهمية وضرورة وزارة التربية والتعليم، إلا إن المواطن لم يجد تطورا ملحوظا مثل غيرها من الوزارات، منوهة أن كل البلاد الفقيرة المتأخرة بدأت بتطوير التعليم، وانعكس ذلك على جميع النواحي سواء اقتصاديًا، أو سياسًيا، أو اجتماعيًا، مثل دولة سنغافورة.
بدوره أكد الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوي بالمركز القومي للبحوث التربوية، أنه قطعًا لم يأتي وزير للتربية والتعليم، والتعليم الفني، منذ ثورة 25 يناير ترك أثرًا ايجابيًا لتغير التعليم، رغم أنه من الأهداف الأساسية للثورة، حينما طالب الشباب من خلال الثورة بتغير "الفساد، والاستبداد، والتوريث، يليهم مباشرة التعليم".
أضاف «مغيث»، أنه رغم تعدد الوزراء إلا إنه لم يبدوا من بينهم من لدية رؤية ثورية لتغير الواقع الهزلي، ومن يؤمن بأن التعليم الكفء هو بداية التغير، وعدم وجود نظام للتعليم يرفع من مكانة مصر بين غيرها من الدول المتقدمة تعليميًا.
وأشار الخبير التربوي، إلى عدم توافر ميزانية كبيرة لوزارة التربية والتعليم، تساعد في تغير المنظومة التعليمية، مؤكدا أن قدرة الوزير محدودة ، أمام قدرة إرداة الدولة من حيث زيادة ميزانية الوزارة، وقرارات تغير المناهج التعليمية، وطرق تدرسها، لافتًا بالأخص إلى إهدار ميزانية التعليم من قبل الدولة، وتقدر بنحو 50 مليار جنيه في السنة، وبنص الدستور للمادة 19 تنص على إجمالي الناتج المحلي قبل الجامعي، المقدر نحو 4%، أي 130 مليار جنيه في السنة، والفرق المهدر لم تستفيد منه الوزارة مطلقًا.
أما بخصوص النظام الخاطيء، المتبع في التعليم فأكد أن الأسس المعوقة للعملية التعليمية المتبعة داخل المدارس تنتمي للعصور الوسطى، وقيمها على ثلاثة مفرادات أساسية هي "أحفظ، تذكر، سمع" ، أما نظم التعليم الحديثة الأنسب هي "لاحظ، فكر، استنتج" وذلك ما يجب اتباعه مع الطلاب داخل المدارس.
نقلا عن العدد الورقي