تزخر محافظة جنوب سيناء بالعديد من الأثار التي تعبر عن العصور الفرعونية والإسلامية والقبطية، هذه الآثار بقيمتها التاريخية إذا تم استغلالها ستصبح من أهم مصادر الدخل القومي للدولة ولكنها كالعادة تعاني تلك الكنوز من الاهمال والتهميش من قبل المسئولين ويري الكثير من شباب المحافظة أن مفتاح التنمية الحقيقية للمحافظة هو الاهتمام بهذه الأثار وجعلها علي قائمة السياحة.
مدينة طور سيناء عاصمة محافظة جنوب سيناء تحتوي على الكثير من الكنوز الأثرية ولكنها غير مستغلة ولم يستطيع المسئولين الترويج لسياحة الأثار وخاصة الأثار الدينية التي تزخر بها المدينة حيث أنها تحتوى على (حمام موسي، مغارة سيدنا موسي، جبل الناقوس، دير الوادي، بئر سيدنا يحي مبني أليات ( مبيت) الرهبان، دير ماري جرجس، منطقة راس رايا الأثرية وبها (جبانه ومقام الشيخ رايا )، بالإضافة إلى عدد من الأديرة والكنائس على جانبي طريق الطور سانت كاترين، التي كانت تستخدم كاستراحات أثناء رحلات السفر الى دير سانت كاترين .
كنوز دير الوادي
يوجد بقرية الوادي التابعة لمدينة طور سيناء وتبعد القرية عن المدينة بما يقرب من 6 كيلو مترات دير هو الوحيد بسيناء الذي تم انشاءه كاملا بالحجر الجيري المصقول كما أنه الدير الوحيد الذى يحتفظ بكل عناصره المعمارية من القرن السادس الميلادي حتى الآن مساحته مستطيلة الشكل بطول 92 متر وعرض53 متر.
وكاد الدير أن يندثر تماما بسبب الإهمال رغم أنه محاط بسور دفاعي عرضه حوالى متر ونصف ويحتوي على أربعة كنائس وثمانية أبراج مربعة وبئر اسطواني للمياه، فضلا عن معصرة للزيتون صنعت من حجر الجرانيت الأسود ويقال أنها كانت مثبتة بوسط الجزء الشمالي وتتكون من حجرين مخروطيين أحدهما يدخل في الآخر ويتم إدارتها أفقيا بواسطة الحيوانات كما توجد رحى داخل الدير كانت تستخدم في طحن الحبوب وهى رحى حجرية كبيرة تدار بواسطة الحيوانات ويجاور الرحى فرن مستديرة لعمل الخبز.
وبالدير وفرن صغير لعمل القربان المستخدم في القداس داخل الكنائس، كما تم رصد بئر للمياه اسطواني الشكل مغطى أعلاه بأحجار منتظمة كان يعلوها عقدان على الجانبين كانا مخصصين لتركيب ساقية لرفع المياه.
الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الأثار بجنوب سيناء، قال إن دير الوادي من أجمل الأديرة المكتشفة بسيناء فهو تحفة معمارية فريدة بنى في عهد الإمبراطور جستنيان منذ القرن السادس الميلادي ويجاوره على بعد 200م بئر ذو مياه عزبة، يطلق عليه «بئر يحيى»، وعلى بعد 3كم من هذا الدير يقع حمام موسى ذو المياه الكبريتية الدافئة.
وأشار ريحان إلى أن دير الوادي ذكر في رسالة بعث بها البابا يوحنا رئيس دير الطور إلى مطران دير سانت كاترين يوحنا الثاني عام 1164م باللغة العربية وعرف من هذه الرسالة أنه كان يوجد بالطور مجموعة من صوامع الرهبان.
وأضاف الأثري أنه تم العثور بإحدى الحجرات التي توجد بالجزء الجنوبي الشرقي من الدير على مجموعة أطباق كاملة من الخزف ذو البريق المعدني الفاطمي وصنج زجاجية بأسماء الخلفاء الفاطميين، منهم المستنصر بالله مما يدل على أن الدير ظل عامرا حتى العصر الفاطمي ثم تحول الدير إلى مقبرة للمسيحيين من طائفة الروم الأرثوذكس القاطنين بالمنطقة .
وتابع «يحتوى دير الوادي على 96 حجرة تقع خلف سور الدير وهذه الحجرات بعضها قلايا للرهبان والأخرى حجرات للحجاج الوافدين للدير للإقامة فترة بالدير وزيارة الأماكن المقدسة بالطور، قبل التوجه إلى دير سانت كاترين ثم إلى القدس».
وطالب ريحان المسئولين بترميم الدير واستغلاله في ترويج السياحة الدينية التي يولع بها ويعشقها الملايين من دول الغرب، لافتا إلى أن موقعه يتوسط العديد من الأماكن الأثرية الدينية مما سيساعد على انتعاش مدينة طور سيناء سياحيا .
والسؤال الذى يطرح نفسه لماذا يتم تجاهل هذه الآثار ؟ وبالتحدث مع البدو قاطني قرية الوادي عبروا عن أسفهم لهذا التجاهل من المحافظة ومن وزارة السياحة رغم أن هذه المنطقة كانت مزارا للسياح فى الماضي وكان الشباب من أبناء البدو يتكسبون من العمل بهذه المزارات السياحية أما الآن فقد تم تجاهلها بالإضافة إلى نهب بعض الآثار التى كانت موجودة بها امن قبل اللصوص وتهريبها وبيعها بثمن بخس .
حمد سليمان، يقطن بالقرب من الدير في وادى طور سيناء، قال إنه تربى في منزله ومنذ صغره يرى هذا الدير مهملا على مر السنوات حيث اكتفي المسئولين بوضع أسلاك شائكة حوله فقط مطالبا بترميمه وجعله مزارا سياحية مما يعود بالخير على أبناء وشباب قرية الوادي .
وأكد حمزة أبو بريك، أحد سكان قرية الوادي، أنه شاهد رحلات كثيرة لطلاب الجامعات التي تأتى لدراسة الأثار الدينية في سيناء في دير الوادي، مما يدل على أهميته التاريخية والدينية، مناشدا المسئولين بترميمه وتطويره وجعله مزارا سياحيا دينيا تستفيد منه الدولة ويستفيد المواطنين بقرية الوادي من خلال العمل في المجال السياحي حتى لا نطالب الدولة بوظائف حكومية .
ومن جانبه قال المحاسب فوزى همام، رئيس مدينة طور سيناء، إن المدينة تزخر بالآثار الإسلامية ولكنها غير مستغلة بالشكل الذي يدر دخلا للدولة وللمواطنين، لافتا أن منطقة «دير الوادي» تم تسليمها لهيئة الأثار استعدادا لترميمها وجعله مزارا للسياحة الدينية بالمدينة ولكن حتي الآن لم يتم أي اجراء للاهتمام بالدير .