«السجن تهذيب وإصلاح وتعليم».. جملة علقت بذهن أحمد وهو في طريقه لقضاء عقوبة داخل دار الأحداث بالإسكندرية.
قرر «أحمد» أن يتعلم صنعة تساعده بعد الخروج وبالفعل وجد كل الظروف مهيأة لذلك من توافر الورش والمعلمين والوقت وأهم من ذلك كله الالتزام والانضباط.
سريعا صار أحمد نقاشا ماهرا، خرج من الدار ليعمل بجد وتفان واستطاع السفر لإيطاليا وهو يعمل حاليا نقاشا فى بلاد الروم، دون أن ينسى فضل معلميه في الأحداث.
وعلى نفس خطى أحمد صار «فؤاد» أصغر حدث يحفر فى الخشب فرغم المحنة التى واجهت أحمد ورمضان وفؤاد فى مقتبل عمرهم، إلا انهم استطاعوا أن يحولوها إلى منحة، هكذا بدأت قصتهم.
وفى ظل انتشار أطفال الشوارع، الذين يعيشون بمفردهم فى تلك الحياة دون أب ينفق ولا أم تحنو وتربى، ولا مدرسة تعلم، انتشرت وتعددت فى الفترة الاخيرة، ظاهرة القبض على الأطفال الأحداث فى قضايا مختلفة، يأتى فى مقدمتها التسول والشذوذ الجنسى والسرقة والاغتصاب وغيرها، ليتم عرض هؤلاء الأطفال على النيابة وتتم محاكمتهم وإيداعهم فى دور الأحداث، لتقويمهم وإصلاحهم وتعليمهم .
وكشف مصدر بالدار عن المهن التى توفرها للأطفال المحتجزين فيها، وهي مهنة النجارة ومهنة الحدادة والدوكو «النقاشة»، والتقت «أهل مصر» أحد العاملين بالدار والذى طلب حجب اسمه.
وقال إنه يوجد لدى الدار ورشة كاملة ومجهزة لكل مهنة، سواء كانت النجارة أو الحدادة أو الدوكو، ومنذ وفود الطفل الحدث إلى الدار يتم بحث ميوله وموهبته وتوجيهه إلى المهنة التى تناسبه، كما تراعى الدار مواصفات الطفل من حيث الطول والجسم وخلافه.
ولفت الى أن الدار تستعين بأحد المتخصصين فى المهنة المتوافرة، ليتولى تعليم الأطفال تلك المهن، ويتم عمل تدريب على المهنة ويقوم المعلم المتخصص بالعمل وسط الأطفال حتى يكسبهم المهنة.
وأضاف المصدر «عندنا أولاد بداية من سن 10 سنوات و12 سنة متمكنين فى الحرف التى تعلموها، ويقومون بالتصميم والعمل بمفردهم، فمنهم من يعمل فى النجارة واصبح نجار (معلم) يستطيع تصميم الأبواب والشبابيك وتصميم الكراسى وغيرها من الأشكال الخشبية، بجانب إمكانية تركيب الباب والشباك».
وكشف المصدر عن أشهر حدث خلال الفترة الماضية وهو الطفل «أحمد .م»، الذي تم القبض عليه فى قضية هتك عرض وتمت محاكمته، وإيداعه بدار الأحداث ومن هنا تحولت حياته من النوم على الرصيف والتسول والسرقة إلى قصة نجاح.
فى أول أيام أحمد فى الدار كان لا يكف عن البكاء ويشعر انه فقد كل شىء لكن سرعان ما تحولت حالته واتجه إلى تعلم مهنة الدوكو وبدأ يمارس المهنة بكل حب وفى خلال شهور اصبح اشهر طفل يمتهن المهنة فى الدار بشهادة معلمه وبشهادة الشغل الذى يخرج من تحت يديه.
عندما بلغ أحمد 18 سنة خرج من الدار ومعه حرفة تعينه على أعباء الحياة.
وتابع المصدر«استطاع أحمد الحصول على تأشيرة سفر إلى دولة إيطاليا للعمل بها بمهنة الدوكو وهو الان يعمل هناك بنجاح».
وفى مجال النجارة اشتهر داخل دار الأحداث طفل يدعى «رمضان.ع» وشهرته «الفنان»، اشتهر فى الدار بقدرته العالية على تعلم مهنة النجارة فى فترة وجيزة، واصبح يصمم «الشغل» بنفسه ويتقاضى راتبا على عمله كنجار داخل الدار.
أما عن الطفل المعجزة «فؤاد» فقد استطاع أن يرسم على الأخشاب ويصمم فورمات وأشكالا مختلفة من الأخشاب، وكذلك الحفر على الخشب لعمل انتريهات وكراسى بأشكال مختلفة بجانب الديكورات المصنوعة من الأخشاب، التى تصمم من أجل الزينة، واللوحات المزخرفة من الخشب والبورتريهات الخشبية .
نقلا عن العدد الورقي.