حبتها الطبيعة بجمال فريد وساحر ومنحتها السماء قدسية خاصة بعدما كلم الله موسى عليها، هي مدينة سانت كاترين بمحافظة جنوب سيناء، التي تقع أعلى هضبة ترتفع 1600 متر فوق سطح البحر بمنطقة جبلية وعرة المسالك وتبعد المدينة 300 كم عن قناة السويس وتبلغ مساحتها 5130 كم مربع .تحيط بسانت كاترين مجموعة جبال هي الأعلى في سيناء وفي مصر كلها أعلاها قمة جبل كاترين وجبل موسى وجبل الصفصافة، إضافة إلى مناخها المتميز المعتدل في الصيف وشديد البرودة خلال الشتاء مما يعطي لها جمالاً خاصا عندما تكسو الثلوج قمم الجبال وأرض المدينة .أعلنت وزارة البيئة المدينة محمية طبيعية لما لها من أهمية طبيعية وتاريخية ودينية يعمل معظم سكان المدينة بأعمال الزراعة والرعي والخدمات السياحية وتشتهر المدينة بالسياحة الدينية وسياحة السفاري وتسلق الجبال ويوجد بها دير سانت كاترين وجبل موسى ومقام النبي هارون وغيرها من الآثار الدينية وتعتبر أكبر محمية طبيعية في مصر من حيث المساحة.سليمان الجبالي، ابن قبيلة الجبالية بسانت كاترين ويعمل في مجال الارشاد السياحي، قال إن الطقس في منطقة جبل كاترين يتميز دائما بالبرودة بحكم ارتفاعه عن سطح البحر حيث تنخفض عليه درجات الحرارة ليلا إلى ما يقرب من 10 درجات مئوية صيفا وتقل شتاء إلى 8 درجات تحت الصفر وتتساقط الثلوج علي جميع ربوع المدينة خلال فصل الشتاء حتي تغطي جميع المنازل.وأشار الجبالي إلى أن السائحين يحرصون علي مشاهدة «المدينة البيضاء» خلال تساقط الثلوج عليها والتقاط الصور التذكارية، بجانب الفرحة العارمة التي تعم جميع مواطني المدينة الذي يعتبرون المطر والثلج مصدر للخير لتوافر المياه ونمو النباتات الطبيعية لرعي الإبل والماعز والأغنام .وأضاف أن المدينة تضم قريتين رئيسيتين هما «الطرفة» وتقع على بعد 23 كم اتجاه مدينة أبو رديس وقرية السعال على بعد 50 كم من دير سانت كاترين يتبعهما 31 تجمعا بدويا ويعيش بها ما يقرب من 9 آلاف نسمة موزعين على 37 وادي يعمل معظمهم بأعمال الزراعة والرعي والخدمات السياحية.وتابع: تنتشر بالمدينة المناظر الطبيعية بما فيها من جبال وأودية تجعل السير فيها متعة للنفس والتي أدت إلى انتشار رحلات السفاري بالمدينة لراغبي الاستمتاع بالطبيعة ومن أشهر الجبال بالمنطقة جبل البنات وهو جبل عظيم تجاه سريال و يفصل بينهما وادي فيران وجبل موسى الذي يعلو نحو 7363 قدم فوق سطح البحر وأطلق عليه هذا الاسم نسبة إلى نبي الله موسى عليه السلام الذي اعتلى الجبل لمدة أربعين يوم يناجي ربه ويتسلم الرسالة وشيدت على قمته كنيسة صغيرة وإلى جوارها جامع صغير.أما جبل سانت كاترين فهو من أعلى جبال مصر حيث يبلغ ارتفاعه 8563 قدم فوق سطح البحر وسمي كذلك لأنه كما ورد في تقاليد الرهبان أن الملائكة قديما حملت جثة القديسة كاترين من مكان استشهادها في الإسكندرية عام 307م ونزلت بها إلى هذا الجبل و لم يبق منه حاليا سوى الجمجمة وعظم إحدى اليدين وهما محفوظتان في صندوقين داخل الكنيسة كما يمكن لمن يعتلي قمة الجبل أن يشاهد على مرمى البصر خليج العقبة وخليج السويس.من جهته أكد خالد عليان، مدير عام أثار كاترين أن المدينة تزخر بالعديد من المناطق الأثرية التي ترجع الي عدد من العصور المختلفة منها دير طور سيناء أو "دير القديسة كاترين الأرثوذكسي" وهو الدير المسيحي الأقدم الذي حافظ على وظيفته الأساسية ويقع عند قدم جبل حوريب المذكور في العهد القديم حيث حصل موسى على لوح الوصايا مما جعل هذا المكان مقدس من قبل المسلمين والمسحيين ويدعونه بجبل موسى والمنطقة مقدسة للديانات السماوية الثلاث اليهودية والمسيحية والإسلام ويرجع تأسيس الدير للقرن السادس.وأكد عليان أن الدير تقصده أفواج سياحية من جميع بقاع العالم ويديره رئيس الدير وهو أسقف سيناء والذي لا يخضع لسلطة أية بطريرك أو مجمع مقدس ولكن تربطه علاقات وطيدة مع بطريرك القدس لذلك فإن اسمه يذكر في القداسات، مشيرا الي أن رهبان وكهنة الدير من اليونانيين وليسوا عربا أو مصريين شأنهم شأن أساقفة كنيسة الروم الأرثوذكس في القدس التي يسيطر عليها اليونانيين من عهود طويلة وفي عام 2002 قررت لجنة اليونسكو إدراج المنطقة ضمن قائمة التراث العالمي.ولفت «عليان» أن أقدس مكان في الكنيسة هو «هيكل الشجرة»، الذي يعتقد أن موسى وقف فيه عندما تجلى الله له وخاطبه وتتمثل باقي أبنية الدير في الكنيسة الصغيرة التي شيدت فوق جبل موسي كما توجد بالدير«كنيسة الموتى» وهي حجرة لحفظ جماجم الموتى وكنيسة العليقة التي توجد خلف كنيسة الدير الرئيسية وبجوار العليقة المقدسة مقام النبي هارون يوجد مسجد الحاكم بأمر الله وهو مسجد صغير أمام الكنيسة الرئيسية بنيت من اللبن والحجر الجرانيتي في عهد الفاطميين ويقع بجوار الكنيسة الكبرى.الدكتور محمد قطب، مدير عام محميات جنوب سيناء بدروه قال إن محمية كاترين تمتلك تراثا حضاريا فريدا، يتمثل في دير سانت كاترين بمحتوياته المعمارية وكنوزه الفنية والأثرية وبالجبال المقدسة ذات الأهمية الدينية، فضلا عن بعض الآثار الدينية الأخرى مثل قبر النبي صالح وقبر هارون .
كتب : جنوب سيناء: زياد حمادة