كوارث الطائرات، والتهديدات اﻹرهابية المستمرة، دفعت صناعة السياحة المتدهورة فى مصر إلى الحضيض.
اقتصاد البلد الواقعة فى شمال إفريقيا يواجه خطر الانهيار، مع عزوف السياح عن زيارة الأهرامات الشهيرة، وخلو منتجع شرم الشيخ من المصطافين، تلك اﻷحداث دفعت صحيفة "ديلى ميل" البريطانية لرصد حال السياحة فى مصر قبل سقوط الطائرة الروسية، واﻵن.
تحطم طائرة مصر للطيران، الذى أسفر عن مقتل 66 شخصا، كان آخر ما تحتاج إليه مصر التى ينظر إليها حاليا على أنها "منطقة محظورة" بعد عدد من هجمات اﻹرهابية التى تبنتها داعش.
سبب الكارثة التى أسقطت طائرة "'مصر للطيران" الخميس الماضى فى البحر الأبيض المتوسط لا يزال مجهولا، وفى أكتوبر الماضى أسقطت طائرة روسية فوق شبه جزيرة سيناء بعد إقلاعها بقليل من مطار شرم الشيخ.
وقال بوب اتكينسون مدير أحد الفنادق بشرم الشيخ: إن الفنادق خفضت الأسعار إلى أقل من 18 جنيهًا إسترلينيا فى الليلة لجذب السياح.
وقالت "أماندا ديبول" امرأة بريطانية قضت إجازاتهم فى السابق فى مصر، وتونس، وتركيا: "فى جميع هذه البلدان وقعت حوادث كبرى جعلتنا نشعر أن الخطر أصبح كبيرًا جدا".
وتشهد مصر على وجه الخصوص موجة من العنف خلال السنوات الأخيرة.
وبعد ثورة 25 يناير فى 2011 التى أطاحت بالرئيس السابق حسنى مبارك، عمت البلاد أشهر من المظاهرات والفوضى، كما يشن فرع تنظيم الدولة الإسلامية فى سيناء المعروف إعلاميا "بداعش" هجمات بشكل كبير على قوات اﻷمن، بجانب السياح.
وحظرت الحكومة البريطانية رحلات السفر من وإلى شرم الشيخ عقب سقوط الطائرة الروسية فى أكتوبر الماضى، كما انخفض عدد السياح الروس بشكل كبير.
أين ذهب السياح؟
على ما يبدو كانت البرتغال وإسبانيا المستفيد الرئيسى، بجانب اليونان التى شهدت أرقام السياح زيادة طفيفة.
فى شرم الشيخ بعض مديرى الفنادق يسعون لتقديم الكثير من المميزات والخصومات لجذب السياح، وقال مالك مقهى في: "شرم الشيخ ماتت.. الفنادق الكبرى تقدم الآن أسعارا وعروضا سخية جدا.. العمل السياحى انخفض بنسبة 90 %".
وأضاف: "يوجد عدد قليل من السياح الأوكرانيين، ولكن لا يوجد بريطانيون أو روس".
شرم الشيخ فارغة، مناطق التشمس وحمامات السباحة فى الفنادق أصبحت مهجورة، وبدلا من السياح تنمو الحشائش.
من جهة أخرى، الجمال والخيول التى كان يمتطيها السياح تقف حاليا بلا عمل وتأكل من صناديق القمامة.
العديد من المحلات فى السوق القديم بشرم الشيخ فارغة، والمطاعم تظل مفتوحة فى كثير من الأحيان ولكنها مهجورة، نحو 6 ملايين شخص كانوا يعملون فى مجال السياح بشرم الشيخ هجروا المنتجة، ولم يبقَ إلا السكان اﻷصليون الذين يقدرون بحوالى 300 ألف فقط.
وقال أحد العاملين فى مجال السياحة، الذى طلب عدم الكشف عن هويته: "شرم الشيخ الآن مدينة أشباح، أمر محزن أن نرى ذلك يحدث بهذه الطريقة".
ويقول أحد الخبراء: "صناعة السياحة حاليا فى كارثة".
وقال الدكتور يجانيه موراكاباتى من جامعة بورنموث: "السياحة كانت ولا تزال حاسمة بالنسبة إلى المصريين، والسماح بوقوع كوارث أخرى يمكن أن يكون قاتلا لما تبقى من صناعة السياحة".
زار مصر خلال فبراير الماضى 346 ألفا و500 سائح، مقابل 640 ألفا و200 فى فبراير 2015، بحسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، بانخفاض حوالى 46 %.
وقد شوهد نفس التأثير فى تونس، حيث كان هناك انخفاض بنسبة 90 % فى عدد الزوار البريطانيين خلال الفترة من يناير حتى أبريل فى أعقاب الهجمات على السياح فى منتجع سوسة الساحلى قبل عام.
الحكومة المصرية تسعى للحفاظ على مجال السياح، وكانت مترددة فى الاعتراف بالمشاكل الأمنية، وسعى وزير السياحة يحيى راشد للتهوين من شأن تأثير أحدث حادث تحطم الطائرة الروسية على صورة مصر.
قال الموقع "فويس أوف أمريكا" الأمريكى، إن السياحة المصرية تحاول التعافى منذ سقوط الطائرة الروسية بشبه جزيرة سيناء، ولكن جاء حادث سقوط طائرة مصر للطيران يوم 19 مايو الماضى فوق البحر المتوسط بمثابة نكسة وضربة قاسمة أخرى للسياحة.
وأشار الموقع فى سياق تقريره بعنوان "سقوط الطائرة عثرة آخرى فى طريق انتعاش مصر" إلى التكهنات التى تقول إن سقوط الطائرة جاء بعد عمل إرهابى مثلما حدث العام الماضى مع الطائرة الروسية.
وتابع، إذا ثبت فعلا أن الحادث جاء بعد عمل إرهابى فسيكون الثالث من نوعه الذى يستهدف زوارًا أجانب خلال الـ12 شهرًا الماضية، مؤكدا أن الاقتصاد المصرى يعتمد اعتمادا كبيرا على السياحة، حيث أنها تشكل 11% من جملة اقتصاد البلاد.
وأوضح الموقع أن مجلس السياحة والسفر العالمى أكد أن السياحة تراجعت 4% فى العام الماضى، ومن المتوقع أن تنخفض بنفس النسبة خلال هذا العام.
واختتم الموقع مؤكدا أن الحادث يهدد جهود مصر فى تحسين الأمن وإعادة الزوار الأجانب للبلاد.