بلد بتاعة صفقات صحيح.. ساويرس يتنازل عن "ON TV" مقابل "بنك" وأراضي بولاق (2)

كنا قد فتحنا ملفًا شائكًا عن أبرز الصفقات التي أبرمت مؤخرًا ودارت حولها العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام الكبرى، فبعد أن سلطنا الضوء على صفقات بيع واندماج عدد من القنوات الفضائية، نرصد في السطور التالية صفقة جديدة لاقت الكثير من الاهتمام.

الصفقة بطلها أيضاً رجل الأعمال المثير للجدل نجيب ساويرس، فيما تدور حلقاتها حول رغبته في الاستحواذ على شركة "سي. آي كابيتال" التابعة للبنك التجاري الدولي.

رغبة ساويرس في الحصول على البنك جعلته يفتعل أزمة حادة ويطلق نيران مدافعه الإعلامية على محافظ البنك المركزي طارق عامر، متهماً إياه بعرقلة الإستثمار الخاص بمصر، في إشارة إلى منافسة البنك الأهلي له على شراء "سي. آي كابيتال".

ساويرس أعلن خلافه مع البنك المركزي ومحافظه طارق عامر، على صدر صفحات الجرائد، حينما حمل مقاله الأسبوعي في جريدة الأخبار، والذي نُشر السبت الموافق 26 من مارس الماضي، عنواناً يتهم فيه عامر صراحة باستخدام سلطاته، التي منحتها له الدولة لأغراض شخصية، حيث جاء المقال تحت العنوان التالي: "ماذا إذا أساء محافظ البنك المركزي استخدام السلطة المخولة له لنوازع شخصية".

كثير من المحللين رأي في الأزمة، التي أثارها رجل الأعمال نجيب ساويرس، على صفحات الجرائد، والإتهامات التي صوبها تجاه محافظ البنك المركزي، تحدياً واضحاً لسيادة الدولة، ممثلة في ذراعها الإقتصادي وهو البنك المركزي، ساعياً إلى جعلها قضية رأي عام، وليست مجرد مشكلة تخصه كمستثمر، همه الأول والأخير، هو تعظيم ربحه وتضخيم ثروته وأمواله.

عبد الرحمن بركة أحد أهم الإقتصاديين بمصر، وأمين اتحاد البنوك السابق، كان قد أكد في تصريحات خاصة لبوابة "أهل مصر" أن القضية ترجع في الأساس، إلى رغبة رجل الأعمال "نجيب ساويرس" في الإستحواذ على سوق المال بمصر بعد أن أحكم سيطرته على الإعلام أو يكاد.

وأضاف بركة أن هذه القضية، بدأت منذ فترة وليست وليدة اليوم، كان آخر فصولها تلك المتعلقة بمحاولة ساويرس شراء شركة "سي. آي كابيتال" التابعة للبنك التجاري الدولي عن طريق شركته "بلتون" للأوراق المالية، بهدف إحكام قبضته على سوق التمويل، في حين تقدم البنك الأهلي لشراء الشركة نفسها.

وهنا يوضح بركة وجهتي نظر طرفي القضية، وهما البنك الأهلي، ونجيب ساويرس حول إشكالية الإستحواذ على شركة "سي. آي. كابيتال"، مؤكداً أن البنك الأهلي أرجع أسباب سحبه طلب شراء الشركة إلى عدم كفاية الوقت لإجراء دراسة وافية للصفقة، رداً على ما قاله ساويرس، بأن السبب الرئيسي وراء إنسحاب البنك الأهلي من الصفقة، هو توجيهات صادرة من رئيس الوزراء في هذا الشأن.

وأشار بركة إلى أن مثل هذه الصفقات يجب أن تمول عن طريق جذب رؤس أموال، واستثمارات ومستثمرين جدد، لا عن طريق البنوك العاملة بالبلاد، وذلك بغرض زيادة ضخ العملة الأجنبية في السوق المصري، فيما حاول رجل الأعمال نجيب ساويرس، تمويل صفقته لشراء شركة "سي. آي. كابيتال" عن طريق الإقتراض من بنك مصر، وبذلك لم تستفد الدولة أو السوق المصري من هذه الصفقة.

وأكد بركة أن محافظ البنك المركزي، يضع قواعد من شأنها زيادة الإستثمار، وإعادة ضخ أموال جديدة داخل البلاد، في حين يخالف رجل الأعمال نجيب ساويرس، هذا المبدأ الإقتصادي في الوقت الذي تحتاج فيه الدولة مزيداً من الأموال والإستثمارات الأجنبية.

وشدد أمين اتحاد البنوك السابق، عبد الرحمن بركة، على أن ما يحدث الآن لايعدو كونه معتركاً كلامياً وهجوماً غير مفهوم، داعياً رجل الأعمال نجيب ساويرس، إلى العمل على جذب رؤس أموال خارجية، حال رغبته فى تحسين إقتصاد البلاد، وعودته ثانية إلى مرحلة الأمان لا أن يهدد بسحب إستثماراته منها.

وفيما يتعلق بتهديد رجل الأعمال "نجيب ساويرس" بمقاضاة محافظ البنك المركزي طارق عامر بسبب قراراته بشأن تغيير رؤساء البنوك، أكد عبد الرحمن بركة إن تغيير رؤساء البنوك، حق أصيل للبنك المركزي، ولا يحق لرجال الأعمال التدخل في هذا الشأن، وأن القرار يعيد تنظيم عمل البنوك من الداخل، ويؤدي إلى تحسين جودة العمل فيها، موضحاً أن الجمعيات العمومية بالبنوك الخاصة، هي صاحبة الحق في اختيار الرئيس التنفيذى شريطة موافقة البنك المركزي.

وكان رجل الأعمال نجيب ساويرس قد هدد بسحب استثماراته من مصر، على خلفية مشكلة صفقة استحواذه على شركة "سي آي كابيتال"، والتي تعد أكبر بنك استثماري في مصر. كما هدد ساويرس بمقاضاة محافظ البنك المركزي طارق عامر بسبب قراراته بشأن تغيير رؤساء البنوك، والتي تقضي بألا تزيد مدة عمل الرؤساء التنفيذيين للبنوك العامة والخاصة في مصر على 9 سنوات سواء متصلة أو منفصلة.

وفي حادثة لم تكن بالجديد على رجل الأعمال الذي اعتاد أن يلقي باتهامات في وجه الجميع، الواقعة هذه المرة تخص جيرانه من سكان "رملة بولاق"، الذين يسكنون المنطقة المتاخمة لأبراج ساويرس المطلة على كورنيش النيل والمعروف للجميع بأبراج "نيل ستي".

ساويرس صب جم غضبه على سكان منطقة رملة بولاق خاصة والمناطق الشعبية عامة، واتهم إياهم خلال مداخلة هاتفية له مع برنامج "العاشرة مساء" الذي يقدمه الإعلامي "وائل الإبراشي" على فضائية "دريم" بالبلطجة والاتجار في المخدرات، مطالباً بإبعادهم عن القاهرة لتحسين صورتها الجمالية، قائلاً: "مش هتتنضف البلد دي غير ما يطلع قانون بإزالة العشوائيات وإن الناس اللي ساكنين فيها يسكنوا في نفس المكان".

وأضاف ساويرس أن سكان منطقة بولاق الرملة من متعهدي الإجرام والسرقات وتجار المخدرات، وفيما يتعلق ببيعه قناة "ON TV" أكد رجل الأعمال أنه لم يتعرض لأية ضغوط من أي نوع للتخلي عن القناة، قائلًا "ساويرس لا يقبل الضغط"، وأضاف أنه باع القناة لعد إستطاعته إرضاء الحكومة أو الشعب، في إشارة ضمنية إلى وجود تدخلات من جانب الحكومة قد مورست عليه خلال إدارته لـ "ON TV" ، قائلًا "أنا زهقت ومتضايق من الوضع العام مش عاجبني".

أما الصفقة هنا، فقد فسر محللون كثر أبعادها وملامحها الأساسية في أن يتم استحواذ نجيب ساويرس على شركة "سي. آي كابيتال" التابعة للبنك التجاري الدولي مقابل تنازله عن ملكية الشركة المالكة لقناة "ON TV" ، وهو ما تم بالفعل عبر قيام رجل الأعمال ببيع الشركة إلى أحمد أبو هشيمة مالك شركة "حديد المصريين" والمقرب بشكل أو بآخر من النظام، والذي يملك نسبة لا بأس بها من أسهم صحيفة وموقع اليوم السابع، إضافة إلى شبكة قنوات "النهار"، ليكون الوريث الشرعي لرجل الأعمال نجيب ساويرس في مجالي المال والإعلام.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
وزير الخارجية الإسرائيلي: منع الأمين العام للأمم المتحدة من دخول تل أبيب